افتتاحية قاسيون 881: نهاية عصر الإملاء والاعتداء

افتتاحية قاسيون 881: نهاية عصر الإملاء والاعتداء

لم يعد خافياً على أحد ما أظهرته الدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة من تمظهر صريح لتغير توازن القوى الدولي، ما عبرت عنه جملة سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي: «لا يمكن تسوية قضايا العصر العديدة إلا على أساس التكافؤ والاحترام المتبادل. أما الإملاءات والإجبار التي تميز بهما عهد الاستعمار... فيجب أن يبقيا في مزبلة التاريخ».

وقد سبق هذه الجلسة، التصعيد الإعلامي الروسي ضد «الإسرائيليين» بُعيد الضربة الصهيونية التي كان من نتائجها: إثبات أن المسؤولية الكاملة عن كارثة طائرة «إيل 20» الروسية تقع على عاتق القوات الجوية الصهيونية، ومن اتخذ القرار بشأن هذه العملية. وأن التصريحات كاذبة حول عدم ضلوع الجانب «الإسرائيلي» بالكارثة التي أسفرت عن مقتل 15 عسكرياً روسياً.
وبعد تصريح أن «إس-300 قد بدأ تسليمها لسورية»، تبين أن توريدها بدأ مباشرة إثر وقوع كارثة إسقاط الطائرة الروسية.
فهل كان تصريحياً لافروف وبوغدانوف، أنه تم اتخاذ قرار تسليم منظومة الدفاع الصاروخية الجوية الى سورية، بهدف حماية القوات الروسية المتواجدة في سورية فقط؟ وهل تم الاتفاق على شروطٍ لتسليمها، تقتصر فقط على استخدامها أثناء تعرض العسكريين الروس إلى خطر؟
من المعلوم أن منظومة إس 400 موجودة في القواعد الروسية مسبقاً، وليس تسليم منظومة إس 300 إلا إقراراً بضرورة وضع الحد للاعتداءات الصهيونية بكامل الإمكانات الضرورية لذلك.
ويأتي ذلك إثر تأكيد المسؤولين الروس المتتالي على ضرورة احترام السيادة السورية، وعلى أن أي اعتداء أو ضربات توجه ضد سورية هو أمر مخالف للمبادئ الدولية المقرة من قبل الأمم المتحدة، وهو اعتداء على سيادة دولة عضو في الأمم المتحدة.
حيث تم التحذير من توجيه ضربة لسورية بصيغة واضحة ورادعة: «روسيا تحذر دول الغرب من شن هجمات جديدة على سورية تحت ذرائع مفتعلة، لأن ذلك سيمثل انتهاكاً صارماً لميثاق الأمم المتحدة وسينسف مساعي التسوية السياسية في البلاد التي طالت معاناتها».
وفي هذا الإطار يظهر التشديد على الدور الروسي في الدفع بعملية السلام– فيما يخص القضية الفلسطينية- بناء على قرارات الأمم المتحدة.
يأتي كل ذلك في ظلّ التخبط الغربي الأمريكي والبريطاني في التعامل مع التغيرات العالمية، وانزياح أوزان كل من روسيا والصين وغيرهما من دول البريكس والدول الصاعدة الأخرى.
فالأوزان الاقتصادية لهذه الدول تفرض على الأوروبيين تغيير توجهاتهم الاقتصادية بحكم الأمر الواقع، لكن التهديدات الأمريكية عبر بوق البريطانيين، أو بشكل مباشر، ما زالت حاضرة، تزرع الشك في شكل المستقبل كيف سيكون.
إن التحول من عالم القطب الأوحد إلى عالم متعدد الأقطاب يصبح يوماً بعد يوم واقعاً ملموساً لم يعد من الممكن تجاهله، وربما يكون أفول البعض وظهور الآخرين طريقاً إلى عالم اللاقطبية.

آخر تعديل على الأحد, 30 أيلول/سبتمبر 2018 19:46