فشل مشروع حجب الثقة عن النائب الاقتصادي د.قدري جميل أمين حزب الإرادة الشعبية ينطوي على هزيمة مَنْ كان يريد فصل حل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلد عن الحلول السياسية وصولاً إلى مخرج آمن للأزمة

فشل مشروع حجب الثقة عن النائب الاقتصادي د.قدري جميل أمين حزب الإرادة الشعبية ينطوي على هزيمة مَنْ كان يريد فصل حل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلد عن الحلول السياسية وصولاً إلى مخرج آمن للأزمة

عقد مجلس الشعب اليوم الأحد 23/06/2013 تتمة جلسة استجواب د. قدري جميل نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية، ووزير الاقتصاد محمد ظافر محبك، وبحسب النظام الداخلي للمجلس فقد داخل في هذه الجلسة عن الطرف المستجوِب ثلاثة نواب .

أكدوا عبرها على الانتقادات والاتهامات التي صاغوها، كما داخل من طرف الجهة المستجوَبة الرفيق د. جمال عبدو من كتلة «الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير»، والرفيق حماد السعود رئيس الاتحاد العام للفلاحين في سورية، ومحمد علي الخبي عضو مجلس الشعب عن محافظة درعا الذي لم يكمل مداخلته، والعضو حمود الخيّر.
إن عدم قدرة الطرف المستجوب على حجب الثقة عن نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية د. قدري جميل يعتبر بحد ذاته فشل أطراف كانت تخطط «في الغرف المغلقة» لشيء ما لم تستطع تمريره في العلن بدايةً، وهذا يؤكد أن المناخ العام في الشارع لعب دوراً كبيراً في إسقاط مشروع حجب الثقة الذي كان فاشلاً منذ البداية في تطور لافت يمكن وصفه بأنه ينطوي على هزيمة من كان يريد فصل حل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلد عن الحلول السياسية وصولاً إلى مخرج آمن للأزمة.
إن فشل تلك الأطراف في اتخاذ قرار حجب الثقة كشفت تماماً مآرب هؤلاء واصطيادهم في الماء العكر، وعملهم الدؤوب بتخريب عملية الحل السياسي والذهاب إلى جنيف؟  
من الطبيعي أن لا يكتفي الطرف المستجوب بكل النقاش والحوار الذي دار كـ«سابقة» في مجلس الشعب، والأدلة الدامغة التي قدمها د.جميل في سياق رده عليهم، لكن ما لا يفهم هو استمرارهم بهذا التصرف تحت حجة «إعطاء فرصة»، والذي يعتبر انسحاباً «تكتيكياً»، وبمثابة اعتراف مسبق بهزيمتهم في تمرير مخططهم

د. جميل:
البعض يريد أن يرفع مسؤولية الوضع الاقتصادي عن كاهل أحد ما ويضعها على كاهل أحد آخر ظلماً وعدواناً

وفي الجلسة المذكورة قدم الدكتور قدري جميل مداخلة علق من خلالها على طلب الاستجواب شكلاً ومضموناً، والمعاني والدلالات السياسية لمثل هذا الأمر في الظرف السياسي الراهن الذي يمر به البلاد، وفيما يلي النص الكامل للمداخلة:
القضايا التي تخصني مباشرةً لا أستمهل فيها وأجيب عليها فوراً كما سبق وأجبت، أما القضايا التي لا تخصني مباشرةً فقد طلبت الاستمهال فيها كونها لا تخصني، لعل أصحاب العلاقة يأتون، وإذا لم يأتوا، فمن الممكن أن نحاول أنا و وزير الاقتصاد أن نجيب على ما لا يخصنا مباشرةً.
سأعود لأذكر بعض التوضيحات والرتوش المتعلقة بالقضايا المطروحة:
أولاً: في الشكل، حسب معرفتي بالنظام الداخلي فيما يتعلق بالاستجواب وحسب ما شرح السيد رئيس المجلس، فيجب أن تكون هناك مسوغات جديدة، وأن لا تكون القضايا المطروحة قديمة. وأنا لم أر في النصف الأول من الاستجواب - على الأقل - أموراً جديدة، حيث أن كل ما طُرح هو أمور سبق التكلم والنقاش فيها. وبالتالي فقد ذكر السيد عضو مجلس الشعب في مرافعته الاستجوابية أموراً مكررة كان يجري الحديث حولها هنا في هذه القاعة وخارجها طوال العام الماضي. هذا من حيث الشكل والمسوغات.
