بيان الحزب الشيوعي السوداني: الحل يكمن في إسقاط النظام بالعمل الدؤوب والمثابر لتكوين أوسع جبهة
الحزب الشيوعي السوداني الحزب الشيوعي السوداني

بيان الحزب الشيوعي السوداني: الحل يكمن في إسقاط النظام بالعمل الدؤوب والمثابر لتكوين أوسع جبهة

ناقش اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني المشترك مع قيادات المناطق اﻟﻤﺨتلفة المنعقد في صباح الجمعة الموافق ٨ نوفمبر ٢٠١٣ الموقف السياسي واتخذ ضمن قراراته إصدار هذا البيان:

لم تكن اللجنة المركزية لحزبنا ترجم بالغيب عندما توصلت في دورتها المنعقدة في يونيو ٢٠١٣ والاجتماعات الموسعة التي عقدت مع مسؤولي المناطق والمكاتب المركزية والمدن ومع المدن والقطاعات والطلبة لمقاومة الزيادات أن الهبة الشعبية أصبحت ماثلة .بل كان ذلك استقراء صحيحاً ومبكراً للواقع ، استرشاداً بالماركسية ومنهجها الجدلي طوال ربع قرن من الزمان. أشارت بوضوح لا لبس فيه إلى :

 

أن ايديولوجية وطبيعة النظام الطبقية المعبرة عن الفئات الرأسمالية الطفيلية المتأسلمة ستدمر الإنتاج وتشعل الحروب وتمزق الوطن. 

تجاهل النظام عن قصد ومع سبق الإصرار لقضايا الحريات والتحول الديمقراطي والتعددية واللامركزية والهوية وقومية أجهزة الدولة والتنمية المتوازنة كأولوية قصوى في حل أزمة السودان الشاملة.

إن الأزمة الوطنية الشاملة تفاقمت في البلاد وطالت كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية. ومع كل صباح جديد تزداد عمقاً.

تواصل الحرب وتصاعدها في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وإندلاع الصراعات القبلية في معظم مناطق الغرب فاقم من الأزمة الشاملة.

 

قادت السياسات الاقتصادية والاجتماعية والخدمية وعدم تنفيذ اتفاقية السلام الشامل لأهم بنودها وعلى رأسها أبيي وترسيم الحدود والبترول إضافة إلى شمولية النظام والحرب الجهادية والتوجه الأحادي .. الخ أدى إلى انفصال الجنوب الذي مثل أكبر كارثة في تاريخ السودان الحديث، استمرار هيمنة حزب المؤتمر الوطني على مقاليد الحكم وكل مفاصل السلطة والثروة ووضعها في خدمة نظام الرأسمالية الطفيلية، أدى إلى عجزه التام عن إدارة البلاد. وانحيازه لتنمية وحماية المصالح الطبقية لتلك الفئة على حساب الوطن والأغلبية الساحقة من المواطنين.

هذه السياسات قادت البلاد لتصبح بؤرة للفساد المستشري نتيجة سياساته الاقتصادية وعلى رأسها الخصخصة لجميع مؤسسات الدولة الزراعية والصناعية والخدمية حتى الرابح منها وتجنيب الأموال ، وسرقة مال الحج والعمرة والزكاة وعائدات الأوقاف داخل وخارج السودان .وبهذا فقدت البلاد قمم الاقتصاد التي كانت تدر العملة الأجنبية من عائدات التصدير.

 

النظام الحاكم بحكم طبيعته الطبقية الطفيلية لن يغير من سياساته ولن يتنازل عن الاستحواذ الكامل على السلطة والثروة .. وهو لأجل التمكين لنفسه من البقاء في السلطة يتحالف مع أنظمة البترودولار في العالم العربي والإسلامي وينصب نفسه وكيلاً للامبريالية ولخدمة المصالح المباشرة لها انصياعاً لأوامر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

ذهبت الدورة إلى أبعد من تلك المؤشرات وهي تلامس معاناة النظام من داخله والصراعات التي بدات تنخر كالسوس في عظامه . صراعات امتدت إلى قمة معظم الولايات ، بل دخلت أهم مؤسسات حمايته مثل الجيش والأمن واتهمت مجموعة قائدة ومتنفذة فيها بالقيام بانقلاب عسكري ضد النظام. وقامت مجموعة في قمة قيادته بما سمته المعركة من أجل الإصلاح بقيادة ٣١ عضواً . بينهم أعضاء في اﻟﻤﺠلس الوطني وعلى رأسهم رئيس كتلة نواب المؤتمر الوطني وغيرهم برفع مذكرة احتجاج على سياسات النظام. وهذا عامل هام من عوامل نضوج الأزمة.

