ردود فعل ونقاش حول الندوة الوطنية في القامشلي

بعد النجاح الذي حققته "الندوة الوطنية" في القامشلي، والتي غطت وقائعها جريدة قاسيون العدد (225) ، نشر الأستاذ عزيز توما على موقع إيلاف الالكتروني «قراءته» للندوة ننشرها هنا كاملة وكذلك الرد عليها من قبل حمزة منذر وعصام حوج اللذين سبق أن نشرهما كاملين موقع (كلنا) شركاءالالكتروني.

بؤس الأيديولوجيا..

 قراءة في ندوة أقامها الحزب الشيوعي السوري

عزيز توما : موقع ايلاف 22/6/2004

لست هنا بصدد تعريف الأيديولوجيا لكن في نفس الوقت لابد من الإشارة إلى أن الأيديولوجيا تصنع وعيا زائفا ومشوها وأنها لم تعد ملائمة في الوضع الراهن بسبب ((الصدمة المعلوماتية)) وانفتاح العالم على بعضه البعض والتداخل في التأثيرات والثقافات، هذه الأيديولوجيات الدينية والقومية واليسارية المتحدرة من تراث الماركسية اللينينية التي جسدت ومازالت تجسد الإفراط الخطر في الدوغمائية الشديدة الخطورة والمشحونة باليوتوبيا والتي اتسمت كمدرسة ايمانية مناضلة لا كثقافة، فهي تحمل بلا شك رسالة جديدة متحجرة تأبى الانفتاح على الآخر وترفض كل قيم الاختلاف وتتولع بالشعارات المعادية للولايات المتحدة والغرب، الأمر الذي أفضى في الآونة الأخيرة إلى موجات من العنف والكراهية بين أصحاب الأيديولوجيات والحداثة. 

بعد هذه المقدمة الموجزة، ارتأيت أن أضرب مثالا يتعلق بعنف الأيديولوجيا في عالمنا الثالث، حضرت ندوة جماهيرية في مدينة القامشلي السورية أقامها الحزب الشيوعي السوري (جناح خالد بكداش). الحضور كان متنوعا تنوع المجتمع السوري: عرب، أكراد، آشوريون بالاضافة إلى أحزاب مختلفة. والمكان كان شبه مهجور وغير ملائم لاقامة ندوة كهذه. 

قلت لنفسي، وأنا كمثقف ليبرالي، هذا الوسط ليس غريبا علي، وسط أيديولوجي حتى النخاع، بدأت الندوة بكلمة للحزب الشيوعي راعي الندوة وكان الافتتاح الهجوم الكاسح على الولايات المتحدة ومشاريعها السياسية والاقتصادية والثقافية ثم تم الحديث عن الوضع الداخلي في سورية، والحديث هو نفسه منذ ثلاثين عاما، بعدئذ تتالت المداخلات محملة نفس الشحنات من الكراهية المقيتة للولايات المتحدة الأمريكية ونفس الشعارات التي كانت تطلق أبان الحقبة السوفيتية، إضافة إلى شعارات تأييد للمقاومة في العراق وأفغانستان وفلسطين وبشكل انفعالي وعاطفي إلى أقصى حد وكأننا في معركة حقيقية. الضّربة الكبيرة لقلت لنفسي لو تركت مافيات طالبان تحكم أفغانستان وبررت. الولايات المتحدة لها أخطاؤها بالطبع وهي ليست أمة من الملائكة، فهي ليست شرا بالمطلق كما يدعيه الإيديولوجيون ولم أقل أنها جمعية خيرية توزع الأرزاق على العالم، وهي ليست قوة غاشمة ولا قوة تحرير لوجه الله، الولايات المتحدة لها مصالحها وللشعوب مصالحها ويمكن للمصلحتين أن تلتقيا وما الضرر في ذلك. ومن الأهمية الإشارة إلى أن للولايات المتحدة صفحات مشرقة في التاريخ المعاصر وتحديدا بعد الحرب العالمية الثانية حيث قامت ببناء أوروبا وتخليصها من الحكومات العسكرية ومساعدتها بمبالغ طائلة كما قامت بتحرير أفغانستان من العصابات الطالبانية واقامة حكومة ديمقراطية واليوم تقوم بالخطة ذاتها لبناء عراق ديمقراطي حر بعيدا عن الاستبداد. 