ثانياً: في المضمون، لقد تم بناء المرافعة كلها على فكرتين غير صحيحتين، الفكرة الأولى أن هناك فريق اقتصادي، وأنا سبق وذكرت أنه لا يوجد فريق اقتصادي، ولعلمكم فإن مصطلح (فريق اقتصادي) تم طرحه مرة واحد في التاريخ السوري وكان يُقصد بها تلك المجموعة الموجودة في الوزارة التي كان يرأسها السيد العطري والذين لم يجري تشكيلهم كفريق بقرار من أحد، والذين تداعوا وتنادوا عملياً - بفعل التقارب في وجهات النظر فيما بينهم - إلى العمل في اتجاه معين تعرفونه جميعكم ولا داعي للخوض في تفاصيله. إن الفريق الاقتصادي شيء واللجنة الاقتصادية شيءٌ آخر، فدائماً كانت هناك لجنة اقتصادية وهي عبارة عن لجنة يقررها السيدر رئيس مجلس الوزراء بقرار، وهي تدرس ما يُعرض عليها من قضايا وتخرج بتوصيات فقط لا غير، وتصبح توصياتها فعالة وقابلة للتطبيق بحالتين:
1) موافقة السيد رئيس مجلس الوزراء عليها.
2) موافقة مجلس الوزراء مجتمعاً عليها.
إن ترتيب اللجنة الاقتصادية الحالية هو نفس الترتيب التاريخي للجنة الاقتصادية، وهذه اللجنة لا تضم وزراءً فقط، بل تضم أيضاً رئيس اتحاد الفلاحين ورئيس اتحاد نقابات العمال، أي أن هذه اللجنة تضم (9 وزراء + رئيسي مجالس اتحادات شعبية)، ومن الجدير بالذكر أن رئيس هيئة تخطيط الدولة والذي هو عضو في اللجنة يُعتبر بمثابة وزير، أما حاكم المصرف المركزي فقد كان عضواً في الترتيب القديم للجنة الاقتصادية، أما في الترتيب الجديد للجنة التي عُدّلت فلم يعد عضواً وهذه التعديلات البسيطة تحدث. لذلك أكرر: لا يوجد فريق اقتصادي. حيث أن الوزراء مستقلون ويقررون الأمور بنفسهم ويضعون آرائهم في كل قضية، ويجري داخل اللجنة الاقتصادية خلافات وأكثرية وأقلية وتصويت، بينما لا يختلف أعضاء الفريق الاقتصادي مع بعضهم البعض، حيث أن هذا الفريق متفق في السراء والضراء ويقوم أعضاؤه بنصرة بعضهم سواء كانوا ظالمين أم مظلومين. لذلك شتّان ما بين هذين المفهومين. وهذه هي النقطة الأولى، وهي هامة وجوهرية باعتبار أن المرافعة كلها استندت إليها.
تشويه للحقائق
بالنسبة للنقطة الثانية: التي استندت إليها المرافعة، وهي توحي أن القضايا الاقتصادية لها حل اقتصادي فقط، فهذا الكلام غير صحيح وفيه تشويه لحقيقة الأمور. لقد تحدثت عن هذه الفكرة في المرة السابقة والآن سأقوم بتدقيق سريع لها لأتجنب التكرار.
لقد قلت أنه: «لا حل اقتصادي جذري للأمور الاقتصادية في الظروف الحالية دون حل سياسي»، وأضيف حين ذلك تحت هذه القبة ومنذ فترة : «ولكن هذا يتطلب علاجات اقتصادية لتخفيف الأزمة الاقتصادية قدر الإمكان» بسبب وجود عوامل خارجة عن إرادتنا ضمن مكونات المشكلة الاقتصادية، وهذه العوامل لا تُحل إلا بحلول سياسية، لذلك فإن حل المشكلة الاقتصادية جذرياً لا يمكن أن يتم بحلول اقتصادية بحتة، لأن الحصار الاقتصادي لا يُحل بقرار اقتصادي، ولأن الوضع الأمني العسكري على الطرقات والذي يؤثر على مستوى الاسعار لا يُحل قرار اقتصادي، وهذا هو القصد مما ذكرته. لذلك، فإني أرى نفسي في حل من الإجابة على النصف الأول من المرافعة الاستجوابية لأن نقطتي الاستناد الخاصتين بها هما نقطتان غير صحيحتين، وهذا يعني أن النصف الأول من المرافعة بأكمله ينهار بمنطقه الداخلي، ولم يعد هناك داعٍ للدخول في التفاصيل.
