«حيث توجد امتيازات لاتوجد قيم» «كاتب فرنسي»

بداية إن الحالة السياسية في سورية، تعاني من إشكاليات عديدة تجذرت وتعمقت في المجتمع، عبر مرحلة تاريخية طويلة، مما أثر بشكل واضح وجلي على عموم الحركة السياسية في البلد. وربما أن الوعي السياسي أيضا ًدخل في إطار محدد عبر السطوة السياسية (الأمنية) ومراقبتها اليومية لعمل كافة التيارات والأحزاب السياسية، وهذا بالتأكيد يؤثر سلباً عليها وعلى الحركة اليسارية بما فيها الحزب الشيوعي السوري.

ما أود قوله أن حالة الانشقاق الدورية والمتتابعة التي حصلت وتحصل في الحركة الشيوعية عندنا هي حالة مرضية شاذة وقاتلة إلى حد ما لكل المكتسبات التي حققتها الحركة خلال تاريخها النضالي الطويل في وجه كافة القوى الظلامية والرجعية والانتهازية التي كانت ومازالت تحاول أن تجر البلاد إلى الويلات سواء كانت سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً.

إذا تأملنا في هذه الحالة الشاذة برؤيا ديمقراطية عميقة تتكشف لنا العوامل التي أدت إلى الانقسام والانشقاقات داخل الحركة.

وأولها انهيار الاتحاد السوفييتي وما سببته من مشكلات وتبعية للحزب لها بكل ما فيها، هذا ما أدى إلى هذا التشرذم وعدم الوضوح في الرؤيا العميقة والفهم الصحيح لماهية الفكر الماركسي اللينيني إضافة إلى ذلك عدم التمثل بشعارات المؤتمرات الحزبية من الثالث إلى التاسع والتي كانت تنادي (وداعاً أيها الأنصار) وما يحصل الآن داخل صفوف الحزب هو عكس ما نطالب به من خلال المؤتمرات فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عدم فهم القيادة الحزبية للمركزية الديمقراطية وسطوة الديكتاتورية الفردية العائلية على هرم السلطة الحزبية ومؤسساتها وغياب الرغبة الإنسانية في التنازل حتى ولو عن طريق الانتخاب.

كل هذا تغيبت الديمقراطية الحقيقية داخل صفوف الحزب وبإمكاننا القول أيضاً أن دخول الحزب الشيوعي إلى جبهة وطنية والتبعية لحزب البعث الذي يقود البلاد خلقت علاقة غير سوية وغير سياسية مما أدى إلى ابتعاد الحزب عن الشارع وعن الجماهير ومتطلباتها الطبقية كما إلى ابتعاد المثقفين الحقيقيين الذين وإن اختلفوا مع الحزب في بعض الأفكار والآراء هم الثروة الفكرية العظيمة للبلاد، كما أن البنية الفيزيولوجية للإنسان السوري خصوصاً والإنسان العربي عموماً تحب الانشقاقات والتفرد بالسلطة أينما كانت وكيفما كانت، وهذا واضح منذ خلافة معاوية بن أبي سفيان، فواضح للعيان أن هذه العوامل أدت إلى عدم الاستقرار في الحزب وخلق حالة التشرذم والانشقاق فيها، وهذا سرد بسيط للحالة المرضية التي أتمنى أن تنتهي بأقل قدر ممكن من الخسائر المادية والمعنوية.

إننا اليوم كحركة وفصائل شيوعية بأمس الحاجة إلى الحوار والنقاش والديمقراطية في الرأي والرأي الآخر ووضع كافة مشكلاتنا على الطاولة والبحث الجاد عن الحلول بالطريقة اللينينية إذا كنا فعلاً شيوعيين حقيقيين مخلصين لمبادئنا الفكرية فعلينا أن نعيد الثقة ما بيننا وبين الجماهير التي كانت معنا في كثير من الأوقات والأزمات، وأعتقد أن وحدة الشيوعيين السوريين في تنظيم واحد خير عمل في هذا الوقت بالذات وفي هذه المرحلة التي يمر بها الإنسان السوري من  قسوة وغبن وهامشية لسماع صوته ومتطلباته وحقوقه و في المرحلة التي تريد الإمبريالية الأمريكية أن تجتاح العالم تحت ستار القضاء على الإرهاب.

فلنعمل يداً بيد من أجل حزب شيوعي حقيقي جماهيري بكل معنى الكلمة.

 

■  حجي عامودا