في ذلك المكان المفعم بالأيديولوجيا كان هناك أصوات حداثية تدعو إلى شيء من العقلانية في تحليل القضايا السياسية الراهنة لكنها لم تصمد طويلا في وسط خطابات انفعالية تدعو إلى المواجهة. لماذا المواجهة؟ لماذا لا يكون الحوار هو البديل عن هذه المواجهة المقيتة؟ أليس الحوار هو أفضل أشكال البناء؟ إلى متى سنبقى أسرى عصر الأيديولوجيات الذي مازال حتى اللحظة الراهنة يرسم أنماط سلوكنا الفكري بالرغم من الانتصارات المذهلة للحداثة؟ 

يبدو أن كل شيء سيبقى مغلوطا ومشوها طالما أن الأيديولوجيا مازالت تفعل فعلها في واقعنا ومازالت الحداثة غير محققة، بل مكبوتة ومرفوضة، ومازال معظم مثقفي العالم العربي يعيشون أوهام شعارات الوحدة واطلاق شعارات الرمز، الضرورة، الشهيد الذي لم يمت بعد. 

الأغلبية الساحقة من الحضور لم تتحدث عن ثقافات المنطقة عامة التي سحقت طويلا لصالح النموذج الثقافي الأوحد ولم يكن بالإمكان التطرق إليها لأن أصحاب الأيديولوجيات رأوا أن المسألة عديمة الأهمية طالما أن «الأمة» في خطر وأن الأمريكيين دنسوا تراب العراق وكأن العراق لم يكن مدنسا ومحتلا من قبل طغاة العصر. 

في الختام قلت لنفسي وأنا متفائل نسبيا بأننا لابد أن نشهد عصر أفول الأيديولوجيات لأن الاختلاف أصبح شرطا لازما للحياة وأن الانغلاق وتأطير العقول وثقافة النموذج الأحادي لا يمكن أن تتكيف مع عالم تعددي منفتح.  

■■

«بؤس الحداثة» 

المحمولة على أجنحة توماهوك من رفح حتى أبو غريب

حمزة منذر: ( كلنا شركاء) 25/6/2004

تحت عنوان «بؤس الأيديولوجيا ... قراءة في ندوة أقامها الحزب الشيوعي السوري» كتب الأستاذ عزيز توما (على موقع «إيلاف» يوم 22/6/2004) مقالاً ليس فيه من القراءة العلمية- الموضوعية شيء يتعلق بموضوع الندوة الوطنية التي دعت إليها اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين يوم 18/6/2004 في مدينة القامشلي تحت عنوان (المخاطر التي تواجه سورية .. ومهام القوى الوطنية).

وقد سبق لنشرة «كلنا شركاء» أن أطلعت قراءها على «مجريات الندوة» التي حضرها طيف واسع من الباحثين والشخصيات الوطنية والكتاب والأدباء، يمثلون جميع الأحزاب والتيارات السياسية الموجودة على الساحة السورية والتي عكس ممثلوها في مداخلاتهم المكتوبة (21 مداخلة) وجهات النظر المتفقة والمختلفة حول محاور الندوة المدونة سلفاً في بطاقة الدعوة، وهي دعوات شخصية لأبرز العاملين في الشأن السياسي والاجتماعي والثقافي العام، وكان من بين هؤلاء الأستاذ عزيز توما نفسه، ليس لأننا نتفق معه في آرائه- التي سنتناول بعضها لاحقاً-، بل لأننا نؤمن بحق الاختلاف في الرأي وضرورة الحوار الوطني الديمقراطي الجاد بين جميع القوى والفعاليات دون إقصاء أحد، حول شؤون الوطن والمواطن بهدف تعزيز الوحدة الوطنية لدرء المخاطر التي تواجه بلادنا ومنطقتنا. 

عوداً على بدء ... لم يشأ الأستاذ توما تعريف الأيديولوجية لكنه أشار إلى «أن الإيديولوجية تصنع وعياً زائفاً ومشوهاً وأنها لم تعد ملائمة في الوضع الراهن بسبب الصدمة المعلوماتية وانفتاح العالم على بعضه البعض». 

والسؤال هنا من الذي يجهد نفسه- وبما يملك من إمكانيات دعائية هائلة- لخلق وتصدير الوعي الزائف حول حقيقة ما يجري في العالم تحت اسم الحداثة؟ 

أليس أمثال فوكوياما وريتشارد بيرل ومارتين انديك وبول ولفوفيتز وصموئيل هنتنغتون هم من أبرز ممثلي أيديولوجيا الرأسمال المعولم، والتي من بين أهدافها الكبرى«ابتلاع جميع الهويات الوطنية وتقيؤها سلعاً»؟.

