الرئيس السوري: لا يمكن تصديق الرواية الأمريكية

الرئيس السوري: لا يمكن تصديق الرواية الأمريكية

أعلن الرئيس السوري بشار الأسد في مقابلة مع التلفزيون الايطالي أن سورية ستحترم قرار مجلس الأمن الدولي بشأن الأسلحة الكيميائية السورية. 

قال الرئيس السوري في تصريح خاص لقناة «راي نيوز 24» التلفزيونية الايطالية، نشر الأحد 29 سبتمبر/أيلول، "لقد انضممنا إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية قبل ظهور هذا القرار إلى الوجود. كان الجزء الرئيسي من المبادرة الروسية يستند إلى إرادتنا بفعل ذلك. إذًا، الأمر لا يتعلق بالقرار بل بإرادتنا نحن. وبالطبع فإننا نملك الإرادة لفعل ذلك لأننا في عام 2003 قدمنا مقترحاً لمجلس الأمن لتخليص منطقة الشرق الأوسط برمتها من الأسلحة الكيميائية. وسنلتزم بالطبع، لأن تاريخنا يظهر التزامنا بكل معاهدة نوقعها". 

 

وأكد أن سورية ستلتزم بكل بنود المعاهدة، وليست لديها أي تحفظات. 

 

ورداً على سؤال كيف تنوي سورية تنظيم عملية إتلاف الاسلحة الكيميائية، قال الاسد إن هذا السؤال ينبغي توجيهه إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، مشيراً إلى أن دور دمشق "يقتصر على تقديم البيانات وتيسير إجراءاتهم، وهذا متوافر حتى الآن. لكني أعتقد أن المسألة هنا تتعلق بالجانب التقني لعملية التنفيذ وكيفية الوصول إلى تلك الأماكن، خصوصاً عندما يكون هناك إرهابيون يمكن أن يضعوا العراقيل في سبيل ذلك. ومن ثم كيفية تفكيك هذه المواد والتخلص منها". 

 

وتابع الاسد قائلاً: "منذ بداية الأزمة قلنا إن النشاط السياسي أو الحل السياسي هو جزء مهم جداً من الأزمة"، لكن عندما يكون هناك إرهاب لا يمكن التوقع بأن يؤدي الحل السياسي إلى تسوية كل المشاكل. وأضاف قوله: "رغم ذلك ينبغي أن نستمر في العمل السياسي. إذاً، الأمر يتعلق باجتماع السوريين حول الطاولة لمناقشة النظام السياسي الذي يريدونه ومستقبل سورية. وكل ما يتفقون عليه سيعرض على استفتاء للحصول على موافقة الشعب السوري فيما يتعلق بأي جزء من مستقبل سورية، سواء كان الدستور أو القوانين أو أي أمر آخر. هذا ما نفعله منذ بداية الأزمة، وهذا هو نفس العمل الذي سنستمر به في هذه الأثناء". 

 

ورفض الرئيس السوري أن يسمي المجموعات المسلحة التي تقاتل القوات الحكومية بـ "المعارضة". وقال إن "المعارضة كيان سياسي وبرنامج سياسي ورؤية سياسية. هذه هي المعارضة. إذا كانت هناك أسلحة وتدمير وقتل واغتيال، فهذه ليست معارضة.... إذاً، بوسعنا إجراء نقاشات مع كل حزب في المعارضة. أما فيما يتعلق بالمسلحين، فإذا تخلوا عن أسلحتهم، فسنكون مستعدين لمناقشة أي أمر معهم مثلهم في ذلك مثل سائر المواطنين الآخرين".

 

ورداً على سؤال ما إذا كانت لديه خطط لحضور مؤتمر "جنيف-2" شخصياً، قال بشار الاسد إن "هذا يعتمد على إطار مؤتمر جنيف، لأن ذلك المؤتمر لا يزال غير واضح حتى الآن: أي نوع من المؤتمرات هو، من سيحضره، ما هي المعايير الناظمة لهذا المؤتمر. ولذلك علينا أن نكون مستعدين كحكومة، لكننا لا نستطيع تحديد من سيرأس وفدنا إلى أن يتضح إطار المؤتمر والمعايير الناظمة له". 

 

واستطرد الاسد قائلا: "كما قلت، يمكن لأي حزب سياسي أن يحضر ذلك المؤتمر، لكننا لا نستطيع التحدث، على سبيل المثال، إلى منظمات تابعة لـ "القاعدة"، أو إلى إرهابيين. ولا نستطيع التفاوض مع أشخاص يطلبون التدخل الخارجي والتدخل العسكري في سورية". 

