بقلم هيئة تحرير «قاسيون» بقلم هيئة تحرير «قاسيون»

المطلوب من القمة العربية

مؤتمر القمة العربية  على الأبواب، سينعقد في ظروف عربية ودولية متشابكة بالغة التعقيد، وسيتناول القضايا التي تهم العالم  العربي، وأبرزها القضية العربية الأولى ـ القضية الفلسطينية في محنتها الحرجة العصيبة. فبماذا تتميز هذه الظروف؟!

1. السفاح المجرم شارون، يمارس القمع والإرهاب الوحشي بأحدث الأسلحة وأثقلها ويرتكب مجازر دموية بشعة ضد شعب أعزل، سلاحه الحجارة، وقوة إيمانه بعدالة قضيته. بهدف خنق المقاومة الفلسطينية، وإبادة شعبها وإعادة تهجير ما تبقى منه إلى أصقاع الدنيا.

2.  صمت دولي وعربي مطبق مريب تجاه مخطط شارون المدعوم والمبارك من أمريكا.

3. تعرض القيادة الفلسطينية لضغط مزدوج داخلي إسرائيلي، وخارجي أمريكي، من أجل فرض المزيد من التنازلات عليها، وخاصة حق العودة منها.

4. محاولة تأليب فصائل المقاومة الفلسطينية على بعضها بعضاً، وإشعال نار حرب دموية بين الأخوة المقاتلين.

5. الضغط على سورية الصامدة من قبل الإمبريالية الأمريكية والسائرين في فلكها، لجرها إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل دون أية شروط مسبقة، أي إلغاء قرارات الأمم المتحدة السابقة التي أدانت إسرائيل وأقرت الحقوق العربية، وكذلك إلغاء النتائج  التي تمخضت عنها المفاوضات السابقة بين الطرفين.

6. هيمنة القطب الواحد المتمثل بأمريكا على مقدرات العالم وقرارات الشرعية الدولية، الأمر الذي فسح لها المجال لتوجيه اتهامات باطلة لبلدان عربية وإسلامية، وضد المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ووصفها بالإرهابية، وإطلاق التهديدات باستعمال ترسانتها العسكرية  للبطش بها وإعادة صياغة حكومات المنطقة وفقاً لمصالحها.

7. إن من أبرز أسباب ضعف التضامن العربي، وعدم صب وحدة التوجه والقرار العربي في مصب واحد، هو الصلات السرية المشبوهة التي يقوم بها بعض حكام الدول العربية مع  الولايات المتحدة وحتى مع إسرائيل، سعياً للمحافظة على أنظمتها من غضبة شعوبها النائمة، ومن هنا برزت الدعوات الإستسلامية الخانعة باللجوء إلى أمريكا، والإرتماء على أعتابها، لتحل هي مشاكلنا مع العدو الصهيوني من ناحية، ومشاكلنا بين بعضنا من ناحية أخرى.

8. ومع ذلك تسجل المقاومة الوطنية الفلسطينية أروع ملاحمها البطولية في التصدي والصمود في وجه الإجرام الصهيوني والضغط الأمريكي وهي ترفع عالياً رايات التحرير  و الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين إلى وطنهم وديارهم.

إن مجموع هذه الظروف والعوامل، تشكل عبئاً ثقيلاً و تعقيدات متشابكة أكثر بكثير من ظروف انعقاد مؤتمرات القمة السابقة، سواء كان في داخل الصف العربي أو على النطاق العالمي، خاصة بعد أحداث 11 أيلول، التي تكالبت على أثرها أمريكا إلى حد السعار للسيطرة على مقدرات العالم قاطبة.. من هنا يمكن القول بأن مؤتمر قمة بيروت  القادم، هو أهم مؤتمر قمة في تاريخنا الحديث.. مؤتمر له صفة نوعية خاصة، تواجهه مهام عسيرة كبيرة، في هذا الزمن الصعب. إن المعركة داخل المؤتمر بين الاتجاه المدافع عن الحق العربي، وبين الاتجاه الاستسلامي لن تكون سهلة أبداً. وكل تذرع بالمحافظة على وحدة الصف العربي الشكلية، للخروج بقرارات رخوة توفيقية ـ بتبادل بوس شوارب ـ  ولها تفسير مزدوج، هو الوقوع في شرك الاتجاه الاستسلامي، ولصالحه، لأنه:

* حال دون اتخاذ قرارات جدية تغضب أمريكا.

* تساوي في موقفه مع مواقف الاتجاه الجاد، «وما في حدا أحسن من حدا».

* أتيح له أن يتهم الاتجاه الآخر  بالمزاودة ليس إلا.

* حصل على شهادة حسن تصرف وسلوك من المؤتمرين، وستر به موقفه المتخاذل أمام شعبه.

إن تعرية قادة الدعوات الإستسلامية، وكشفهم على حقيقتهم أمر في غاية الأهمية، كي يتعرضوا للمساءلة والمحاسبة من قبل شعوبهم.

إن الشعوب العربية تعلق أمالاً كباراً على مؤتمر قمة بيروت، كمؤتمر إثبات هوية ووجود ودور للأمة العربية، على الأقل في القضايا المصيرية التي تعم بلدانها ومنطقتها. لذا تأمل وتنتظر بفارغ صبر وقلوب متلهفة أن تصدر من هذا المؤتمر، قرارات نوعية وعملية في آن معاً، ترقى إلى مستوى الأحداث.

 

أما إذا اقتصرت قرارات المؤتمر على الشجب والاستنكار والدعم والتأييد و… و كسابقاتها جعجعة بلا طحين، فاسمحوا لنا، أن نقدم لمؤتمر القمة اقتراحاً جديداً، لم يسبق له مثيل، وهو قرار إرسال مليون علم إسرائيلي وألف علم أمريكي  إلى الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، كي يشفوا غليلهم بحرقها في الشوارع.. كفا الله المؤمنين شر القتال…!

معلومات إضافية

العدد رقم:
170