وبالقياس لرأي الأستاذ توما حول «اضمحلال عصر الأيولوجيات» هل يعترض أيضاً على تعريف الصهيونية المعاصرة بأنها «إيديولوجية البرجوازية اليهودية الكبرى التي اندمجت بالأوساط الاحتكارية العالمية والأمريكية خاصة، ومضمونها الأساسي هو الشوفونية والنزعة العدوانية ضد الشعوب، من موقع الاستعلاء العنصري، وهي منظومة متشعبة من المنظمات تنشط في أكثر من سبعين بلداً»؟.

كوني أحد الذين قدموا مداخلة في ندوة القامشلي كنت أتمنى على الأستاذ عزيز توما التعبير عن آرائه في الندوة وكان ذلك متاحاً للجميع- وهي ندوة متخصصة وليست جماهيرية كما جاء في المقال- وإذا كان الأستاذ عزيز توما قد أزعجته الشعارات المعادية للولايات المتحدة والغرب، الأمر الذي أفضى في الآونة الأخيرة- من وجهة نظره- إلى موجات من العنف والكراهية بين أصحاب الأيديولوجيات والحداثة، لماذا لم يسأل نفسه- كمثقف ليبرالي- عن سر كراهية الشعوب للجرائم التي تقترفها الولايات المتحدة بحقها منذ قرن وحتى الآن، من أمريكا اللاتينية حتى آسيا الوسطى؟ وهل الحداثة من وجهة نظر بعض المثقفين الليبراليين يمكن أن تحملها صواريخ توماهوك وكروز إلى الشعوب لتعيدها إلى وعيها؟. 

الذي يحدث الآن أن حروب أمريكا وحليفتها الصهيونية العالمية،و واللجوء إلى الحل العسكري كخيار وحيد قي ترسانة البدائل لديهما، هي التي تجلب كل هذا الكره للإمبريالية والصهيونية، الشيء الذي وضع الشعوب أمام خيار وحيد ألا وهو المقاومة الشاملة...

نعم نحن من أشد المؤيدين للمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق وسنكون من أشد المدافعين عن سيادة بلدنا وقد رفعنا ولا نزال شعار «سورية لن تركع»، وبذات الوقت ندين جرائم الولايات المتحدة ضد شعوب أفغانستان ولكننا لم نكن يوماً مع طالبان أو بن لادن لأننا نعرف كيف جرى صنع وتمويل وتدريب قيادات «الطالبان والقاعدة» على أيدي الاستخبارات المركزية الأمريكية وعملائها من واشنطن حتى باكستان...

...إذا كانت هذه قناعات الأستاذ عزيز توما الليبرالي «بفضائل الولايات المتحدة على الشعوب» من واجبنا أن نذكره -إن نفعت الذكرى- بأن من يقصف هيروشيما وناغازاكي بالقنابل النووية، ومن يقدم للكيان الصهيوني من عام /1948/ وحتى الآن أكثر من مئتي مليار دولار ومن يستخدم حق الفيتو /24/ مرة ضد العرب لصالح العدو الصهيوني المدجج بالسلاح النووي، ومن يدمر العراق ويهين شعبه وقبل ذلك الجرائم في فيتنام وضد عشرات الشعوب في مختلف القارات، ومن يفرض العقوبات على سورية ويهدد بفرض «قانون تحريرها» لا يمكن أن تكون مصالحه إلا على النقيض من مصالح الشعوب «والحداثة» التي يلوكها بعض المثقفين المضللين لا يمكن أن تغطي على جرائم الإمبريالية وقد شاهدنا ملامح تلك الحداثة في سجن أبو غريب ورفح وجنين. وفي نهاية المطاف ما كل هذا الذي ذكرناه إلا المضمون الحقيقي لأيديولوجيا رأس المال المعولم.

■■

ضحايا ثقافة العولمة..

الأستاذ عزيز توما نموذجا

عصام حوج: ( كلنا شركاء) 29/6/2004

في تعليق سريع على ندوة للشيوعي السوري يعلن الأستاذ عزيز توما الحرب على الايد يولوجيا- ويأخذ على معظم المتحد ثين في الندوة الهجوم على الولايات المتحدة ويعتب عليهم لأنهم يعتبرونها شرا مطلقا والولايات المتحدة قدمت خدمات كثيرة للبشرية حسب زعمه ويدلل على ذلك باعمار أوربا عقب الحرب العالمية الثانية خلاصة الكلام الرجل اخذ على خاطره من الخطاب الأيد يولوجي الذي يكرره الشيوعيون منذ ثلاثين عاما داعيا إلى تجاوز ماهو أيديولوجي... 