 

من كل تلك الملامسة والدراسة للواقع السياسي توصلت الدورة إلى أن الحل يكمن في إسقاط النظام بالعمل الدؤوب والمثابر لتكوين أوسع جبهة ممكنة ضد النظام. مهمة الحزب الشيوعي تكمن أساساً في انضاج العامل الذاتي للانتقال من مرحلة السخط الجماهيري إلى تصعيده والتحرك به ومعه إلى الأمام بالعمل المثابر مع الجماهير في النضال اليومي عبر قضاياها اﻟﻤﺨتلفة . هذا هو الذي يصل بنا إلى التكتيك السليم بتكوين الجبهة الواسعة التي تسقط النظام.

من المهم كذلك أن لانغفل في خضم المعركة الأساليب اﻟﻤﺨادعة للسلطة التي تتوسل بها لشق صفوف المعارضة وتشتيت وحدتها. ومنتبهين أيضاً إلى ممارسات الاتجاهات اليمينية التي تسعى للمصالحة مع النظام، تحت ستار التفاوض معه لمصلحة البلاد ( المستهدفة) وغيرها من الأساليب التي لا تفضي إلا إلى تشتيت جبهة المعارضة وإرباك الشعب. وكلاهما يصب في تمديد عمر النظام. كذلك نبهت الدورة إلى الاتجاهات اليسارية المعزولة التي ترى في أي تظاهره نهاية النظام. ولهذا تطالب بوضع الإضراب السياسي موضع التنفيذ . 

 

تخطى حزبنا هذا التفكير المتعجل الذي يريد القفز فوق الواقع الموضوعي والذاتي. إسقاط النظام شعار يستوجب التخطيط لانجازه وتنفيذه وله مراحله ومنعطفاته اﻟﻤﺨتلفة . وله في كل لحظة بعينها أسبقياته الجزئية التي يفرضها الواقع السياسي . عملية مركبة تربط بينها سلسلة من العمليات النوعية . إضافة إلي كل ما يستجد من قضايا الصراع السياسي . 

مع كل ذلك فإن استراتيجيتنا الهادية في هذه الفترة هي دائماً وأبداً تسخير كل الأولويات لخدمة شعار إسقاط النظام. من الاحتجاج الجماهيري المطلبي والسياسي ، التظاهر والاعتصام حتي العصيان المدني والإضراب السياسي. التظاهرات الجماهيرية التي إندلعت في معظم مدن أقاليم السودان شملت أحياءه وقراه وكل فئاته الاجتماعية رجالاً ونساءاً شيباً وشباباً، ضد الزيادة في أسعار المحروقات ومعظم السلع الضرورية، هي ثمرة لتراكم نضال تواصل بصبر ومثابرة خلال ربع قرن من الزمان، ركز على فضح وكشف النظام وتعريته. وعمل بصبر لتوعية الجماهير بخطل سياساته وعدم مقدرته على إدارة شؤون البلاد ورفع المعاناة عن الشعب، بل تسبب في تعميق معاناته وفقره. 

 

ولهذا فإن تلك المظاهرات العارمة هزت ساكن الحياة في كل أنحاء البلاد ، وكسرت حاجز الخوف والتهيب بمواجهتها دون خوف أو وجل الغاز المسيل للدموع والضرب بالعصى الكهربائية والقتل الفردي والجماعي بالرصاص الحى الذي وصل شهداؤه لأكثر من مائتين وخمسين مواطناً ومئات الجرحى والآف المعتقلين.

