عبد العزيز حسين عبد العزيز حسين

العلاقة الجدلية بين الوحدة الوطنية ووحدة الشيوعيين السوريين

إنه لمن الطبيعي والمفروض أن يكون الشيوعيون في طليعة المناضلين, من أجل التلاحم بين جميع القوى الوطنية والتقدمية والديمقراطية, داخل الجبهة الوطنية التقدمية أو خارجها, وذلك من أجل تمتين الجبهة الداخلية, وتعزيز الوحدة الوطنية, لمواجهة الهجمة الامبريالية ودولة الكيان الصهيوني, والرجعية العربية, ضد مشروعهم الخطير- الشرق الأوسط الكبير – هذا المشروع الذي يلاقي الرفض والمقاومة والاستنكار, من كل القوى الوطنية في المنطقة والعالم.

وإنه لمن الأولى أن يكون الشيوعيون من أشد المناضلين لتحقيق وحدتهم, وحدة الشيوعيين السوريين, كي يكون دورهم الوظيفي والكفاحي أكبر في تحقيق الوحدة الوطنية, ومواجهة الأخطار المحدقة, وأن الشيوعيين في وضعهم الراهن, من الانقسامات لا يمكن أن يلعبوا الدور المطلوب منهم تاريخيا , كما في كل المراحل السابقة .
وهنا عندما أتحدث عن وحدة الشيوعيين فأنني لا أقصد العقلية القديمة المتحجرة ولا الممارسات الخاطئة التي كانت تمارس من قبل بعض من القيادات, فمن الطبيعي أن يكون هناك تباين في وجهات النظر, و أحياناً حلافات واجتهادات, داخل الهيئات الحزبية عند مناقشة أي موضوع, ولا بد من تطوير الكثير من المفاهيم والمقولات, وكلنا قرأنا ما قاله أنجلز عن البيان الشيوعي بعد مرور خمسة وعشرين عاماً على صدوره: هناك بعض الفصول يجب رميها للفئران) لأنها أصبحت بالية، ومن المعروف كما دلت الكثير من التجارب السابقة, هناك بعض من القيادات كانت وما زالت تعمل من حيث الجوهر ضمن أساليبها القديمة, لعرقلة تحقيق أي خطوة نحو وحدة الشيوعيين السوريين, وذلك خوفاً على مصالحهم ومراكزهم وامتيازاتهم.
حقيقة, إن هذا الوضع في الحركة الشيوعية السورية, ومثل هذه الممارسات والأساليب والأخلاق, والمفاهيم المتخلفة والمتحجرة لم يعد مقبولاً من قبل أحد من الشيوعيين ولا يمكن أن يستمر, ولا بد من وحدة مبدئية تبدأ من القواعد الصادقة والمخلصة , وهناك الكثير من الشيوعيين إن لم أقل الأكثرية, داخل كل الفصائل, (وخاصة من الشيوعيين التاركين) يبحثون ويناضلون من أجل تحقيق وحدة الشيوعيين السوريين بدءاً بالقواعد, وهذا هو الأهم, وفي نشاطات تنسيقية جماهيرية مطلبيه واحتفالات مشتركة بالمناسبات الطبقية والوطنية والأممية, والاعتصام المشترك بين الرفاق في اللجنة الوطنيةلوحدة الشيوعيين السوريين مع الرفاق – فصيل يوسف فيصل – في محافظة الحسكة تضامنا مع المقاومة اللبنانية الباسلة ضد العدوان الأميركي الإسرائيلي الوحشي على لبنان مثال يحتذى.

أن مثل هذه النضالات الجماهيرية المشتركة, تساعد كثيراً على التخلص من الأجواء المؤسفة التي يعاني منها الشيوعيون السوريون والتي نشأت خلال عشرات السنين, كالتخوين, والتصفيات, والإساءة, والتشهير, والإيقاع, وغيرها من الممارسات التي لم يكن يستفيد منها ألا أعداء الحزب وهي بعيدة كلياً عن الأخلاق الشيوعية.
 ولقد ساهم الكثير منا حسب المستويات, وبهذا القدر أو ذاك, سوءا كنا نعلم أو لا نعلم عن قصد, أو عن غير قصد , بهذه الممارسات التي كانت لا تخدم أبداً الحزب وأهدافه ومبادئه, وإن جميعنا بات يعلم الآن من كان يتحمل المسؤولية الأساسية في نشر تلك الثقافة وتلك الأجواء التي بسببها تمت الانزياحاتبين الفصائل في دورة متواصلة وهي التي يعتبرها بعضهم نقيصة إنما هو بحثا عن الحقيقة والمبدئية وبصيص أمل نحو وحدة الشيوعيين.

إن الانتكاسات والتراجعات التي حدثت لا بد أن تكون عبرة لجميع الشيوعيين, وكذلك التطورات السياسية والفكرية والعلمية, لابد من الاستفادة منها وملاقاتها وألا ستفوتنا القاطرة.
لم يعد مقبولاً من الشيوعيين هذا الوضع التي تعيشه الحركة الشيوعية في سورية، فالفكر الماركسي هو فكر الحياة, جوهره المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية, فالماركسية ليست أبداً نظرية جامدة, ومتحجرة, فهي تخضر مع اخضرار الحياة.
بالأمس عقدت اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين اجتماعها السادس الذي حضره أكثر من مائتي شيوعي من كل الفصائل (ومن التاركين) مثلوا الألوف من الشيوعيين ومن مختلف المحافظات, والكثير من المناضلين القدماء, هذا الوعاء الواسع لكل من طالته القرارات التصفوية من القيادات المتسلطة على الحزب سابقاً, فوجدوا أنفسهم خارج هذه الفصائل, واعتبرت هذا القيادات إن لا لزوم لها عندهم, لأنهم كما كانوا يوصفون في أحسن الحالات بالمشاغبين, والمعارضين لهذا القيادي, أو ذاك.

لقد خطت اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين في اجتماعها الأخير امتدادا للاجتماعات السابقة خطوات مهمة جديرة بالاهتمام والتقدير نحو تحقيق وحدة الشيوعيين, من قرارات وأصدر العديد من الشيوعيين القدماء, ومن مختلف المحافظات نداء موجهاً إلى جميع الشيوعيين, أينما كانوا للانخراط في عملية وحدة الشيوعيين, وثمنوا عالياً جهود اللجنة الوطنية في هذا الإطار.
إن تحقيق وحدة الشيوعيين السوريين مهمة وطنية, و طبقية, وأممية من الدرجة الأولى, وسيكون للشيوعيين عندئذ الدور المطلوب في تعزيز الوحدة الوطنية ومواجهة الأخطار الخارجية وحماية الصمود السوري.
وللحديث صلة..

معلومات إضافية

العدد رقم:
281