وفد ائتلاف قوى التغيير السلمي في موسكو: ليـس هناك حـل عســـــكري لـلأزمــــــة.. والحــــــوار يجـب أن يبدأ الآن وليـــس غــــــداً

 

أجرى وفد ائتلاف قوى التغيير السلمي المعارض مؤتمراً صحفياً في موسكو الجمعة 14 كانون الأول، عرض فيه نتائج زيارته ولقاءاته التي جرت خلال يومي الخميس والجمعة الفائتين مع كل من نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ومع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف..

لا يوجد حل عسكري للأزمة

افتتح د. قدري جميل رئيس الوفد وأمين حزب الإرادة الشعبية المؤتمر بالقول: «وفدنا يمثل طيفاً واسعاً من قوى المعارضة السورية التي عقدت مؤتمرها الأول في أواخر الشهر التاسع وحضره 35 حزب وقوة وحركة، ونتابع العمل الآن لتجميع صفوف المعارضة السورية الوطنية في الداخل»

ثم انتقل إلى توصيف الوضع الراهن في سورية فقال: «الوضع في البلاد معقد، والمواجهة ما تزال جارية، الضحايا يزدادون والخسائر الاقتصادية تتزايد، ضحايا الأزمة السورية حتى الآن بعشرات الألوف، وتجاوز الرقم حسب الإحصائيات الثلاثين ألفاً. الخسائر المباشرة للاقتصاد السوري التي يمكن إحصاؤها اليوم بشكل تقريبي تصل إلى أربعين مليار دولار، وهذا الرقم محسوب دون الخسائر المتعلقة بالمباني والسكان، ولذلك فالرقم الحقيقي يتجاوز الأربعين مليار بكثير، وهذه هي الخسائر الأولية فقط وستزداد إذا استمرت الأزمة»

وأضاف: «مشكلة سورية أن كامل بنيتها جرى بناؤها تاريخياً وتراكمياً عبر عقود، فسورية ليست دولة نفطية، الأمر الذي يعني أن ما تهدم اليوم جرى بناؤه عبر عشرات السنين، وإعادة بنائه ستأخذ أيضاً سنوات طويلة.. الكارثة الإنسانية تقترب، هناك مناطق يمكن اعتبارها منكوبة، عدد المهجرين كبير في الداخل وهذا العدد أهم بكثير من عدد المهجرين في الخارج، لذلك آن أوان إيقاف نزيف الدم»

وأكد د. جميل على أن: «التجربة العملية تثبت أنه ليس هنالك من حلٍ عسكريٍ للأزمة السورية، كما أن التجربة تثبت أن الحل الوحيد الممكن هو الحل السلمي عبر الحوار، والحوار لا يمكن أن يبدأ بشروط مسبقة لطرف على طرف، وكي يبدأ الحوار يجب الاتفاق فقط على مبادئه العليا التي تقول لا للتدخل الخارجي ولا للعنف كوسيلة لحل المشكلات الداخلية، وبعد ذلك يصبح كل شيء قابلاً للنقاش، وعبر النقاش يمكن الوصول إلى توافقات.» وأضاف: «ما نستطيع تأكيده اليوم أنه ما دام الحوار لم يبدأ فإن العنف سيستمر، وإن بدأ الحوار يبدأ منسوب العنف بالانخفاض التدريجي، وفي هذا انتصار للشعب السوري، وإن استمرار المواجهات الموجودة اليوم لن ينتج غالباً ولا مغلوباً، الذي يهزم هو سورية والشعب السوري، وهذا غير مسموح به، ولكن إذا بدأ الحوار فإن قاعدة لا غالب ولا مغلوب ستبقى سارية المفعول ولكن الشعب السوري هو من سينتصر، سينتصر بإيجاد مخرج من الأزمة يصل عبره إلى سورية الجديدة على أساس التغيير الوطني الديمقراطي الشامل الذي يجب أن تشارك فيه جميع القوى الوطنية بغض النظر عن موقعها الحالي إن كانت محسوبة على المعارضة أو على الموالاة»

وفي التأكيد على أهمية الحوار وضرورته قال د. جميل: «يتبين اليوم أن الذهاب إلى الحوار يتطلب شجاعة أكبر بكثير من تلك المطلوبة لحمل السلاح، يتطلب شجاعة شخصية وسياسية لأن الذاهبين إلى الحوار سيقومون بتنازلات متبادلة للوصول إلى توافقات، وهو أمر يحتاج فعلاً إلى الشجاعة من أجل مصلحة البلد العليا»

وحول مسألة التعامل مع المسلحين قال جميل: «أياً كانت درجة العنف التي وصلت البلاد إليها، فمن الممكن ومن الضروري للسوريين أن يتفاهموا مع بعضهم البعض حتى المسلحين منهم، وأن يتحدوا جميعاً ضد المسلحين غير السوريين اللذين تمثل جبهة النصرة إحدى طلائعهم..» 