ما يميز تلك المظاهرات هو الدور البارز والشجاع للنساء خاصة الشابات منهن والشباب الذين كانوا الهدف الأول لرصاص قناصة النظام. كذلك أدخلت الرعب في قلب النظام الذي فقد السيطرة كلية على أحتوائها إلا بعد أن قام بأعمال التخريب الواسعة كحرق محطات البنزين وبعض المتاجر والأسواق وحتى بعض دور العبادة من الزوايا وكنائس الأحياء ، ليبرر ضربه المفرط للمتظاهرين ، واعتقال مئات النشطاء تحت ستار وقف التخريب وتأمين حياة المواطنين.

أنتقدت الدورة مواضع القصور والسلبيات والإيجابيات في عمل الحزب وقدمت الحلول المناسبة التي تساعد في الاستفادة من التجربة بكل جوانبها.

كذلك انتقدت موقف السيد / الصادق المهدي ومقترحاته التي رمت منذ وقت مبكر، وتعمل الآن، إلى وضع قوى الإجماع تحت سيطرته أو على أقل تقدير خلق جبهة موازية لصالحه داخل قوى الإجماع الوطني.

 

أما بالنسبة للحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل فقد قررت اللجنة المركزية نقد مواقف زعيمه السيد محمد عثمان الميرغني الذي وضع حزبه وطائفته تحت تصرف النظام بوضوح تام. وخلق صلة سياسية متينة مع جماهيره وعلى رأسها القيادات التي لا زالت تصر على موقفها الرافض للمشاركة في السلطة في كل مستوياتها وسحب وزرائه منها. بالإضافة إلى التوجه لبناء التحالفات مع قواعده وقواعد الأحزاب الاخرى في الأحياء ومجالات العمل اﻟﻤﺨتلفة. لإن مصالحها الطبقية مرتبطة بإسقاط النظام. فالمناطق التي بنيت فيها تحالفات كانت مظاهراتها أشمل و أوسع وشعاراتها واضحة.

لابد أيضاً من خلق صلة مستقرة مع الجبهة الثورية والاتفاق معها لأهمية دورها في توجيه جماهيرها للمشاركة في المدن اﻟﻤﺨتلفة في المظاهرات والوقفات الاحتجاجية وغيرها من أساليب النضال السلمي. وهذا يساعدها في تخطي الجماهير التوجس العرقي عن العمل المشترك معها وفي ذات الوقت يؤكد موقفنا الرافض للحلول والانقلابات العسكرية. كذلك يؤدي إلى ضمان وضع السلاح وايقاف الحرب فور إسقاط النظام.

مع تثميننا للدور الذي لعبته فروع الخارج من تظاهرات ووقفات احتجاجية أمام سفارات السودان بالخارج والمواجهات التي صعدوها ضد الذين ذهبوا للخارج من قيادات النظام، نقدر أيضاً الجهد الذي قامت به لغل يد النظام القهري من مواصلة اﻟﻤﺠازر وحمامات الدم التي سادت في شوارع مدن السودان اﻟﻤﺨتلفة. ولازال دورها شأن فروع الحزب في الداخل، النضال المتواصل ضد قمع المظاهرات بإي وسيلة من وسائل القهر، وإطلاق سراح المعتقلين ، والتحقيق مع كل من قاموا بقتل الشهداء أو ارتكبوا أي جرائم تعذيب بحق المواطنين الأبرياء العزل.

 

إن التضامن الذي قامت به العديد من الأحزاب الشيوعية والاشتراكية والعمالية والديمقراطية في العديد من دول العالم مع شعب السودان أحدث  هزة عنيفة للضمير العالمي وأدى دفعة قوية لنضال الجماهير وكف يد النظام عن القمع المفرط والقتل . هذا الدور يجب أن يكون في مقدمة واجبات مكتب العلاقات الخارجية الذي كثف نضاله في تلك الفترة العصيبة، وبنفس القدر أن لم يكن أكبر من فروع حزبنا المتواجدة في مختلف بقاع العالم.

العوامل السلبية التي أشرنا إليها لم تقلل من الدور الفعال للجماهير والتي تخطت معظمها قياداتها وقادة نقاباتها الموالية للسلطة وخرجت إلى الشارع متحدية الرصاص الحي والقتل الجماعي والاعتقال والتعذيب. التقليل من هذا الموقف مثبط لنضال الجماهير، بل أنه يصب في دعاية السلطة التي تتحدث عن الشراذم او القلة من المواطنين التي خرجت للشارع بدفع من الحزب الشيوعي.

