الحوارالعام من أجل وحدة الشيوعيين السوريين «الأزمة في الحزب الشيوعي السوري وسبل الخروج منها»

تنشر «قاسيون» فيما يلي بعض مداخلات الرفاق في الندوة المركزية الثانية التي أقيمت في السويداء بتاريخ 26/9/2003 تحت عنوان: «الأزمة في الحزب الشيوعي السوري وسبل الخروج منها»:

وحدة الشيوعيين السوريين مهمة وطنية مقدسة

وحدة الشيوعيين السوريين مهمة وطنية مقدسة، ولكن كيف؟!

الأزمة مستمرة ومستفحلة، وقد ظهرت هذه الأزمة إلى حد ما عام 1969، أي منذ عقود، فكرية وسياسية وتنظيمية وأخلاقية، فهل يمكن الخروج من الأزمة في الأوضاع القائمة حالياً، وكيف؟!

حتى نحرص على الوقت وعلى الجهد وعلى العمل، وأن يكون العمل مثمر اً ومنتجاً. الذين ساهموا في صنع الأزمة في الحزب لايزالون يحكمون فصائل شيوعية. صحيح أن الأزمة نتيجة لتراجع في الحركة الثورية العالمية، وتراجعات وأخطاء وقع فيها الحزب في التحالف وفي السياسة، دخول الجبهة كان خطأ، وتقييم أنه في هزيمة 1967 لم يحقق الاستعمار أهدافه، ولم يستطع أن يسقط الأنظمة هذه الأنظمة، هذا التقييم كان خطأ، فالأزمة، الذين صنعوها مايزالون يحكمون الفصائل، وصار بنا في وحدة الحزب مثل الوحدة العربية، الحكام العرب الذين لايعملون للشأن العام ومن أجل أوطانهم وشعوبهم وإنما يعملون لشأنهم الخاص، وشأن عائلاتهم وشأن طائفتهم وشأن عشائرهم، كذلك في الحزب الشيوعي، لا يعملون بالشأن العام ولا للحزب ومصلحته، بل لمصلحة عائلاتهم وأبنائهم وطائفتهم.

أنا بتقديري الخروج من الأزمة ببناء حزب جديد، هو كل الخيرين يتحملون مسؤولية ووقعوا بأخطاء، لكنهم استطاعوا أن يحللوا الأمور في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد وتمر بها الحركة الثورية ويمر بها شعبنا، هؤلاء هم القادرون على بناء حزب جديد، وليكن (حزب اليسار الموحد)، وليكن (الحزب الشيوعي السوري ـ إعادة التأسيس) وإلاّ نكون نضحك على أنفسنا.

هل نستطيع أن نعمل وحدة مع من ساهموا في صنع الأزمة وما زالوا يحكمون فصائل الحزب؟!

هناك من يقول: إذا بنينا حزباً جديداً على أسس جديدة يأخذ بعين الاعتبار الظروف التي يمر بها العالم والحركة الوطنية والحركة الثورية، وكأنه يفتح دكاناً جديداً.

هناك نقاش كثير حول تلك القضايا، البعض يقول: إن اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين والتي تقوم بمبادرات مشكورة ورافعة، يقولون إنها دكان آخر.

إذاً بناء حزب من طراز جديد على أسس جديدة وقيادة تعمل بنكران ذات ولا تعمل لمصالحها الخاصة، تعمل للشأن العام، قيادات جدية عملية، القيادة غير أنانية في القيادة، لنكن واقعيين وموضوعيين عشنا الأزمة وعايشناها وسمعنا كلاماً كثيراً عن كيفية الحل، مواثيق، وحتى وصلت الأمور أن نحلف اليمين على الوفاء للوحدة، ولكن ماذا كانت النتيجة من الناحية العملية ومن الناحية الفعلية، العمل بنكران ذات، الأنانية في القيادة لعبت دوراً كبيراً، وأتذكر هنا كلمة القائد الشيوعي الفذ (هوتشي منه): «الأنانية إذا بقيت، من أكبر أعداء الشيوعية والاشتراكية، وإذا بقيت فينا ولو بشكل ضئيل تتحين الفرص لتظهر، وإذا ظهرت تسحق كل خصال الثوري».

  ■ نايف قيسية

البنية الذهنية.. والدور المفترض

في البداية لابد من تسجيل الاتفاق مع الموضوعات، من ضرورة ربط الخاص بالعام.