جسر جوي

وحول نتائج اللقاء مع الخارجية الروسية قال جميل: «في لقائنا مع السيدين لافروف وبوغدانوف الذي استمر لأكثر من ساعتين، اتفقنا على نقطتين أساسيتين، الأولى هي أن الحوار يجب أن يبدأ فوراً، الآن الآن وليس غداً، وفي النقطة الثانية اتفقنا على توسيع تقديم المساعدات الإغاثية والإنسانية، وقدمنا مقترحات ملموسة في هذا الإطار لأن الوضع الإنساني يتطلب ذلك بشدة، روسيا صديقة تاريخية للشعب السوري، وقفت إلى جانبه دائماً في أوقات الضيق، واليوم حين ستصل المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي هي بحاجة لها لن تفرق بين السوريين إن كانوا معارضين أم موالين، قدمنا اقتراحات ملموسة من بينها جسر إغاثة جوي، ونأمل من القيادة الروسية أن تتجاوب معها بأسرع وقت ممكن»

حول الموقف الغربي من الأزمة السورية قال: «لم يتغير موقف الغرب الإمبريالي من حيث الأساس من الأزمة السورية، فهو إن فشل في التدخل العسكري المباشر فإنه يدعم بشكل منافق جداً أشكال التدخل غير المباشر»

صف عمل وطني

وبدوره أشار الأستاذ فاتح جاموس رئيس تيار طريق التغيير السلمي قائلاً: «أنتم أمام وفد على درجة عالية من الندية، ويرغب هذا الوفد أن يمضي إلى أقاصي الدنيا وإلى مراكز القرار الدولي لطرح وجهة نظره وإيجاد حل ومخرج من الأزمة الراهنة»..

وأضاف: «سألنا بقلق واهتمام شديد عن ملف الرفيق عبد العزيز الخير ورفاقه، وعن مدى صحة المعلومات التي تمتلكها هيئة التنسيق حول وجودهم لدى النظام، وعن الآليات الممكنة لحل هذه القضية بأسرع وقت ممكن»

وتابع الأستاذ فاتح: «تقدمنا بفكرة تشكيل صف عمل وطني ديمقراطي لمواجهة الأزمة السورية، يتكون من القوى الشعبية والسياسة السورية»

كما دعا الأستاذ فاتح جميع الوطنيين والمثقفين أياً كانت مواقعهم إلى تشكيل «جبهة موحدة لمواجهة التدخل التركي في الشؤون الداخلية السورية»

نرفض تصنيف السوريين

على أساس أقليات وأكثريات

من جانبه أكد طارق الأحمد عضو الحزب السوري القومي الاجتماعي وعضو المكتب التنفيذي في الجبهة الشعبية للتغير والتحرير على أن رؤية الائتلاف للحدث السوري تنطلق من أن «حراكاً شعبياً بدأ منذ أقل من عامين، ولكن عملت قوى مختلفة على استثماره لصالحها، قوى خارجية جنباً إلى جنب مع أركان الفساد في النظام»

وأضاف: «يوجد في سورية قوى متجذرة في المعارضة الوطنية، مغطى عليها الحجاب الإعلامي بفعل النظام السياسي، وبعد بدء الحراك تمت التغطية عليها لصالح قوى ناشئة ومرتبطة بالغرب تحديداً»

وحول الموقف من ائتلاف الدوحة قال الأحمد: «ما جرى في الدوحة هو عملية إقصاء لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، هو إقصاء للشعب السوري وللمعارضة وللموالاة»، وأضاف: «حاول الغرب الاستعماري طمس قوى المعارضة الوطنية السورية وتصنيع معارضة خارجية وسوقها لاستكمال مصالحه الخاصة»

وأشار الأحمد إلى أن «قوى التغيير السلمي المعارضة وضعت خارطة طريق للخروج من الأزمة ولجمع كل القوى الحية لتطبيقها من خلال طاولة الحوار على أساس مبادئه العليا»، وأكد أن: «المعارضة الوطنية السورية ترفض تصنيف السوريين على أساس أقليات وأكثريات، وترفض أي حل على هذا الأساس».

