منبر النقاش حول: «ميثاق شرف الشيوعيين السوريين»

تتابع«قاسيون» النقاش حول «ميثاق شرف الشيوعيين السوريين». ويمكن للراغبين بالمشاركة إرسال آرائهم على عنوان الصحيفة، أو عبر البريد الالكتروني..

الرفاق الأعزاء.. شيء عظيم أن تصدروا هذا النداء لتوحيد منظمات الحزب والرفاق المهجرين والرفاق المهملين حيثما وجدوا، والذين يدينون بالولاء لمبدأ الاشتراكية العلمية. وما أكثرهم.

وهؤلاء الرفاق والمنظمات يطمحون لرؤية حزبهم من جديد موحداً حيوياً، نشيطاً، يعود إلى الساحة المحلية ليتبوأ مركزه المعهود بين الجماهير الشعبية ليشاركهم همومهم ويعمل معهم بدون كلل للدفاع عن مصالح هذه الجماهير الكادحة.

برأيي إن هذه الوثيقة يجب أن ترتب ترتيباً منطقياً من حيث الأفكار المتداخلة الواردة فيها والتي لبعضها الأولية في التقدم على البعض الآخر، ثم إدخال بعض الأفكار التي تكمل هذه الوثيقة بحيث يمكن لأي رفيق أو صديق أن يحتفظ بنسخة تكون صالحة للتبني والطرح والمناقشة لأمد بعيد وليس مرحلياً فقط.

أولاً: في البداية تعريف للحزب وتذكير بمبادئه الرئيسية وليكن بشكل جديد ومطور يخلو من النزعة المتعالية والمتعصبة للحزب.

ثانياً: المبادئ الأساسية التي يناضل الحزب من أجلها والتي تصلح برأيي أن يتبناها كل إنسان شيوعي أو ديمقراطي أو وطني ويستطيعون أن يجتمعوا حولها جميعاً دون خوف أو وجل.

ثالثاً: المرحلة الراهنة وسياسة التحالفات التي يرى فيها الحزب أمراً ضرورياً لمجابهة الأعداء الطبقيين في الداخل، وأعداء الوطن والشعب في الخارج. تلك السياسة التي تنقذ الحزب من الانغلاق والانعزال وتجذب إليه الكثير من القوى والأفراد ليناضلوا جنباً إلى جنب دون أن يخشى أي منها الآخر، ويستطيعون معا ً أن يحققوا المزيد  من المكاسب..

رابعاً : في التنظيم: الوعد بإصلاح تنظيمي شامل وخاصة في مجال النظام الداخلي الحالي الذي هو سلاح ذو حدين. بحيث لا يكون من جهة الهراوة التي تجلد بها المنظمات والأفراد، ومن جهة أخرى لا يحمي القيادات التي تستظل بظله لأمد طويل من  المحاسبة.

ويجب الدفاع عن حق الرفاق والهيئات في الدفاع عن النفس وفي ممارسة النقد والنقد الذاتي وتطبيق سياسة «التواصل والتجديد».

هذا بالنسبة لنص الوثيقة.

أما بالنسبة للأمور الأخرى فإن لدي بعض الملاحظات التي أرى بأنها يمكن أن تؤخذ بعين الاعتبار.

1. عند النقاش مع القوى السياسية الأخرى علينا أن لا نتظاهر أمامها بأننا نحن الطليعة والرواد الأوائل وأصحاب المنطلقات الأساسية بل إبداء الكياسة والديمقراطية في التعامل، وأن الوطن ملك للجميع وبإمكانهم أن يكونوا شركاء متكافئين في العمل  والتحالف والطرح المشترك.

2. عند النقاش مع الشيوعيين الآخرين على اختلاف تنظيماتهم أن لا نذكر أسماء القادة الشيوعيين سواء القدامى أو الحاليين ونتمترس وراءهم حتى لا تخلق هناك حساسيات نحن بغنى عنها. فمثلاً لا داعي لأن نقول: نحن نلتف حول آراء ومنطلقات ومبادئ الرفيق (خالد أو يوسف أو رياض أو ستالين) لأن هذا الأمر له تأثير سلبي لدى البعض. ويفضل القول: يجب أن ندافع بشكل مشترك عن وجه الحزب المستقل ومصالح الجماهير الكادحة وأن نتبنى الاشتراكية كنظرية أساسية نلتف حولها جميعاً. وهذا  برأيي عامل جذب للجميع، في حين قد يرفض البعض يقول (إننا نلتف حول المبادئ التي صاغها الرفيق فلان).

ثم إن هناك من لايزال متعلقاً بالبيريسترويكا وغورباتشوف وآخرون يشجبون ذلك وبشدة..

3. طرح فكرة رفض ديمومة الشخص القيادي  في منصبه إلا لفترة محددة كي لا تظهر هناك مراكز قوى موالية لهذا الشخص القيادي أو ذاك، كما يظهر الآن من يسمونهم:

( البكداشيون ـ والفيصليون ـ والتركيون.. غير ذلك) بل يجب أن تنتقل التسمية فقط (كلنا شيوعيون).