كما لا بد من تسجيل الاختلاف مع «الموضوعات» بالقول: إن انقسامات الحزب المتتالية ليست دليل أزمة، تماماً، كما أنها ليست دليل صحة أو تطور.. الأزمة من حقل معرفي، والانقسامات من حقل معرفي آخر.. أي أنني أستبعد الاستدلال على الأزمة بانقسامات الحزب المتتالية.. الأزمة تتوضح في عجز الحركة الشيوعية، ومنها حزبنا، عن القيام بالدور المنوط بها... مما أدى إلى تراجعٍ نسبي تجلَّى في التقدم العلمي المستمر للعدو، وجمود العلم الشيوعي وتوقفه... لقد أدى هذا إلى تمكن العدو من تمثل واستيعاب العلم الشيوعي، وفهم قوانين التطور الموضوعي.. وبالتالي استطاع التحكم بهذه القوانين، وفق مصالحه. 

لقد انطلق العدو - بكافة تلاوينه - من المقولة الماركسية القائلة: إن الأفكار الثورية تصبح قوة مادية حالما يتبناها جمهور الكادحين.. ولما كان موقناً من استحالة الانتصار على العلم الشيوعي بمعركة نزيهة، واستحالة إبعاد جمهور الكادحين عن الفكر الشيوعي، لجأ إلى تقنيات أرقى من المجابهة المباشرة.. وتلخَّصَ عمله في تمثل الفكر الشيوعي وإعادة انتاجه بشكل مشوه... ومن ثم تسويق هذا الفكر المشوه، وجعله أسساً لتفكير الشيوعيين.

وهذا الذي ذهبت إليه، أسماه الرفيق أوليغ شينين في حديث خاص لصحيفة «قاسيون» (مشروع نشر الغباء العالمي)، واقترحُ الآن الاصطلاح على تسميته «جدل الدجل». على هذا الأساس يمكننا فهم الأسئلة التي طرحتها الحياة علينا من مثل: لماذا قاتل العمال في نقابة «تضامن» البولندية من أجل عودة الرأسمالية؟.. 

مثال آخر: كيف يتفق جورج بوش والشيوعي في محافظة السويداء مثلاً على مصطلح واحد «الديمقراطية»؟!!.. ألم يقل ماركس إن الديمقراطية البرجوازية تعني: «أنه سيسمح للمطحونين أن يقرروا - مرة كل بضع سنوات - من سيطحنهم في البرلمان من بين ممثلي الطبقات الطاحنة» ؟! ولماذا أصبحنا نخجل نحن الشيوعيين جميعاً من مصطلح ديكتاتورية البروليتاريا؟!.. أليست هي اكتشاف ماركس الأساسي في علم الاجتماع ؟!.. أليست هي أوسع ديمقراطية في ظل المجتمع الطبقي على حد تعبير لينين ، وتتحول إلى الحرية في المجتمع الشيوعي كما عبَّر عن ذلك انجلز؟... 

كيف غابت جاذبية هذا الشعار وأصبح الكادحون يرون فيه قمعاً لهم؟! / يرون في قمع النهب والاضطهاد والاستبداد قمعاً لهم!!!... 

ولما استطاع العدو أن يغزو البنية الذهنية للشيوعيين، عجز الشيوعيون عن القيام بدورهم المفترض.. فما كان منهم إلا أن يتمثلوا لقول الشاعر الإسلامي (عُمير بن شُييم القُطامي): 

وأحياناً على بكرٍ أخينا

إذا ما لم نجد إلا أخانا 

وشكراً.. 

■ ماهر الحجار ـ حلب

نحو الوحدة الوطنية الواسعة

سأختزل بعض القضايا بحكم الوقت:

بعد قراءتي للأوراق هناك الكثير من الملاحظات:

أول قضية هي أن الماركسية ـ اللينينية التي ارتقت إلى مستوى العلم فيها فهم مختلف ومتباين بين كل الرفاق. السؤال هو: بأننا نحن لم نتمكن من توصيل هذا الفكر إلى الناس، وأصبح الشيوعيون أو جزء منهم جاهلين بالمهام من جهة وبالواقع من جهة أخرى. فهل فقد الحزب مرجعياته الأساسية؟!