أما النصف الثاني من المرافعة الاستجوابية، فله علاقة بسعر الصرف، ولا أريد أن أقول أن المسؤول عن هذا السعر هو حاكم مصرف سورية المركزي، مع أنه هو المسؤول، لكني لن أقول هذا، بل سأقول أن الحكومة مسؤولة عن سعر الصرف. أي بمعنى أنه وفي الاتجاه العام، فإن الحكومة يجب أن تكون المسؤولة وأن تحدد السياسات التي تؤثر على سعر الصرف، ولكن أهمية أي قرار تعود لشكل تنفيذه، حيث بإمكانك أن تأتي بأفضل قرار إلا أن طريقة التنفيذ قد تأتي عكسه في حال كان هذا التنفيذ غير مطابق لروح القرار أو إذا كان المسؤول عن التنفيذ غير مقتنع بالقرار. لذا فإن من يريد أن يحمل مسؤولية سعر الصرف والوضع الاقتصادي لشخص واحد، فهذا يعني أولاً أنه يقول أن هناك (سوبرمان) ما وهو على كل شيءٍ قدير، وثانياً أن هناك حاكماً مطلقاً للاقتصاد السوري أي أنه لا دور لأحد سوى هذا الشخص الذي تتم الإشارة إليه بالبنان. إن التركيز على شخص واحد هو أمر غير موضوعي وغير واقعي وظالم. إن المسؤولية بشكل عام عن الوضع الاقتصادي يجب أن يتحملها الجميع ويجري تحديد حصة كل شخص من هذه المسؤولية أثناء الحديث عن هذا الموضوع. أما أن نحمل كامل المسؤولية لشخص واحد فاسمحوا لي أن أقول لكم أن هذا اسمه تسييس لمعالجة المشكلة الاقتصادية. وكما اتهمنا الغرب في مراحل وحالات عديدة بتسييس بعض المشاكل، فأنا أتهم البعض اليوم بأنه يريد تسييس المشكلة الاقتصادية وأن يخلط الحابل بالنابل لكي يرفع المسؤولية عن كاهل أحد ما ويضعها على كاهل أحد آخر ظلماً وعدواناً. ولا يمكن لهذه القصة أن تمر، فالشعب السوري واعي وناضج، ولا أعتقد أن مجلس الشعب على مستوى الشعب نفسه، فهذه الألاعيب لا تمر على أحد.
«لا أحد على رأسه ريشة»
ما الهدف من وراء كل هذا الموضوع؟ لو كان الهدف هو التقويم والتصحيح وتحسين سير العمل، فأنا لست ضده بل بالعكس، حيث أني شخصياً سأشعر بسعادة كبيرة لأنه وفي عهد وزارتنا بدأت عملية استجوابات، ولندع هذه العملية تبدأ وتكمل طريقها لكي لا يشعر أحد أن فوق رأسه ريشة وأن الجميع قابل للمحاسبة. لكن ومع هذا، فإن الاستجواب لا يعني الاتهام، حيث أن القانون يقول أن المتهم بريء حتى تتم إدانته بحكم، والمستجوَب أيضاً غير مذنب حتى يتم إثبات خطأه من قبل المستجوِب. لذلك، فأنا لا أرى مشكلةً في موضوع الاستجواب ولا يجوز أن تكون هناك حساسية منها، وإذا كنا نحن السابقون فأرجوا أن يكون غيرنا اللاحقون لتستمر هذه العملية على قدم وساق بحيث يأتي كل أعضاء الوزارة إلى تحت قبة البرلمان ليُحاسبوا ويتعلموا وتخف درجة حساسيتهم، وأن يتعامل مجلس الشعب في الوقت ذاته مع هذه القضية بشكل موضوعي لا بقصد استهداف أحد ما بشكل شخصي، بل لكي يناقش يُصلح، ولكي يُشعر الجميع بأنهم تحت المراقبة والمحاسبة، وإذا كانت الأمور ستتم بهذا المنحى فأنا سعيد بهذه الخطوة وأؤيدها. ولكن، وفي حالتي الملموسة، فيبدو أن البعض، وأنا هنا لا أتكلم عن المستجوِب الذي يمكن أن يكون من آخر الأشخاص الذين لهم علاقة بما أقصده، بل أقصد الجو بشكل عام وهذا حقي لأني أقرأ ما يرد في الإعلام وعلى صفحات الإنترنيت وصفحات التواصل الاجتماعي خارج المجلس وأجمع ردود الأفعال وأخرج منها باستنتاجات. حيث أن البعض يريد أن يرسل رسائل ضمنية يقول فيها أن المعارضة بكل أشكالها هي غير قابلة وغير قادرة على أن تمارس مسؤوليات الحكومة، وهذا هو جوهر الموضوع، وهذه الرسائل تُرسل بشكل مباشر أو ضمني.
