متى يحل عيد النصر على «الفاشية الجديدة»؟

في خضم أزمتها العارمة، تنزع الرأسمالية في أعلى مراحلها الإمبريالية نحو اكتساب الطابع النازي الفاشي مجدداً، بوصفه السبيل الوحيد المحتمل للخروج من هذه الأزمة، إن أمكنها ذلك، في ظل انعدام إمكانيات التمدد للخارج والاستيلاء على مصادر جديدة للهيمنة وإطالة العمر وتصدير الأزمة، بحكم الطابع الكوني لها مسبقاً.

هذا الجوهر، لا يغيره تبدل الأشكال الظاهرية من تخفيف اللهجة سياسياً مع بعض الأطراف في العالم، لأن ذلك يقابله تصعيدها مع أطراف أخرى، بحيث تبقى هناك درجة معينة من التوترات العالمية تشكل مبرراً ومادة لاستمرار النظام الرأسمالي الإمبريالي بالطغيان والنهب واستعباد الشعوب، عبر أشكاله السياسية وأدواته العسكرية، مع تبديل للأدوار، ومنح وظائف معينة لأطراف محددة وتبادل ذلك معها، بحيث يكون باراك أوباما، بمن يقف خلفه من احتكارات، امتداداً لبوش وتشيني وعصابتهما، بشكل آخر، وهو لا يستطيع إلا أن يكون كذلك، من أجل تأدية المهمة المطلوبة ضمن الزمن الممنوح، وإلا «سيتم تطييره».

على سبيل المثال، فإن الحديث الأمريكي الجديد عن مصالحات مع، وانفتاح على، دمشق وطهران، يقابله استمرار التصعيد والتهديد أو التضليل الإسرائيلي بخصوصهما، مع تقديم واشنطن لتطمينات لحلفائها بأن ذلك لن يكون على حسابها، في مقابل إدراك دمشق وطهران لأهمية تحالفهما ودوره في المواجهة. 

وكذلك فإن التهدئة السياسية مع «طالبان» في أفغانستان (وهي الصنيعة الأمريكية أصلاً) وزيادة حجم القوات هناك، يقابلها تصعيد مع الحركة ذاتها في باكستان ضمن المناطق الحدودية، مع بدء التلويح بالمخاطر المحيطة بالترسانة النووية الباكستانية، وتصدير «التطمينات» بخصوصها، بما يحضر المسرح لتفجير الوضع مع كل انعكاساته على المنطقة العربية وبؤر المقاومة والممانعة فيها، وذلك في محيط إيران، وباكستان وشبه القارة الهندية، وصولاً إلى تخوم روسيا عبر البوابة الجورجية مجدداً (المناورات مع الأطلسي وماسبقها من حديث عن انقلاب عسكري ترعاه موسكو وطرد اثنين من دبلوماسييها من حلف الأطلسي).

ويرافق كل ذلك «تمرير» قادة البحرية الأمريكية لمسوغات وجود قوات برية في القرن الأفريقي لمواجهة «عمليات القرصنة» المتسارعة في تلك المنطقة، ناهيك عما يقترفه الإعلام العالمي، من جرائم فكرية، نفسية، نازية- فاشية جديدة، بخصوص «جائحة الخنازير»، وتحضير البشرية، عبر منظمة الصحة العالمية ضمناً، لتلقي أنباء «فناء نصف تعدادها»!

في التاسع من أيار يحتفل العالم بعيد النصر على الفاشية، وربما في سياق عملية ليست ببعيدة بالمعنى التاريخي، سيحتفل بعيد الانتصار على النسخة الجديدة منها، وخلاص البشرية.

 

آخر تعديل على الأربعاء, 03 آب/أغسطس 2016 23:22