 

إن الهبة العنيفة التي أحدثها شعب السودان استطاعت أن تهز النظام وتخلخل قاعدته الاجتماعية وعمقت من أزمته. أكثر من ذلك فإن الذي حدث يباعد بين النظام وجماهير شعب السودان ليس عبر المعاناة من الزيادات في أسعار كل السلع الضرورية فحسب بل مساحات شاسعة مخضبة بالدماء وأجساد الشهداء والمفقودين اللذين لايعلم أهلهم عنهم شيئاً. أصبح من العسير على أي حزب أن يناقش أو يحاور مثل هذا النظام المضرجة يده بدماء الشهداء. وكل من يفعل ذلك ستلاحقه لعنة الشعب طوال تاريخه.

الهبة التي قام بها شعب السودان تمثل حلقة في سلسلة النضالات التي لم تنقطع منذ استيلاء النظام القسري على السلطة وستتوالى حتماً حتى إسقاطه. التوقف المؤقت الذي حدث في الانتفاضة الجماهيرية لا يعني أن النظام استطاع إيقافها كلية. فالظروف الموضوعية التي فجرت الانتفاضة لا زالت قائمة بل تزداد عمقاً وتتفاقم عواملها يوماً بعد الآخر. وتلهب مشاعر الجماهير التي سيزداد سخطها. 

 

ويتجسد هذا الوضع في الآتي:-

 

-فرض النظام علاوة على الزيادات في أسعار البنزين والمحروقات من دون إعلان، زيادات جديدة تمثلت في رفع سعر الدولار الجمركي ورفع الضريبة الجزئية وضريبة الإنتاج مما يدفع إلى المزيد من الغلاء وتدهور مريع في الوضع المعيشي والحياتي للمواطنين وإحداث إنكماش اقتصادي ينتج عن ضعف القوة الشرائية للمواطنين مستصحباً كساداً في الأسواق وضعف الانتاج وتجدد البطالة والفقر على ما هو عليه من معدلات ومؤثراً على الواردات المالية للدولة. 

- يتزايد عجز الموازنة السنوية باضطراد دائم  فقد ارتفع من ٤ مليار جنيه في ٢٠١١ إلى ٦ مليار جنيه في . ٢٠١٢ ثم إلى ١٠ مليار جنيه في العام الحالي ٢٠١٣ وكل المؤشرات توضح أن موازنة ٢٠١٤ ستتصاعد بنسبة أكبر مما كانت عليه في السنوات الماضية. بسبب ارتفاع الديون الداخلية والخارجية . وإحجام عدة دول ومؤسسات مثل شركة تالا السعودية التي تستثمر أكثر من ٢٫٥ مليون فدان في الزراعة ، وكذلك الاردن ٥٠ ألف فدان وغيرهما عن مواصلة الاستثمار بسبب الارتفاع الكبير في سعر جالون الجازولين من ٨ جنيهات إلى ١٤ جنيهاً. 

- رفض مراجعة أو جدولة ديون السودان التي بلغت بالنسبة للدين الخارجي ٤٢٫٥ مليار دولار. وتزايد الدين الداخلي ( شهامة وغيرها) حتى وصل إلى ١١ مليار جنيه.

- تصاعد الفجوة في الميزان التجاري بمقدار ٦ مليارجنيه سنوياً. وانخفاض مريع في قيمة الجنيه السوداني إذ فقد الجنيه أكثر من ٧٥ ٪ من قيمته بعد انفصال الجنوب.

يحدث هذا في الوقت الذي إنهارت فيه معظم القطاعات الإنتاجية الصناعية والخدمية بسبب سياسات الرأسمالية الطفيلية التي لا علاقة لها بالإنتاج. فأصبحت صادرات البلاد غير البترولية لا تمثل سوى ٪٢ ولهذا بدأت الأسعار في الارتفاع مرة أخرى بعد المظاهرات العارمة وارتفعت قيمة الخبز والسكر بصورة غير معلنة. وستشمل معظم اسعار السلع الضرورية في الأيام القليلة القادمة قبل إعلان الموازنة الجديدة، لا ظهار موازنة ٢٠١٤ م وكأنها خالية من الضرائب والجبايات أو أي زيادة في أسعار اسلع.

