قانون حلّ الأزمة

قانون حلّ الأزمة

لم يعد كافياً ترديد عبارة «الحل السياسي» أو «السيادة الوطنية» مجرداً من المقتضيات والإجراءات الضرورية لهما

والمحددة بالمتوالية أو المصفوفة الثلاثية الضرورية، من إيقاف كل أشكال التدخل الخارجي وعلى رأسها السلاح والمال والمقاتلين من خارج الحدود أولاً، مما يؤدي ثانياً إلى تجفيف المنابع الخارجية للعنف الممارس من المقاتلين الأجانب ضدّ جميع السوريين، ويفتح الباب تالياً لإيقاف العنف بين السوريين أنفسهم نحو تحويل وجهة صراعهم بشكل مشترك ضدّ أولئك الأجانب بوصفهم عدواً مشترك وغزاة فاشيين جدد، وثالثاً انطلاق حقيقي لعملية سياسية داخلية وسورية - سورية فعلاً للنهوض بمهمات معركة التغيير الشامل والجذري للنظام السياسي الاقتصادي-الاجتماعي الديمقراطي، المتلازمة مع الانتقال الضروري إلى المقاومة بكل أشكالها وخوض معركة تحرير الأراضي السورية والعربية المحتلة من العدو الصهيوني. إنّ هذا النسق المتعاقب المتصور لتطور الأزمة السورية نحو حلّها التقدمي، يمكن فهمه معرفياً على شكل أنّ الوصول إلى مرحلة الصراع السلمي السياسي البنّاء الإيجابي بين السوريين، هو نفي ديالكتيكي مزدوج (نفي نفي) للحالة السائدة السابقة من الصراع العنيف الدموي الهدّام السلبي, تنتقل فيه التناقضات الرئيسية المؤثرة والفعالة من تناقضات ثانوية، أو ما يعرف بالثنائيات الوهمية من طائفية وعشائرية وسياسية زائفة مثل معارض- موالي، إلى تناقضات رئيسية أساسية طبقية بين ناهبين ومنهوبين، بين رأسماليين وفاسدين مستغلين، وكادحين مستغلين. ونحن حالياً مع «جنيف2» مقبلون على المرحلة الانتقالية المؤقتة بين هاتين المرحلتين. إنّ معرفة ذلك ضرورية من أجل فهم المغزى العميق من المواقف المتشددة للعناصر الرجعية المستفيدة من الحالة القائمة سواءً داخل النظام أو المعارضة أو المجتمع، وبالتالي من أجل معرفة طريق النضال  ضدها، و طريق التحالفات الضرورية مع القوى الوطنية والتقدمية الموجودة في نفس هذه المواقع المذكورة، لأنّ المرحلة الانتقالية هذه سيكون عنوانها الموضوعي العريض هو تعميق الفرز الحقيقي ضمن وبين جميع القوى. ولا يمكن فهم جوهر مواقف الاشتراطات المسبقة على جنيف2 مثل شرط «التنحي» الذي تطلقه بعض المعارضة، أو عذر «خرق السيادة الوطنية» الذي يطلقه بعض النظام، سوى من باب محاولة عرقلة تلك القوى المتشددة والفاسدة في الطرفين للتسارع الجارف لهذا الفرز الموضوعي الحقيقي، لأنها تعلم علم اليقين بأنّهم سيكونون أول ضحاياه، مثلما سيكون الشعب السوري وجميع وطنييه ومستقبل سورية كوطن واحد موحد أول المستفيدين منه.