 

ووصف الرئيس السوري قطر والسعودية بأنهما من "دول تابعة"، مضيفاً أن "سيدها هو الولايات المتحدة". وأضاف: "وهكذا إذا حضرت الولايات المتحدة (مؤتمر "جنيف-2") فالدول الأخرى التابعة هي مجرد شكليات. إذا أردنا التحدث عن الأحزاب السورية بصرف النظر عن أسمائها - أنا أتحدث عن سلوكها خلال الأزمة - هذا ما نستطيع نقاشه. أعني سلوك هذه الأحزاب". 

 

وفي معرض تعليقه على فكرة نشر قوات دولية في سورية للفصل بين الطرفين المتنازعين، قال الاسد أن هذا الامر لا يمكن تحقيقه. وأوضح قائلا: "لا نتحدث عن بلدين في حالة حرب مثل سورية وإسرائيل على سبيل المثال، حيث هناك خط جبهة واضح وحيث يمكن أن تكون هناك قوات تابعة للأمم المتحدة على جانبي الحدود، أو على خط الهدنة. الأمر مختلف تماما. نحن هنا نتحدث عن عصابات يمكن أن توجد في كل مكان في سورية وداخل أي مدينة، وحيث لا توجد هناك أي جبهات أو خطوط واضحة. إذاً، فحتى لو افترضنا أننا سنقبل بمثل تلك الفكرة، وهي غير مقبولة بالنسبة لنا، لكن حتى لو أردنا قبولها، أين يمكن وضع تلك القوات؟ لا أحد يستطيع رسم خارطة لذلك. ستكون هناك حاجة لخارطة واضحة. وهذه الخارطة غير موجودة. هناك عصابات تأتي من كل مكان. وهذه العصابات تتكون من إرهابيين ينبغي مقاتلتهم وليس عزلهم عن القوات السورية". 

 

وتحدث بشار الاسد عن الدور المحتمل للاتحاد الاوروبي فيما يتعلق بمؤتمر "جنيف-2". وتساءل: "هل أوروبا مستقلة عن أمريكا من حيث السياسات والممارسات السياسية اليوم؟ لقد سمعت من العديد من المسؤولين الأوروبيين إنهم مقتنعون بما نقوله. لكنهم لا يستطيعون إعلان ذلك. وهذه ليست المرة الأولى. وليس خلال هذه الأزمة وحسب. ينبغي النظر إلى أي دور في ضوء أمرين اثنين: أولا، مصداقية ذلك الدور، وثانيا علاقة ذلك الشخص أو البلد أو الحكومة بالأطراف الأخرى الآن. واقعنا اليوم يقول إن معظم البلدان الأوروبية تبنت الممارسة الأمريكية في التعامل مع البلدان المختلفة منذ استلم جورج بوش منصبه قبل أكثر من عشر سنوات. عندما تكون لديهم مشكلة أو خلاف مع أي بلد يقطعون جميع أنواع العلاقات". 

 

وأشار الاسد الى أنه في ظل عدم وجود أي علاقات لا يمكن أن يلعب طرف معين أي دور، كما لا يمكن أن تكون له أي مصداقية. وتساءل الاسد كيف يمكن أن يدور الحديث عن "مصداقية أي بلد أوروبي الآن عندما يتم التحدث عن المساعدات الإنسانية في حين أنهم فرضوا أسوأ حصار شهدته سورية منذ الاستقلال". وتابع قائلا: "ينبغي مناقشة العديد من الأشياء قبل أن يكون هناك طلب بلعب دور. نحن نرحب بأي دور. نحن ندعم أي بلد يرغب بمساعدة السوريين في مساعيهم"، ولكن لا يمكن طلب لعب أي دور "عندما لا يتوافر الأساس اللازم لذلك الدور". 

 

وأضاف قوله إن "معظم البلدان الأوروبية اليوم ليس لها القدرة على لعب ذلك الدور لأنها لا تمتلك العوامل المختلفة التي تمكنها من النجاح ومن أن تكون كفوءة وفعالة في لعب ذلك الدور". 

 

وتعليقا على التطورات الاخيرة في العلاقات بين الولايات المتحدة وايران، أعرب الاسد عن اعتقاده بأنه ستكون لها انعكاسات ايجابية، ليس على الأزمة السورية فحسب، بل وعلى كل القضايا في المنطقة، ولكن ذلك "إذا كان الأمريكيون صادقين في هذا التقارب". 

