افتتاحية قاسيون 885: على السوريين أخذ زمام المبادرة!

افتتاحية قاسيون 885: على السوريين أخذ زمام المبادرة!

يعيش المتشددون حالة اطمئنانٍ حيال درجة التدويل التي وصلت إليها المسألة السورية؛ فهم يعلمون، كما يعلم الجميع، أنّ الكباش الدولي، والذي لا يتعلق بسورية فحسب- وإن كانت قد باتت على رأس جدول أعماله- بل وبصياغة جديدة لمجمل العلاقات الدولية، هو كباش لن ينتهي في القريب العاجل، بل سيأخذ عدة سنوات أخرى ليصل إلى نهاياته المنطقية.

هذه السنوات بالنسبة للمتشددين، هي ما بقي من أعمارهم السياسية، لذا فإنهم يسعون إلى تمديدها قدر الإمكان؛ نجد ترجمة ذلك في رفضهم، المعلن أو الضمني، لتنفيذ القرار 2254؛ فمن جهة يتمسك متشددو المعارضة بأوهامهم حول (تغير) الموقف الأمريكي، ويعولون عليه، ليس لكسر إرادة النظام فحسب، بل ولكسره نهائياً؛ أي لإسقاطه، في تناقض صريح ومباشر مع 2254 الذي يدّعي بعضهم تأييده، وأكثر من ذلك فإنهم لا يؤمنون إطلاقاً بأية إمكانية للتغير في سورية إلا عبر تدخل خارجي وأدوات خارجية.
من الجهة الأخرى، يتمسك متشددو النظام بأوهامهم (التي يشتركون فيها مع المعارضين المتشددين) أنّ ما تعمل عليه الدول الصاعدة وعلى رأسها روسيا، هو ما يقال عنه بلسان بعض المعارضة (إعادة تأهيل النظام)، وبلسان بعض الموالاة (الحسم)، ما يعني أنّ هنالك كذبة كبرى يجري ترويجها: أن إنهاء التدويل والشروع بالحل (السوري- السوري)، يعني استفراد النظام بالمعارضة ووضعها تحت السيطرة...
العالم ببواطن الأمور يدرك أنّ إنهاء التدويل، والذي يمر حصراً عبر القرار 2254، يعني بالضبط: إنهاء بيئة الحرب والفوضى الخلاقة التي يختنق خارجها الفضاء السياسي القديم؛ نظاماً ومعارضة. وتالياً، فإنّ إنهاء التدويل عبر تطبيق 2254، يعني على العكس مما يقولون: استفراد الشعب السوري بالنظام ومعارضته، ليقرر مصيرهم ومصيره...
إن المتشددين إذ يرفضون 2254، فإنهم يرفضون أيضاً اللجنة الدستورية التي باتت مدخل تنفيذه، وإنّ الرد الأمثل هو بالعمل الجدي المبادر لاستعادة السيادة الوطنية حقاً وفعلاً، والتي لا تعني فقط منع أي تدخل خارجي في الشأن السوري، بل وتعني أيضاً تهيئة الظروف المناسبة للسوريين لكي يستطيعوا تقرير مصيرهم بأنفسهم.
بكلام آخر، فإنّ الخطوة الأولى لاستعادة السيادة الوطنية، بالاستفادة من ميزان القوى الدولي، هي انتقال الوطنيين السوريين في مختلف المواقع، معارضة وموالاة، من مرحلة المطالبات والانتظار والشروط التعجيزية، إلى مرحلة الخطوات العملية لتسهيل تشكيل اللجنة الدستورية، وللدفع نحو الحل السوري- السوري.
بالمحصلة، فإنّ الحل السوري- السوري، يعني ضمن ما يعنيه:
أولاً: منع أي تدخل خارجي، عسكرياً كان أم سياسياً.
ثانياً: تهيئة الظروف كي يستطيع السوريون القيام بمهمة الحل السياسي.
ثالثاً: الإقلاع عن الوهم القائل إن النظام سينفرد بالمعارضة وينفذ ما يريد في حال الذهاب لحل سوري- سوري.
رابعاً: الإقلاع عن أوهام بعض المعارضة أن التغيير محال دون تدخل خارجي.
الملخص هو: ذهاب السوريين إلى المفاوضات كندٍّ مقابل ندٍّ، مدعومين فقط من القرارات الدولية وممن يدعمها، وبإشرافهم وتسهيلهم، وليس بقيادتهم، (التي تريد منها الأطراف الغربية وعلى رأسها واشنطن قيادة العملية نحو إدامة الاشتباك)؛ قيادة العملية يجب أن تكون فقط سورية- سورية.