 ● تعرف جميع المدارس الفكرية والسياسية الايدولوجيا بأنها منظومة الأفكار والقيم التي تعبر عن مصالح اجتماعية معينة وبالتالي يمكننا القول إن الدعوة للتخلي عن الأيد يولوجيا هي دعوة للتخلي عن الحامل الثقافي والسياسي لمصالح طبقة أو فئة ما ولما كان المجتمع منقسماً طبقياً..

● إن الإدارة الأمريكية تعبر عن مصالح اجتماعية لحفنة من الشركات العابرة للقارات تتناقض مصالحها جوهريا مع مصالح الأغلبية الساحقة من سكان البسيطة سواء كان من خلال النهب الفاضح لشعوب الأرض المختلفة، أو تدمير البيئة، أو إشعال الحروب. فالعالم كل العالم مجال حيوي لمصالح تلك الشركات, ولحماية هذه المصالح مستعدة أن تفعل كل شيء سواء رعاية الانقلابات العسكرية ، واحتلال الدول ، وفرض الأنظمة الاستبدادية أو إحياء البنى الاجتماعية ما قبل المدنية وإثارة النزعات الدينية والعرقية والمذهبية هذا بالنسبة لجميع شعوب الأرض ، بالإضافة إلى ما هو خاص بنا، فليسنا نحن من يدعم دولة عدوانية توسعية على حدود أمريكا ، وليس نحن من احتل دولة مجاورة على الحدود الغربية لامريكا ، وليس نحن من يطلق تصريحات التهديد والوعيد صباح مساء بحجة دعم الإرهاب ووجود أسلحة الدمار الشامل عند الأمريكان، وليس نحن من أصدر قانون محاسبة أمريكا ، ويلوح بقانون تحريرها، وليس نحن من أوجد طالبان ، والقاعدة وابن لادن وصدام حسين ليس نحن يا أستاذ عزيز ، ليس نحن من لبس الصليب في لبنان و الجبة في كوسوفو ، وليس نحن من ينهب عبر شراذم طفيلية بيروقراطية محلية ثروات العالم الثالث ليعيدها لهم مواد استهلاكية تبدأ بالهمبرغر ولا تنتهي بالأفلام الخلاعية.....

لم تعد تلك الرأسمالية التي لعبت دورا تقدميا في بداياتها ضد الحواجز الاقطاعيةالمترافقة مع الحكم المطلق والتي أنتجت حريات مدنية بل هي شي آخر. فاقتصاديا هي النموذج الشايلوكي الربوي، وثقافيا وإعلاميا هي مزيج من الغوبلزية والمكارثية، وعسكريا هي بربرية عصر الثورة العلمية التكنولوجية وأخلاقيا هي المنتجة للإنسان النمطي الاستهلاكي الأناني أسير نزعة الخلاص الفردي وليكن من بعده الطوفان، هل نذكر الشواهد و الأدلة على ذلك أم أن الإنسان الذي يمتلك نعمتي البصر والبصيرة يراها في الوقائع اليومية؟؟؟؟؟؟

بالإضافة إلى ذلك ماذا يسمي الإخوة الحداثويون مقولات صراع الحضارات ، ونهاية التاريخ , ومن ليس معنا فهو ضدنا، والدعوة إلى تغيير المناهج وخصوصا ما يتعلق بمفاهيم التحرر .. بربك يا أستاذ عزيز هل بعد هذه الايديولوجيا أيديولوجيا ؟ولماذا افتتاح قنوات فضائية وإذاعية خاصة بنا ؟ أليس لتسويق أيديولوجيا معينة؟ 

● الفتح الفكري الآخر للأستاذ عزيز توما في سياق فتوحاته الحداثوية ، إن الولايات المتحدة ليست شرا مطلقا، وهذه المرة يطل علينا من بوابة التاريخ والزعم بمساعدة الولايات المتحدة لأوربا بعد الحرب العالمية الثانية ... 