ملابسات «الإستجواب»
الآن، هل هذا الأمر مفيد في الظروف الحالية، وفي وضعٍ سنذهب فيه عاجلاً أو آجلاً إلى مؤتمرٍ دولي لا تعلمون ماذا سيحدث فيه، أو ما هي الحكومة الائتلافية الواسعة التي ستتشكل على إثره في نهاية المطاف؟ إن خلق أجواء من هذا النوع غير مفيد.
أعتقد أن البعض يخطئ كثيراً لأنه عملياً يرسل رسالة خاطئة يريد القول فيها عن قصد أو غير قصد أن هؤلاء لم يستطيعوا أن يتفقوا مع معارضة معتدلة، فكيف سيتفقون مع غيرها؟
سأتحدث معكم بصراحة، أنا أعلم حقيقة الاستجواب، وأعلم حقيقة ما يوجد في الكواليس، ولنفترض أن الأمور ذهبت إلى النهاية، فمن الرابح ومن الخاسر؟ إن الخاسر هو البلد، والرابح أعداء البلد. إن ائتلاف الدوحة اليوم في حالة تفكك، ويبدو أن البعض يريد اليوم أن يعطيه إبرة إنعاش، وأن هناك من يريد أن يقسم ظهر القوى الوطنية الموالية والمعارضة للتدخل الخارجي وللعنف.
السيد رئيس المجلس، أنا لم أتهم أحد من الجالسين في هذه القاعة، وإذا كانت هذه الاتهامات تسيئ لبعض الجالسين خارج هذه القاعة فأنا مسرورٌ جداً، لذا، وبما أننا جالسون هنا ومتفقون على الثوابت الكبرى فلا أعتقد أنه يجب على أي أحد أن ينزعج من هذا الحديث، بل بالعكس عليه أن يكون سعيداً، لأن هدفنا في النهاية هو تكتيف جميع أولئك الذين لا يريدون للحل السياسي أن يسير إلى نهايته المنطقية التي تضمن عدم التدخل الخارجي وتضمن حل الأزمة والمشاكل في سورية بالأساليب السياسية. انا برأي أن هؤلاء هم من يلعبون بالماء العكر، وإذا لم يكن هناء ماء عكر فإنه يعملون على خلقه لأنهم لا يجيدون اللعب إلا به. لذلك فأنا أحاول تصفية المياه، وتصفية المياه لا تجري إلا بالصراحة الكاملة، ولهذا فأنا أريد أن أتكلم بصراحة أيها الزملاء والزميلات، ولا أريد لأحد أن يعتبر أن كلامي موجه له شخصياً، لأنه لا وجود لأي مشاكل شخصية بيني وبين أي من السادة الأعضاء، فنحن هنا نتكلم انطلاقاً من مصلحة البلاد.
أخيراً، هذه الجلسة وهذا النقاش هو شيء مهم وجيد لأنه يدفع الأمور بالاتجاه الصحيح وباتجاه المعارك التي تفيد الوطن والنقاشات والسجالات التي تقوم بدفع الأمور إلى الأمام. لذلك، فأنا لست ضد الاستجواب، على أن يضع الاستجواب الأمور في نطاقها المنطقي والموضوعي وأن لا يكون هناك شخصنة في القضايا التي تُطرح
وشكراً سيادة الرئيس.