الانتخابات كخطوة للخروج من الأزمة!

فرض الحراك الشعبي نفسه على الواقع السوري، وبات يترك تأثيره على سلوك ومواقف كل القوى في البلاد، بهذا المستوى أو ذاك، وبهذا الاتجاه أو ذاك، بغض النظر عن جدية هذه القوى في تفهم الحراك من حيث عمقه وتأثيره التاريخي، ومحاولات الاحتواء أو الالتفاف عليه....
وبسبب سلوك القوى المتصارعة على السلطة والثروة فقط و دون النظر الى المصالح الوطنية العليا للبلاد، ودون الأخذ بعين الاعتبار المصالح الحقيقية للشعب السوري، بسبب ذلك دخلت البلاد في أزمة وطنية عميقة،وما زال الدم السوري ينزف منذ شهور، وأصبحت البلاد على حافة أزمة وجودية، أمام كل ذلك كان من الضروري البحث عن حلول سياسية ذات أفق وطني تفتح أمام البلاد أبواب الخروج من الأزمة.

ربما تكون انتخابات مجلس الشعب القادمة خطوة في هذا الطريق إذا أريد لها ذلك، وعندما نقول إذا أريد، فهذا يعني ضرورة توفر الشروط لزج الأغلبية الشعبية في المعركة، والجهة الوحيدة القادرة على توفير ذلك هي النظام، وأول ما يجب فعله في هذا الإطار هو الحصول على ثقة المجتمع بجدية العملية الانتخابية، ومن أجل ذلك يجب الإقلاع نهائياً عن التجربة التاريخية السابقة في العملية الانتخابية، التي كان من أبرز سماتها تغييب المواطن عن انتخاب من يمثله من خلال القوائم المعلبة، المسبقة النجاح سواء كان تلك التي تكون كذلك بقوة جهاز الدولة أو بالتزاوج بين قوة جهاز الدولة وأصحاب رؤوس الأموال، إن ضرورة ذلك لاتنبع فقط من كونها حقاً طبيعياً للمواطن فقط بل من كونها تضع الأساس لإعادة الثقة بين النظام والشعب، وبالتالي خلق الأجواء المناسبة للخروج من دائرة العنف والعنف المضاد والولوج إلى رحاب السياسة، وهنا فقط تكمن اهمية العملية الانتخابية في دورة مجلس الشعب القادم، إن الضرورات التاريخية لذلك قائمة ، كما أن الأرضية الموضوعية لذلك بعد إقرار الدستور الجديد وإلغاء المادة الثامنة متوفرة، وما يجب أن يتوفر هنا هو الإرادة السياسية لذلك، ووجود هذه الإرادة من عدمها يكشف ما هو أهم وأخطر، وهو جدية النظام في عملية الإصلاح المنشود التي تزداد كلفتها على الجميع  كلما تأخرت، وبالأخص على النظام نفسه.
إن إجراء انتخابات مجلس الشعب في أجواء ديمقراطية حقيقية - رغم معرفتنا سلفاً بضعف نسب الإقبال عليها بسبب عدم الثقة والظروف الأمنية في بعض المناطق –
يمكن أن يساهم في تبلور تيار شعبي جديد، مؤطر وذي فاعلية على الأرض قادر على حسم الأمور بما يخدم كرامة الوطن والمواطن.
باختصار إن الانتخابات يمكن أن تكون تلك الخطوة التاريخية نحو الخروج الآمن من الأزمة، دون دفع خسائر إضافية أكثر مما تم دفعها