غير أن حبل الكذب قصير. بعد التظاهرات العارمة، وفي اتجاه ما سمته السلطة ( الإصلاحات الاقتصادي) تكشفت عن أنها ليست سوى تخريب للحالة الاقتصادية ودفعها للأسوأ.

نضرب المثل هنا بأحدى أهم السلع الضرورية لقوت الشعب اليومي هو/ الخبز إذ ارتفعت تكلفة ترحيل طن القمح من بورتسودان للخرطوم من ١٠٠ جنيه في ميزانية ٢٠١٢ ، حتى وصلت بعد قرارات ( الإصلاح الاقتصادي) في سبتمبر ٢٠١٣ إلى ٣٠٠ جنيه.

هذه الزيادة تؤثر مباشرة على تكاليف الدقيق ومنتجاته. كذلك فإن الزيادة في أسعارالمحروقات ( البنزين والجازولين) لها تأثير مباشر على تكاليف ترحيل الدقيق من المطاحن إلى اﻟﻤﺨابز. وبالفعل تخلت المطاحن عن تحمل تكاليف ترحيل الدقيق). تكلفة نقل

جوال الدقيق إلى بعض الولايات تصل إلى ٥٠ جنيه.

الزيادة في تكاليف الدقيق تبلغ وفقاً لتصريح اتحاد اﻟﻤﺨابز الصناعي ٦٥ ٪ . الخميرة ٢٠٠ ٪ المحسنات ١٠٠ ٪ المواد المساعدة ١٠٠ ٪. ولهذا تصاعد سعر رغيفة الخبز الواحدة. قبل موازنة ٢٠١٢ المعدلة بلغ سعر ٥ قطع من الخبز وزن القطعة ٧٠ جرام  (٣٥٠ جرام ) واحد جنيه. بعد ( إصلاح) سبتمبر ٢٠١٣ بلغ سعر ٣ قطع من الخبز وزن القطعة ٣٥ و ١٠٥ جرام واحد جنيه.

مثال آخر خاص بغاز الطهي السعر الرسمي لإسطوانة الغاز وزن ١٢٫٥ كيلو جرام زاد من ١٥ جنيه إلى ٢٥ جنيه بنسبة قدرها ٧٥ ٪. أما في الواقع فتباع علناً في السوق ب ٣٥ جنيه.

 

يفاقم من الوضع أيضاً القتل الفردي والجماعي لبنات وأبناء الشعب وتستصحب جماهير شعبنا في نضالها اليومي المطالبة بالتحقيق في مقتل عدد تجاوز المائتين وخمسين شهيداً . وهي قضية ستظل جذوتها متقدة حتى يقدم اﻟﻤﺠرمون إلى المحاكم . وأن لا يقتلها التقادم كما حدث لشهداء كجبار وبورتسودان أنه واجب يجب أن تضعه فروع الحزب في مقدمة اسبقياتها في تنسيق تام مع الأسر والمحامين والقانونيين الذين يقع على عاتقهم دور مقدم ويكتسب أهمية بالغة 

تدعي السلطة أن كل المعتقلين قد أطلق سراحهم عدا قلة يجري التحري معها لتقديمها للمحاكمة. وهو قول مردود. فالعديد من الذين ما زالوا قيد الاعتقال ،أخذوا من منازلهم أو أماكن عملهم. ولهذا يجب أن يتواصل النضال لإطلاق سراحهم او تقديمهم العاجل للمحاكمة.

وفي هذا الصدد تلعب هيئة حقوق الإنسان السودانية دوراً مقدراً . يساند دورها هذا، ما يجب أن تقوم به الأسر من مواصلة لوقفاتها الاحتجاجية التي قامت بها في الداخل ضد الاعتقال وإعلاناً وفضحاً من فروع حزبنا في الخارج. وأن يواصل المحامون والقانونيون دورهم المقدر وجهدهم الذي ظلوا يبذلونه والنضال ضد مبدأ الاعتقال نفسه.