4. إن الحزب الشيوعي نشأ وترعرع واشتد ساعده في زمن كانت البلاد ترزح فيه تحت تأثير الاستعمار الفرنسي ـ فقوي واشتد ساعده بشعاراته ونضالاته وتضحياته حتى جلاء المستعمر عن أرض الوطن. عندئذ طرح شعار التحالف مع الأحزاب والقوى والحركات الوطنية والتقدمية، كما طرح شعار التحالف مع البرجوازية الوطنية والصناعية خاصة. فنما  وازدهر وحقق المزيد من الانتصارات في أوائل وأواسط الخمسينات وصار حديث جميع الناس والصحف ووسائل الإعلام. أما في الفترات التي تلت، فقد فشل الحزب برأيي باختيار القوى التي يجب أن يتحالف معها وضعفت اليقظة  الثورية وتعرض الحزب لكثير من  الهزات والانتكاسات..

أقصد من هذه المقدمة في الفقرة الرابعة أن ننطلق نحو سياسة تحالفات جديدة قد تشمل الأحزاب المنضوية تحت لواء الجبهة ومن هم خارجها من شخصيات لها مواقف معروفة.. وجماعات وفئات وأحزاب إن وجدت.

إن المرحلة الراهنة تتطلب تكوين جبهات عريضة لمقاومة المد الانتهازي في الداخل وامتدادات العولمة ومحاولات القضاء على فصائل المقاومة وكذلك الوقوف وبحزم في وجه ما يسمى بمكافحة الإرهاب (في المفهوم الأنكلو أمريكي صهيوني) لأنها كلمة حق يراد بها باطل.. هذه السياسة يجب أن تكون ذات أساس ديمقراطي بحيث يكون التعامل نداً لند دون طغيان  أحد على الآخر..

5. طرح شعار الديمقراطية أولاً وأخيراً وصون حرية الرأي والتعبير بشتى الوسائل وجعل الجماهير هي الحكم الأساسي.

إن إعطاء الحق للمنتديات المتعددة الأغراض لطرح ما يمكن طرحه من آراء وتسليط الأضواء من خلالها على جميع النواقص والثغرات، يرفع من مستوى ثقافة المواطنين ويشجعهم على أن يطرحوا ما لديهم من آراء وانتقادات. كل هذا يصب في بوتقة واحدة وهي القضاء على الاستغلال والفساد. وبالتالي سيادة النظام والقانون وخلق مجتمع أكثر ديمقراطية وعدالة.

6. القطاع العام: هو أحد المكاسب التي حققتها الجماهير الكادحة والقوى الوطنية والتقدمية بنضالها الدؤوب والمستمر خلال سنوات طويلة فيجب عدم السماح بالتفريط به بسهولة دون مقاومة. يجب أن يعلم جميع الوطنيين المخلصين لشعبهم ووطنهم بأن خسارة القطاع العام التي تسعى قوى ظلامية خارجية وداخلية لإنهائه هو ضرر كبير للاقتصاد  الوطني ولذوي الدخل المحدود. لذلك يجب الدفاع عنه بكل جهد ممكن مع عدم إنكار دور القطاع الخاص  لأنه يخلق جوا ًمن المنافسة التي يمكن أن تكون شريفة في ظل رقابة  شريفة.

7. يجب مناقشة قضية المجتمع المدني بهدوء وتؤدة  كي لا يخلق ذلك تحسسات يمكن أن تساهم في التباعد بين الأحزاب والقوى.. ويجب أن تطرح الفكرة بشكل عقلاني وأن يمهد لها على أساس أنها ليست كما يقال انحلالاً اجتماعياً ومساساً بعادات المجتمع وتقاليده الأخلاقية الموروثة منذ القديم.. ودعم دور التنظيمات النقابية المنتخبة ديمقراطياً لتستطيع أن تؤدي دورها بالشكل الأمثل.

إن المجتمع الشيوعي الذي ننشده في أخر المطاف هو تجسيد حي للمجتمع المدني الأمثل.

أكتفي الآن بهذا القدر من الملاحظات التي أراها من وجهة نظري مفيدة وأوجه التحية لجميع الرفاق حاملي لواء التوحيد، وأشد على أياديهم راجياً فتح باب النقاش الهادئ الرزين على مصاريعه مع التنظيمات والفصائل الشيوعية حيثما وجدت، ومع الرفاق المبعدين ومن آثر منهم عدم الدخول في تنظيم والانضواء ضمن ولاءات معروفة، مع تسليط الأضواء بهدوء على المكاسب التي أفسدت وتفسد الرفاق، والاستماع إلى الآراء المختلفة دون تعصب.. فمنهم من يرى في هذه المكاسب خيراً للمسيرة  العامة، ومنهم  من يرى فيها شراً كبيراً..

إن المهم هو البحث عن نقاط اللقاء وليس عن نقاط الخلاف، وترك نقاط الخلاف إن وجدت لتناقش في اجتماعات موسعة أو مؤتمرات استثنائية.

وعلينا أن نأخذ المتغيرات الدولية بعين الاعتبار، فما كان يصلح للتطبيق في بدايات القرن العشرين قد لا يصلح للتطبيق أو الطرح في بدايات القرن الواحد والعشرين، وأن نبتعد عن الجمود والتعصب والتمترس والتسرع بالقرارات.

مع خالص أمنياتي بالتوفيق والنجاح. 

عاشت وحدة جميع الشيوعيين السوريين.

جبلة

 

* فيصل خير بيك

معلومات إضافية

العدد رقم:
172