الموقف الروسي لم يتغير

عن التيار الديمقراطي العلماني تحدث الأستاذ مازن بلال مضيفاً: «خلال اللقاءات التي جرت لمسنا جدية الجانب الروسي في التعامل مع الأزمة السورية ومحاولة إيجاد حل سياسي لها»

وأضاف: «أكد الجانب الروسي على ثبات موقفه، وإصراره على توفير الفرصة للشعب السوري ليصنع مصيره بنفسه وبالطريقة التي يراها مناسبة، دون تدخلات خارجية، ونحن نؤيد هذا الموقف لأنه سيساعد على عزل المتطرفين من كل الأطراف»

من جانبه أكد السيد سامي بيتنجانة ممثل التيار الثالث من أجل سورية بالتأكيد على أن: «سورية تتجه إلى أزمة خطيرة جداً، إلى دمار شامل، وعلى كل السوريين الحريصين على مصلحة بلدهم، أن يتأكدوا أن لا حل بالسلاح، وأن المنتصر بالسلاح، إن كان هنالك منتصر، سيحكم الأنقاض، ولذلك فالحل لن يكون إلا سياسياً وعبر الحوار»، كما هاجم بيتنجانة الدول التي تتدخل في سورية لتعميق الجرح ورفع منسوب العنف..

الحديث عن نسب السيطرة هو تضليل

في رده على سؤال عن نسب سيطرة النظام والمعارضة المسلحة على الأرض قال د. قدري جميل: «يكذب من يقول إن هذه المساحة يسيطر عليها هذه أو تلك من القوى على الأرض لأنها تتغير كل يوم, ثم ما هو المقصود بالمساحات المسيطر عليها؟، هل المساحة التي توجد فيها أجهزة الدولة مسيطر عليها أم لا؟!

وحين تكون تحت سيطرة أجهزة الدولة وليس هناك من داع لوجود الجيش، فهل هي مسيطر عليها أم لا؟ إن لم يكن هناك تواجد للجيش ولأجهزة الدولة ولا للمسلحين، والسكان المحليون هم من يسيطرون عليها فهل هذه مسيطر عليها أيضاً أم لا؟

لذلك هناك جملة من التعقيدات, وليس بهذه البساطة يمكن تحليل الواقع في سورية، ولكن هل هناك أزمة؟ نعم هنالك أزمة.. والاستنتاج هو أنه لا يمكن لأي طرف الانتصار الكامل بالضربة القاضية وهذا ما أكدناه منذ أكثر من سنة.

هذا ما قلناه في هذه القاعة من قبل وعبر كافة الوثائق الصادرة عن الجبهة الشعبية وائتلاف التغيير السلمي, لذلك يمكن القول أن المساحات التي يسيطر عليها أحد الطرفين قد تتغير بهذه النسبة أو تلك، ولكن هذا لا يغيّر شيئاً في نهاية المطاف بالتحليل, لأن التغيير في هذه المناطق لا يعني تغيير تناسب القوى ولن يؤدي إلى إسقاط طرف للطرف الآخر بالضربة القاضية..»

العلاقات مع روسيا في تطور مستمر

وفي سؤال عن تفاصيل القرض الروسي الذي تم الحديث عنه في زيارة سابقة للدكتور قدري جميل، رفض الإجابة بصفته الحكومية، وقال: «لست هنا بصفتي الحكومية، لكن يمكن الإجابة على السؤال في إطار سياستنا ضمن ائتلاف قوى التغيير السلمي والجبهة الشعبية, بأن العلاقات مع روسيا في تطور مستمر، وأطمئن الأصدقاء والخصوم أنها تسير إلى الأمام، وتتكيف مع الظروف الجديدة الناشئة بسبب الحصار الغربي الظالم ضد سورية».  

لو دعينا للدوحة لما ذهبنا

في سؤال عن مدى رغبة ائتلاف قوى التغيير السلمي في مشاركة ائتلاف الدوحة أو في تنسيق الجهود.. أكد د. جميل أن الجبهة الشعبية، وائتلاف قوى التغيير السلمي ليسا ضد النقاش والحوار مع أي كان، وأضاف: «لكننا لو دعينا في الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير لحضور مؤتمر الدوحة لما ذهبنا. ولم نكن لنذهب لأنه مؤتمر مطبوخ مسبقاً، وثائقه مقررة قبل انعقاده دون أي تشاور معنا أو أخذ لرأينا, وهي مناقضة لخطنا السياسي أصلاً, والذين ذهبوا إلى الدوحة ذهبوا للتوقيع على مواقف ووثائق مقررة مسبقاً, لذلك الحوار مع أي كان لا يشكل مشكلة وغير ملزم لأنه وفي نهاية المطاف يمكن الاتفاق أو عدم الاتفاق, لكن الذهاب إلى أماكن سيجري من خلالها تحريك قوى المعارضة لاستدعاء التدخل الخارجي وعقد هذه اللقاءات سينتج خط سياسي لا علاقة لنا به, لذلك فبالتأكيد لن نذهب».