وشدد على أنه لا يمكن تصديق الرواية الامريكية لأحداث الغوطة. وقال: "إننا نحن من وجه الدعوة إلى بعثة الأمم المتحدة المسؤولة عن التحقيق في استخدام الأسلحة الكيميائية للقدوم إلى سورية قبل ذلك الحادث. وفي اليوم الذي تلا وصولهم ظهرت هذه المزاعم القائلة بأن الجيش السوري استعمل الأسلحة الكيميائية. هل يمكن تصديق ذلك؟". 

 

وأشار الى أن الولايات المتحدة وضعت عراقيل أمام قدوم خبراء الامم المتحدة الى سورية للتحقيق في حادث خان العسل الذي طالبت سورية بالتحقيق فيه. 

 

وشدد الرئيس السوري على ما قاله في بعض تصريحاته السابقة حول أنه "لا يمكن استخدام الأسلحة الكيميائية في المدن حيث يمكن أن تتسبب في وفاة عشرات الآلاف، بما في ذلك أفراد الجيش"، مشيرا الى أن "لا أحد تحقق من صحة الفيديوهات والصور". وأضاف: "في العديد من الأماكن ترون أن نفس الصور لنفس الأطفال استعملت بأشكال مختلفة وفي أماكن مختلفة. ويمكنكم مشاهدة هذه الصور على الانترنت". وفي الوقت ذاته أكد على وجود "أدلة ملموسة مثل المواد والحاويات التي استخدمها الإرهابيون"، و"اعترافات بعض الإرهابيين الذين نقلوا المواد الكيميائية من بلدان مجاورة. كما أن هناك مؤشرات تتعلق بمصلحة الجهة التي قامت بالهجوم". 

 

واستبعد الاسد أن يكون أي أحد من الحلقة المحيطة به أو في الجيش استخدم السلاح الكيميائي بدون اذنه، واصفا الافتراضات بهذا الشأن بأنها "قصة للأطفال".

 

ورداً على سؤال بشأن ما إذا يفكر في ترك السلطة قال الاسد: "إذا كان تركي للمنصب سيجعل الأمور أفضل، فجوابي ببساطة شديدة ودون أي تردد هو نعم. لكن السؤال هل سيكون الوضع أفضل. هذا سؤال آخر. بالنسبة لي كرئيس حتى الآن ينبغي أن أكون في موقعي، لأنه عندما يكون المرء وسط عاصفة لا ينبغي أن يتخلى عن السفينة. لا يتخلى عن موقعه ويترك بلده وسط العاصفة. مهمتك هي أن توصل السفينة إلى شاطئ الأمان. مهمتك هي أن تأخذ بلدك إلى شاطئ الأمان. وليس أن تتخلى عن السفينة وعن الشعب السوري". 

 

وفي معرض الحديث عن تقرير مستقبله السياسي، قال الرئيس الاسد إن "الوسيلة الوحيدة هي صناديق الاقتراع، لأنها الطريقة الوحيدة التي يعبر بها الشعب السوري عن رأيه حيال الشخص الذي يريده. وبالنسبة لي، فإني سأمتثل لرغبة الشعب السوري. ليس هناك طريقة أخرى في أي بلد في العالم. هذا الأمر لا يتوقف على قرار أي مجموعة بعينها في سورية. إنه قرار كل مواطن سوري". 

 

وأضاف: "إذا شعرت قبل الانتخابات أن الشعب السوري يريدني أن أترشح فسأترشح. وإذا شعرت أنه لا يرغب بذلك فإني لن أفعل". 

 

وفي ختام المقابلة قال الرئيس السوري: "أعتقد أن الشيء الوحيد الذي يمكنني أن أقوله الآن هو أنه لم يترك لنا سوى خيار واحد وهو أن ندافع عن بلدنا. علينا أولا أن نركز على التخلص من الإرهابيين وإرهابهم وأيديولوجيتهم. ثانيا، حتى لو تجاوزنا هذه الأزمة، هناك الكثير من الأشياء التي علينا أن نعالجها بعد الأزمة، وما ستتركه هذه الأزمة، خصوصا التبعات النفسية والأيديولوجية والاجتماعية في هذا المجتمع. إذا، لدينا الكثير من العمل، لكن يمكنني القول بثقة إن بوسعنا أن نجعل سورية أفضل بكثير مما كانت عليه قبل الأزمة". 

 

وخلص الى القول: "بالطبع، نحن بحاجة للإصلاحات ولا نستطيع تحقيق شيء بدونها. الإصلاح جزء هام مما أتحدث عنه. فهو المحور الرئيسي لجعل سورية أفضل، هذا مؤكد. لكن في هذا الصدد، فإن ذلك لا يعني أن أكون أمل البلدان الأجنبية أو الغربيين. يمكن أن أكون أمل السوريين وليس أي جهة أخرى". 

 

 

 

المصدر: وكالة سانا