● توجه صحفي إلى أنجيلا ديفز قائلا خروجك من السجن دليل على الديمقراطية الأمريكية ، أجابت بل إن بقائي في السجن سنتين بسب آرائي دليل على عدم وجود الديمقراطية - .. ولان الأستاذ توما يتحدث بمنطق الصحفي فليسمح لنا التحدث بمنطق أنجيلا ديفز، فإذا كانت المساعدة الأمريكية المزعومة لأوربا بعد الحرب فضيلة أمريكية فان تأخرها المقصود في الدخول إلى الحرب وفسح المجال للوحش النازي باجتياح أوربا شرقا وغربا وتدمير البنية التحتية جريمة سبقت الفضيلة المزعومة ، لتصل بالنتيجة إلى الاحتواء المزدوج لقوتين منهكتين بعد أن وضعت الحرب أوزارها ولتكن بالتالي المستفيد الأول من نتائج الحرب عسكريا واقتصاديا وليبدأ العمل بمشروع مارشال الذي استفادت منه الشركات الأمريكية أكثر من أوربا بأضعاف مضاعفة فلماذا يتجاهل الخطاب ا لحداثوي ذلك ، ولماذا يقدم لنا الحقيقة مقلوبة على رأسها ، يتحدث في النتائج ويتجاهل المقدمات؟؟؟ 

ومن جملة ما يتحدث عنه الأستاذ توما(مشكورا) انه لايبرىء الولايات المتحدة فلها أخطاء ..كذا ، نحن الإيديولوجيين بصراحة يا أستاذ عزيز لا نسميها أخطاء بل هي نابعة من طبيعة النظام الرأسمالي في إطار سعيه الدائم للحصول على القيمة الزائدة ، سواء كان على المستوى الداخلي الأمريكي ، أو على المستوى الدولي عبر عملية تدويل الصراع الطبقي للحصول على المزيد من الربح وما فوق الربح وربح الربح وحل تناقضاتها على حساب الملايين من شعوب الأرض ، وكل جعجعة الديمقراطية والحرب على الإرهاب وحقوق الإنسان المسوقة عبر الإمبراطورية الإعلامية المرافقة للعولمة المتوحشة ليست إلا أدوات للحصول على المزيد من الأرباح ، أما غضبها المزعوم على بعض حكام العالم الثالث فغالبا لا تتجاوز محاو لات تبديل عميل بعميل وقزما بقزم ،أي محاو لة تبديل شرائح اجتماعية مستهلكة في بلدان الأطراف عبر إجراء عملية ماكياج ديمقراطي، أي تغيير الخدم دون تغيير الوظيفة، والابماذا يفسر الإخوة الحداثويين تبديل صدام حسين بإياد علاوي، والغضب على العمامات الكافرة في الجزيرة العربية بعد أن مارس هؤلاء مهنة تبويس أحذية الغزاة على مدى عقود من الزمن؟؟؟؟؟ ومن هنا فان الوقوف ضد المشروع الأمريكي الإمبريالي ليست دعوة لبقاء صدام حسين كما يفهم أسرى الخطاب المحكوم بالثنائيات ، من ضحايا ثقافة العولمة الذين يعانون على ما يبدو من قصر النظر السياسي فالحياة حسب منظومتهم الفكرية توقفت إما مع الاحتلال الأمريكي أو مع الاستبداد الصدامي جاهلين أو متجاهلين الخيار الديمقراطي الوطني والذي يعتبر بقعة الضوء في نهاية نفق الاحتلال والاستبداد المظلم والبديل الموضوعي والواقعي عن الاثنين معا بقي أن نشير إلى إن معظم المداخلات التي ألقيت في الندوة أكدت على ترابط المهام الوطنية والاقتصادية الاجتماعية والديمقراطية بما تعنيه من ضرورة تحديد موقف ليس من الولايات المتحدة فحسب كما يزعم الأستاذ توما بل أيضا من بعض قوى الداخل ممن ينهبون الدو لة والمجتمع ويقفون عائقا إمام أي إصلاح وطني حقيقي بالمعنى الشامل والمتكامل ويمارسون هنا وهناك سياسة التمييز القومي ، لابل إن البعض من المداخلين أكد إن خط المواجهة يبدأ من الداخل ، فلماذا يحاول الأستاذ الطيب عزيز توماالايحاء بغير ذلك وتصوير الندوة على إنها مهرجان للشتائم ضد المسكينة أمريكا ؟؟؟ 

 

وأخيرا أشارك الأستاذ توما تفاؤله بانتهاء عصر الايدولوجيا يوما ما مع التنبيه بان ذلك لن يكون إلا عندما يتداعى عرش الملكية الخاصة ويصبح الإنسان سيد نفسه متحررا من ديكتاتورية رأس المال والكرباج والقيم والعادات والتقاليد البالية أو أي سلطة أخرى.

معلومات إضافية

العدد رقم:
226