المعارضة الوطنية جاهزة للحوار

وأشار د. جميل إلى أن « البعض في النظام يقول إن المعارضة غير جاهزة أو محضّرة أو موحدة ولذلك فمن الصعب البدء بالحوار. نحن غير موافقين على وجهة النظر هذه, فمثلاً حول تعبير (المعارضة الموحدة) من قال إن المطلوب هو توحيد المعارضة؟ إن المطلوب هو تجميع المعارضة.

وحين يطالب ائتلاف الدوحة بتوحيد المعارضة, فهذا كلام تفوح منه رائحة المادة الثامنة من الدستور القديم، وهي المادة التي أسست لموضوعة الحزب الواحد.

نحن نرى أن يبدأ الحوار بمن حضر, ويترك الباب مفتوحاً لمن سيحضر, ولا يجوز أن يستمر النظام بالتحجج بغياب المحاور، هناك معارضة مستعدة للحوار، وهي المعارضة الوطنية في الداخل.

وإذا كان الحوار صادقاً وجدياً, فإن القوى المعارضة المترددة حين تلمس هذه الجدية فمن المؤكد أنها ستلتحق به. وهنا تأتي ضرورة ترك الباب مفتوحاً لمن لا يحضر الحوار في بادئ الأمر، ومن المؤكد أيضاً أن الحوار حين يبدأ, سينقل القوى المتشددة التي لا تريد الحوار اليوم إلى مواقع التردد ومن ثم الالتحاق»، وتابع: « لذلك يجب أن تبدأ العملية وينطلق القطار، وأن يصعد إليه ركاب جدد في كل محطة لنصل جميعاً إلى المحطة التالية، لأن تأجيل بدء الحوار يعني استمرار العنف أكثر فأكثر. إن بدء الحوار سيخلق الظروف الموضوعية لتخفيض مستوى العنف وصولاً إلى إنهائه في نهاية المطاف».

حوار مفتوح

وأكد د. جميل أنه في الوقت الذي يصر فيه ائتلاف قوى التغيير السلمي على مبادئ الحوار العليا في رفض التدخل الخارجي ورفض العنف، فإن جدول أعمال المتحاورين المتفقين على المبادئ مفتوح على كل شيء.. « حين يبدأ الحوار فمن الممكن أن يبحث بنود جدول الأعمال حسب رغبة المشاركين، ويمكن أن يتضمن الدستور والتعديلات عليه، وقانون الانتخابات والأحزاب والتعديلات عليهما, وجملة من القوانين لها علاقة بإعادة النظر بالبنية السياسية للنظام في سورية وصولاً لنظام سياسي جديد، على أساس ذلك يمكن الحديث والبحث في انتخابات تشريعية مبكرة وانتخابات رئاسية، أي جميع القضايا قابلة للنقاش على طاولة الحوار, ولكن أن تضع شروطاً مسبقة على الحوار، فتنفيذ تلك الشروط يعني بالنتيجة أنه ليس هناك من داع للحوار أصلاً، لأن من يضع تلك الشروط عملياً ينزع من الحوار الضرورة التي تلازمه، لأن وضع بعض الشروط التعجيزية من البعض لبدء الحوار في كلا الطرفين تنفي إمكانية الحوار نفسه نهائياً»

أوراق الاعتماد

وحول شرعية ائتلاف الدوحة في تمثيل السوريين، أكد د. قدري أن اعتراف أمريكا وغيرها من الدول بائتلاف الدوحة ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب السوري هو: «ضرب لأسس الديمقراطية وسحب لحق تقرير المصير من يد الشعب السوري»، وأكد أن هذه الاعترافات لا تساوي شيئاً وليست لها أي قيمة، «ومن يريد أوراق اعتماد فهي لدى الشعب السوري, فالشعب السوري هو من يقرر, والذي يصر من الخارج اليوم على أن يوزع شهادات اعتماد وحسن سلوك فهو يؤكد أن لا ثقة له بمن اعتمده».