التقاطع الرئيسي برأيي هو ضعف الشعور لدى بعض الشيوعيين بهذا الواقع ومحوه لحساب آخر، أعادت الفردية إنتاجه لمصالحها، من هنا تراجع الخطاب، وإلى الآن، وكان يجب أن يكون خطاباً سائداً مثلما أكد معظم الرفاق، لأن الظروف الموضوعية الآن تحتم علينا أن يكون خطابنا هو الخطاب السائد.

أريد أن أتكلم عن الانهيار الكبير للماركسية ـ اللينينية، طبعاً في الاتحاد السوفييتي. لقد خلفت هزيمة المؤسسة القائمة في الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية تأرجحاً وبلبلة وأحيت قوى وتيارات جديدة وأنتجت قضايا نظرية جرى حلها منذ زمن بعيد وقسم منها يحتاج إلى دراسة أكثر وأعمق.

إن التجديد بداية، والاجتهاد وإعادة التطوير وإعادة النظر كما يطرح في كثير من الوثائق يجب أن يكون في آليات هذا الحزب، الحزب الذي هو، ولنرجع إلى التعريف اللينيني: الذي هو الطليعة الواعية والمنظمة للطبقة العاملة. مع التأكيد أن هناك بعض الأخطاء يجب مراجعتها تاريخياً أيضاً، لأن ماركس لم يجعل قضية الطبقة العاملة حكراً على الماركسية فقط، ولا يجب على الماركسيين، أو علينا أن نروج لأفكار من أجل استهلاكها والدعوة إلى تبنيها، ولكن القدرة على الخلق والتوليد لتلك الأفكار على أرض الممارسة الوفية للتجربة من خلال، كما طرح في الأوراق، الثابت الممكن تغييره شكلياً، ومن خلال المتحول الذي يتغير مضموناً وشكلاً، ولكن حسب الظروف الواقعية الملموسة.

أي حوار، لايجوز منه ولايراد منه تبرير أعمالنا أو تزيين فشلنا، يجب طرح الأسئلة مهما بلغت حدتها من أجل وحدة الحزب.

هناك خلل فكري أيضاً في هذه الأوراق طُرحت وجرت نقاشات كثيرة حول هذه الورقة، لم ينجل الأفق بعد للرأسمالية أو الإمبريالية العالمية، ولكنها تجدد وتحاول تجديد نفسها في كل ظرف من الظروف التاريخية، ولم يعد، كما قيل في الأوراق، لها خيار سوى طريق الحرب، وأنا أؤكد غير ذلك/ هناك 750 شركة عالمية تسيطر على ملكية المشروعات التجارية في العالم، إن الإصلاحات الهيكلية التي تفرضها منظمة التجارة العالمية وروافدها صندوق النقد والبنك الدوليين في نفس الوقت بأكثر من 100 دولة في العالم، تسعى لعولمة الفقر وإلى تقويض العيش الإنساني، وتقويض الحريات والديمقراطية التي يدعونها في الغرب والشرق والجنوب والشمال. إن سياسات التكييف أتمنى أن تجري عليها إسقاطات على الوضع السوري، إن سياسة التكييف الهيكلي الذي ترعاه مؤسسات (بريدس آندوودز) تعتمد باسم الديمقراطية وسلامة الحكم المزعوم يجب أن تتعرف أكثر.. هذه ظروفنا الموضوعية الآن من خلال العولمة عن منظمة التجارة العالمية وعن صندوق النقد والبنك الدوليين، ومنظمة (الغات) و(التافتا).. وماهو نادي باريس ونادي لندن... إنها الشكل الجديد من السيطرة الاقتصادية، الشكل الجديد للإمبريالية لم ينسد الأفق أمامها. من أجل الاستعمار السوقي الجديد والهيمنة على العالم، وهذا يؤثر على معيشة أكثر من (80 %) من سكان العالم.

الإنسان اهم عامل في القوى المنتجة في مجموع القوى المنتجة، وسياسة الماركسية ـ اللينينية ترى بأنه في كل القضايا الأساسية إن كانت اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية لها معيار واحد، وحتى الآلة التكنولوجية الهائلة الإعلامية الحديثة، يجب أن تتمثل في معيار واحد: لمصلحة من وتحت سيطرة من سيجري استخدامها؟

إن الأقل إدراكاً لهو أكثر من كافر على أهمية وحدة الشيوعيين، وليس هناك شيوعيان اثنان حقيقيان يختلفان على وحدة الحزب، ولكن أرى أن هذا الشعار مافوق الواقعي الآن، المهمة الرئيسية، نحن نغفل الحلقة الرئيسية الآن، ومن خلال الظروف الموضوعية التي يجب أن نمسك بها الآن وهي الوحدة الوطنية الكبيرة الواسعة، سموها ما شئتم، تحالف كبير نلتقي من خلاله مع كل القوى الوطنية على معاداة الاستعمار والإمبريالية ومخططاتهما، ودعم موقف سورية والدفاع عن  هذا التراب الغالي.

