يجب العودة إلى ماركس ولينين..

1 - نظرا للوضع المعقد في منطقتنا، يستحيل وضع خطة سياسية صائبة دون الفهم ألاختصاصي للمادية التاريخية و الديالكتيكية والاقتصاد السياسي، في كل المنعطفات السياسية والمراحل المعقدة التي مر بها البلاشفة كان لينين يردد قوله الشهير (يجب العودة إلى ماركس).

2 - في ظل الصراع الفكري الحاد الدائر في العالم، لا يمكن أن يكون لنا استقلالنا الفكري عن التيارات الفكرية الأخرى دون الماركسية، كان لينين على عظمته يقرأ يوميا الديالكتيك، من العار أن يقال إن الماركسية دخلت إلى بلدان العربية مع ثورة أكتوبر وتلاشت مع انهيار الاتحاد السوفيتي.                           
3 - التكوين الطبقي للبلدان النامية متنوع للغاية، بحيث يوجد إلى جانب الطبقة العاملة، الفلاحون بجميع فئاتهم، برجوازية صغيرة واسعة الأطياف... هذا التنوع الطبقي ينعكس على اتجاهات المثقفين الفكرية التي لا حصر لها، هذا  النقص في الفرز الطبقي مع ما يرافقه من تشوه الوعي الاجتماعي لا يمكن تعويضه إلا بنضال إيديولوجي مكثف وطويل النفس.

 4 - بصورة عامة أثر كل الانتكاسات يتقدم العمل الفكري، حاليا، تفسير أسباب انهيار الدول الاشتراكية تفسيرا علميا معلل تاريخيا، ولمعرفة سر طمس البيروقراطية مبادئ ماركسية أساسية بصدد بناء الدولة الاشتراكية، استقلال المؤسسات المالي والإداري وانتخاب الإدارات... يحتاج إلى العودة لمؤلفات ماركس أنجلس ولينين إلا أن بعض المثقفين الماركسيين يرى أنه يجب تطوير الماركسية كي تلبي حاجات العصر، من حيث المبدأ هذا الرأي لا غبار عليه، لكن هناك قسم من الماركسية عبارة عن قوانين علمية عامة وقوانين تخص التشكيلة الرأسمالية وهي صالحة طالما التشكيلة  الرأسمالية قائمة، أم أن العلم أصبح موقفاً مسبقاً، أما بالنسبة للشق الإيديولوجي و التطبيقي هل يمكن تطويره  دون الإطلاع عليه، أم سنتبنى اختلاقات وافتراءات مفكري العولمة الإمبريالية ونعتبرها تطويراً للماركسية؟! يدعي بعض مثقفي العولمة أنه يوجد تناقض بين السياسة والفكر، بين المثقف والسياسي هذا تناقض زائف من ضمن الثنائيات الوهمية التي تروج لها وسائل إعلام العولمة، لاحظوا الإمبريالية تعترف بجميع المتناقضات الحضارية القومية والطائفية... ما عدا الصراع الطبقي لماذا؟! السياسي الجدي يهتدي بفكر واضح عندما يضع خطته السياسية، وإلا تحول مع الزمن إلى براغماتي يسهل على الإمبريالية تطويعه والسيطرة عليه، أضف إلى ذلك تعرض لخطر الانغماس بالفساد، والمفكر لابد أن يُسخر فكره لإبداع والدعاية لخطة سياسية وإلاّ تحوّل إلى الأفكار المجردة  عندئذٍ لا يشكل خطراً على المستعمرين، الفكر والسياسة مرتبطان عضويا إذا انفصل الفكر عن السياسة تاه الاثنان وتفشت البراغماتية والانتهازية.
استئناس الأحزاب القومية بالماركسية في الخمسينيات من القرن الماضي، مكنها من تحطيم علاقات الإنتاج الإقطاعية و تحقيق منجزات عديدة للشعوب العربية، كل الأحزاب القومية التي رفضت الماركسية خصوصا شقها الاقتصادي، بقيت أحزاب نخبوية معزولة عن الجماهير الشعبية، لم تستطع تحقيق أي هدف من أهدافها.

يصعب على التيارات الدينية المستنيرة مقاومة المشاريع الأمريكية الصهيونية، بدون الماركسية فالنظام الرأسمالي لم يكن موجودا، عند بدء الدعوة الإسلامية، القياس والتأويل لا يكفيان للوصول إلى الحقيقة واكتشاف قوانين عمل الرأسمال فهل يمكن اكتشاف قوانين الكهرباء بالتأويل؟، رفض الماركسية بمجملها يعني الاستهتار بتجربة البشرية خلال أكثر من ألف عام، الأمر الذي يتناقض مع جوهر الإسلام، ثم هل الاستئناس بالاقتصاد السياسي الماركسي يضير بالإسلام، الحديث الشريف واضح (الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو الأحق بها)، (اطلبوا العلم ولو في الصين) تمكنت الدول الاستعمارية وبجهود أيديولوجية مكثفة من خلق تناقض مفتعل بين الفكر الديني والماركسية لحرمان التيارات الدينية من سلاح الاقتصاد السياسي الماركسي، ركزت دعايتها على الجانب الفلسفي من الماركسية لتكوين رأي عام سلبي من الماركسية عند المسلمين، شارك الشيوعيون بمواقفهم الطفولية اليسارية بتعميق الخلاف بين الإسلام والماركسية، في العصر الحالي. بدون «رأس المال» لماركس و«الإمبريالية أعلى مراحل الرأسمالية» للينين يسهل على الإمبريالية تفريغ أي حركة سياسية مناهضة لها من محتواها وإيصالها إلى طريق مسدود، ومن ثم القضاء عليها.
إن غياب البرنامج الاقتصادي الاجتماعي الواضح المدعوم شعبيا يفضي لا محالة إلى طريق مسدود، عندئذ إما المغامرة السياسية، أو النكوص واليأس والاستسلام.

آخر تعديل على الإثنين, 31 كانون1/ديسمبر 2018 13:25