مكابرة.. أم تزلّف بعد فوات الأوان؟

توحدت كل أطياف الشعب السوري وخاصة بعد انطلاق الحركة الشعبية، حول الفكرة التي تقول إن الإجراءات الحكومية السابقة، وتحديداً في شقها الاقتصادي -الاجتماعي كانت من أهم أسباب الأزمة..

هذا ما اجتمع عليه الجميع من أصغر مواطن في سورية وصولاً إلى السيد رئيس الجمهورية, فطالما سمعنا تلك الشتائم التي يكيلها المواطنون للنائب الاقتصادي, ورئيس الحكومة, وعدد من الوزراء وغيرهم.. نتيجة أوجاعهم المتزايدة بسبب ارتفاع أسعار المازوت الغذاء والنقل والسكن, حتى باتت سندويشة الفلافل خياراً قد يكون بعيد المنال لأمعاء الفقراء..

وفيما كانت أمعاء الناس تصرخ، تعالت أصوات الكثير من الاقتصاديين الوطنيين حول أرقام الفقر والبطالة والتضخم, المساس بملكية القطاع العام, ومخالفتها الضمنية للدستور.. إلا أن الحكومة آنذاك تعامت عن كل تلك الصور.

وأخيراً، أفاق الجميع على صيحات الحرية التي تحمل في عمقها آلاماً دفينة تعد أحد مسبباتها الأساسية لها تلك الإجراءات المريبة, إلا أنه ورغم كل ذلك، ظلت بعض الأصوات تتعامى عن هذه الحقائق، ويشكل أحد نجوم التلفزيونات وهو عضو في مجلس الشعب المنتهية صلاحيته، أحد تلك النماذج التي تصر على التعالي عن أوجاع الشعب التي تدعي تمثيله، فقد طلع علينا ببرنامج حواري مع قناة العالم مؤخراً، مدافعاً عن كل الإجراءات الحكومية السابقة، رافضاً محاسبتها على أخطائها القاتلة, معتبراً أن كل تلك الإجراءات كانت دستورية، وأنها تستمد شرعيتها من رؤية منهجية، متناسياً أن القيادة السياسية نفسها على لسان رئيس الجمهورية اعترفت بأن النموذج التنموي المتبع خلال الفترة السابقة «النموذج الليبرالي», اعتبر نموذجاً ساقطاً في سورية كما سقط النموذج نفسه في تونس, كما اعترفت القيادة السياسية أن كل الإجراءات التي كانت تهدف إلى تحسين الوضع المعاشي للمواطن, زادت من وضعه سوءاً, ورغم كل ذلك يكابر هذا النائب السابق، ويمعن في تعميق جراح السوريين حين يكذّب كل ما أثبته الواقع الحالي، وكل ما أثبتته الأرقام سابقاً، وكل ما جاء بالتصريحات الرسمية..

 يبدو أن «صاحبنا» يمثل نموذجاً فجاً لتلك الأوجه التي باعت دماء السوريين لأصحاب المال, وهي اليوم تمعن في غدرها للشارع ودمائه النازفة..

آخر تعديل على الإثنين, 17 تشرين1/أكتوير 2016 13:25