إعلان.. بالمجان!

قال وهو يقلب صفحات قاسيون بتأن: لماذا هي خالية من أي إعلان؟ فأحببت أن أداعبه مداعبة «مقصودة» فقلت له: يبدو أنك لا تتابع الجريدة بدقة! أصابته الدهشة وأجاب باستغراب: كيف تقول ذلك، وأنت تعلم أنني أتابعها باستمرار، وأقرؤها من الافتتاحية إلى تحديد ساعة إغلاق العدد، وكثيراً ما تناقشنا حول ما يكتب فيها، ومنذ اشتراكي بها لم ألحظ أي إعلان، لا رسمي ولا غير رسمي؟!

قلت، مستمراً بالأسلوب نفسه: عليك أن تضع نظارات لترى جيداً يا صديقي، فهي مليئة بالإعلانات! فانتفض وقال: أتحداك! قلت: اسمع ولا تقاطعني.

ـ أعلنّا أننا ضد السياسة الاقتصادية الليبرالية للفريق الاقتصادي، التي أهلكت البلاد والعباد.

ـ أعلنّا أننا ضد الخصخصة ورفع الدعم، وأعلنّا وقوفنا مع الطبقة العاملة وسائر الكادحين.

ـ أعلنّا أننا ضد النهب والفساد، والتهرب الضريبي الذي يقوم به كبار التجار.

ـ أعلنّا أننا على استعداد للوحدة، والانضمام إلى أي فصيل، بالإجمال ودون مناصب.

فلم يتمالك نفسه وقاطعني قائلاً: لا تُسيِّس الأمور، أنا أقصد إعلاناً عن مزايدة أو مناقصة!

قلت: يا صاحبي، أنت لست بحاجة لنظارة فقط، وإنما لعدسة مكبرة شديدة السماكة، ولعلمك فقد قمنا بما يلي:

ـ أعلنا عن مزايدة الضرائب لوزارة المالية، التي تفرض على ذوي الدخل المحدود.

ـ أعلنا عن مزايدة الحكومة في أرقام النمو الوهمية التي لم تنعكس إيجاباً على المواطن.

ـ أعلنا عن مزايدة في أرقام البالة.. فازت بها الحكومة بجدارة.

ـ أعلنا عن مزايدة ارتفاع الأسعار، قبل حدوثها وارتفاعها الجنوني «المستمر».

عند ذلك، جاراني في المداعبة، وقال: وما هي المناقصات يا عزيزي؟!

تابعت معه:

ـ أعلنا عن مناقصة دور الدولة التي قدمتها الحكومة في التعليم والصحة وبقية الخدمات.

ـ أعلنا عن مناقصتها في ضبط الوضع الأمني، والتمويني، وانتشار الجريمة بشتى أشكالها.

ـ أعلنا عن مناقصتها في انخفاض الأجور  وفقدانها لنسبة كبيرة من قيمتها الشرائية.

ـ أعلنا عن مناقصتها في توفير مستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي لحساب السلع الاستهلاكية الترفيهية.

قاطعني مرة ثانية: يكفي، «قلبي ورمان» من الحكومة اللي رافضة تتزحزح، والآن لن أدع لك مجالاً لفلسفة الأمور أكثر، وحتى أنعش ذاكرتك، أريد إعلاناً من إعلانات السوق التجارية التي تمول الجرائد عادة!

قلت: ها.. ذكرتني، إعلانات السوق! أعلنا أننا ضد السوق وقواه وتجاره الكبار، ومن يؤيدهم أينما كانوا في الداخل والخارج، لوحشيته، ومع ذلك أقول لك وحتى أشفي غليلك: أعلنا إعلاناً واحداً وبالمجان، وهو الإعلان الدائم عن حملة اشتراكات قاسيون، وهي التي تمولنا.. فما رأيك؟!

انقض علي.. ولكمني لكمة صديق وقال: تعرف.. بتّ لا أخاف عليكم أينما كنتم.

وأعلن إعلاناً صريحاً عن محبتي لكم.. وثقتي بكم.

■ زهير مشعان ـ دير الزور

آخر تعديل على الثلاثاء, 23 آب/أغسطس 2016 13:21