بعد كشف النظام عن طبيعته الفاشية المستعدة لارتكاب أبشع الجرائم في سبيل البقاء في الحكم. فقد كشفت القنوات الفضائية عبر الاقمار الصناعية كيف يوجه الرصاص للمتظاهرين في الرأس والصدر والتصويب بهدف الإصابة في مقتل. وكيف يضرب المتظاهرون من مسافات قصيرة بالعصي الغليظة والمسدسات المصحوبة بكاتم الصوت. ولن يتورع النظام من تعذيب المعتقلين ، والاغتيالات ، وإعادة فتح بيوت الأشباح سيئة الذكر مرة أخرى وغيرها من الأساليب التي يعتقد أنها ستخيف المتظاهرين وتوقف مسيرة مظاهراتهم وتصعيدها حتى الإطاحة بالنظام.

 

هذه بنود هامة تضاف إلى أجندة كل فروع الحزب واجبة التنفيذ ضمن نضاله اليومي بين الجماهير. يضاعف من عجز النظام من الخروج من الأزمة القضايا الأخرى التي أسهمت في إضعافه ولازالت دون حل. فالحرب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ، لا زالت تتواصل وتستنزف مليارات الجنيهات من الموارد على شحها. ولازالت قطاعات الأمن والسيادة والجيش والشرطة تستأثر بمعظم بنود الميزانية. والدلائل تؤكد أنها سترتفع كالعادة بحجة المحافظة على الأمن والاستقرار في موازنة ٢٠١٤ م. مضيفة عوامل جديدة للأزمة ومعاناة الجماهير المتصاعدة. يتم كل هذا في جو تنعدم فيه أبسط الحريات وحقوق الإنسان ويحل محلها القتل للمطالبين بحقوقهم والاعتقال والمحاكمات الجائرة . رغم أن حق التظاهر والتعبير والتنظيم بل وحتى الإضراب يكفله دستور السودان لعام ٢٠٠٥ م والمعمول به حتى الآن.

ويصبح أيضاً، رغم كل ما حدث واجب النضال في سبيل الحريات وتطبيق الدستور وحقوق الإنسان التي أقرتها المواثيق والقوانين الدولية ووقعت عليها حكومة السودان ، أمراً ملازماً لكل تحرك يومي. ولابد أن تضع قوى الإجماع وكافة منظمات اﻟﻤﺠتمع المدني الأخرى هذا الواجب في مقدمة أسبقياتها وعلى رأسها: حق التظاهر والإضراب وعدم إيقاف الصحف او الكتاب من ممارسة الكتابة والسماح للأحزاب بإقامة ندواتهم السياسية في الساحات العامة. 

سيظل حديث رئيس الجمهورية في خطابه الذي أفتتح به الدوره البرلمانية في ٢٨ أكتوبر ٢٠١٣ م عن إتاحة الحريات ومنع حظر الصحف والتبادل السلمي للسلطة مجرد لغو أجوف ، بعيد عن الواقع. فعلى سبيل المثال فإن صحيفة الميدان لسان حال الحزب ، الشيوعي موقوفة بواسطة الأمن منذ ٢٠١٣/٥/٣٠ رغم الكتابة لكل الأجهزة اﻟﻤﺨتصة والعدلية وحقوق الإنسان عدة مرات دون حتى الحصول على رد منها.

يفاقم من وضع النظام أيضاً، الصراعات التي تدور في داخله سواء في معظم الولايات وداخل الحزب الحاكم نفسه، او في مركزالحكم. وغني عن التكرار ما قامت به مجموعة غازي صلاح الدين عبر مذكرة الواحد وثلاثين الشهيرة وما حدث من قِبل قادة

عسكرين من النظام نفسه ووجهت إليهم تهمة محاولة الانقلاب على الحكم واطلق سراحهم جميعاً، وهنالك الصراعات التي تجري وراء الكواليس حول كراسي الحكم والرتب العليا وقضايا الفساد اﻟﻤﺨتلفة التي شملت كل مؤسسات الدولة بنسبة تقارب ال ١٠٠%.

 

نستطيع أن نقول كل تلك القضايا تحاصر النظام الرأسمالي الطفيلي المتأسلم وتنخر في عظامه يومياً و أوشكت على الإطاحة به في هبة سبتمبر / أكتوبر ٢٠١٣ لايستطيع الافلات منها . أو يستطيع أن /يخرج البلاد من أزمتها الشاملة وهو يعاني من كل هذه المشاكل الموضوعية التي تسبب فيها.

 

أولاً: استراتيجية حزبنا هي إسقاط هذا النظام .