■ علي أبازيد ـ درعا

وحدة الشيوعيين.. و «جنس الملائكة»!

لقد تأثرت كثيراً بما قاله الشيخ الشيوعي عندما غادرنا لأسباب صحية عندما قال: «وين وجهكم من العمال والفلاحين وأنتو مختلفين ملتهين ببعضكم» وسمعت كلمة لأحد الرفاق الشيوعيين في محاضرة ألقاها في باريس، أعترف أننا كنا نختلف كثيراً وتبين أننا كنا نتناقش معاً على (جنس الملائكة) ورفيق آخر يقول أنا لا أدعو للاشتراكية وآخر يقول (البلسم هو الديمقراطية) وثالث يقول (لنعد إلى التراث) والكل تحدث أنه لاضرورة للغوص في الماضي، لكن هذا ليس ماضياً،  ولكن السؤال الملح المطروح الآن الجميع يؤكد على ضرورة وجود حزب شيوعي واحد وهذا يعني عملياً إلغاء الفصائلية، وهذا يعني عملياً عبر شعار «من تحت إلى فوق» قطع الطريق على الذين حكموا ويحكمون الفصائل الآن مع حفظ مآثر الشهداء وجهود كل البناة الأوائل وعدم التنكر لهذا التاريخ، بل سنفتخر بهذا التاريخ لما يملكه من صفحات مجيدة جداً، ويجب أن تظهر هذه الصفحات إلى حيز الواقع بدون تفاخر لتغطية العيوب. والمشكلة الأكبر التي نعاني منها اليوم، هي فيما طرح في عام1925في الحزب الشيوعي السوفييتي  على شكل سؤال: ماهي مخاطر فسادنا الحزبي في حال استقرار واستفحال الرأسمالية؟ أجاب عليه ستالين وعذراً ممن لا يتحملون هذا الاسم، أجاب: هناك ثلاثة مخاطر:

1. خطر فقدان الأفق الاشتراكي الداخلي والمثال الآن (البعض خدم في الحزب الشيوعي السوري 52 سنة وهو كادر ومنظر يقول لا أجزم بضرورة انتصار الاشتراكية).

2. خطر فقدان الأفق الثوري الدولي وخطر النزعة القومية وتلاحظون ما يجري في العالم من غياب الأممية.

3. خطر فقدان القيادة الحزبية وإمكانية تحول الحزب إلى تابع لجهاز الدولة وحتى إن كانت هذه الدولة شيوعية فيفقد الحزب دوره الوظيفي ودوره التغييري في التاريخ وإذا سمحتم أن أذكرَّ بالأمراض الجبهوية الثلاثة وهي:

● خطر النزوع نحو المكاسب.

● العمل من فوق لأنه الأسهل.

● البطش بالرأي الآخر.

نلاحظ أنها حلقات متسلسلة بسبب استفحال واستقرار المرحلة الرأسمالية.

الآن هناك رأس مال معولم يقتضي نضالاً أممياً معولماً وهذا ابتدأ من سياتل ويتطور إلى أعلى فأعلى، مع مايعنيه من انفتاح أفق أمام حركة التحرر العالمية وانسداد أفق أمام  الرأسمالية المتوحشة، وعندما يقال تحرير التجارة فإن هذا المصطلح شأنه كشأن مصطلح شيخوخة الرأسمالية، فقد اعتبرت جسماً بيولوجياً والمصطلح له هدف نفسي غريب من نوعه وعندما يقولون تحرير التجارة فكلمة تحرير كلمة محببة بينما هي استباحة وهي تغيير في كل شيء، هذا هو الخطر الذي يقف أمامنا والآن هذه الندوة والتي  سبقتها والتي ستأتي من بعدها، السؤال الأساسي لها: كم تقربنا من وحدة الشيوعيين وإلا سنكون كمن يختلفون على جنس الملائكة.

 

■ حمزة منذر ـ ريف دمشق