ثانياً: تكتيكنا هو الجبهة الواسعة التي تتكون عبر النضال اليومي مع الجماهير في قضاياها اﻟﻤﺨتلفة .وتصعيد هذا النضال والمحافظة على ما توصلت إليه الجماهير من مزج بين القضايا المطلبية والسياسية. وهذا يستوجب المحافظة على شعارات الانتفاضة وما قدمته من طرح متقدم. 

ثالثاً: المحافظة على قوى الإجماع الوطني ووحدتها وما توافقت عليه من وثائق. البديل الديمقراطي ، والدستور الانتقالي ، وأن ينشط عملها اليومي كمنبر قائد لنضال الجماهير.

رابعاً: أدواتنا لإسقاط النظام هي: العصيان المدني والإضراب السياسي الذي نظل نطرحه كأفق تمسك به حركة الجماهير ويمنحها الثقة بأن هباتها وتظاهراتها تسير نحو هدف محدد تعمل من أجله حتى إسقاط النظام لحظة إعلانه وتنفيذه.

خامساً: الاستعداد بكل ما يحمي انتفاضة الجماهير من الإنكسار ومن بينها كشف وتعرية أعداء الانتفاضة وإسقاط النظام بكل الحجج والأساليب مثل وضع ميثاق جديد، وضم منظمات الإسلام السياسي لقوى الإجماع أو إعادة الهيكلة .. الخ.

سادساً: تكوين لجان للتضامن بصورة دائمة لمساعدة أسر المعتقلين والسجناء السياسيين والشهداء فالمعركة لا زالت مستمرة ويجب الاستعداد المبكر لمواصلة هذا التضامن الإنساني الهام.

أخيراً من المهم أن نكرر أن الثورة لا تسير في طريق مستقيم كالقطار. بل تتعرض – لأسباب موضوعية وذاتية- للصعود والهبوط . ولهذا فهي تسير في منعرجات مختلفة حتى تحين لحظة الانفجار. الظروف الموضوعية، كما أوضحنا سابقاً التي دفعت بالجماهير إلى الشارع لازالت قائمة وكما ذكرنا تزداد تفاقماً وليس بمقدور النظام الخروج من الضائقة والمشاكل التي تحيط به.

أعلنت سلطة الرأسمالية الطفيلية إجراء الانتخابات العامة في يناير ٢٠١٥ م وطلبت من الأحزاب السياسية بما فيها الحزب الشيوعي المشاركة فيها. بل قدمت دعوة من لجنة الانتخابات لحضور اجتماعاتها.

إننا نعلن رفضنا التام لهذه الانتخابات ولإي دعوة تصلنا من مفوضيتها للأسباب التالية:-

أولاً: هذا النظام زور الانتخابات العامة السابقة وزيف إرادةالشعب لهذا فهو غير مؤتمن على إجراء أي انتخابات.

ثانياً: لا يمكن إجراء انتخابات في ظروف تنعدم فيها أبسط الحريات والحقوق الديمقراطية التي قننها الدستورالمعمول به حالياً ( دستور ٢٠٠٥ م) وتنعدم فيه أبسط حقوق الإنسان المعلن عنها في المواثيق الدولية ووقع عليها هذا النظام. وتمنع الأحزاب السياسية من إقامة الندوات لتعلن فيها للجماهير رأيها ومواقفها في مختلف القضايا. ومن جهة أخرى يمنع الصحفيون من الكتابة وتمنع الصحف من الصدور ومن بينها صحيفة الميدان التي منع صدورها جهاز الأمن لأكثر من عام ونصف. وينطبق كل ذلك على دعوات النظام لوضع دستور البلاد.

ثالثاً: إغرق هذا النظام المظاهرات السلمية المشروعة للمواطنين في بحار من الدم والقتل، وصار ما بين الشعب وهذا النظام الفاسد بحار من الدماء ومئات الشهداء. ولايمكن الدخول في انتخابات مع نظام أوصل شعب السودان لهذا الدرك من المعاناة.

رابعاً: لا يمكن الدخول في انتخابات وأكثر من ثلث سكان السودان خارج البلاد بسبب الحرب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق ولم يعادوا إلى مناطقهم الأصلية التي اقتلعوا منها.