آستانا ...لا اجتهاد في النَّص، ولا مكان لإبليس!

آستانا ...لا اجتهاد في النَّص، ولا مكان لإبليس!

مع اقتراب موعد لقاء أستانا، احتد الجدل حول وظيفة الاجتماع، ودوره، والقوى التي ستشارك فيه، ولم يخلُ الأمر مجدداً من وضع شروط على انعقاده، والتشكيك بإمكانية نجاحه، وصولاً إلى تبشير غير مسؤول، ومشبوه بفشله.

 

أولاً: إن هذا اللقاء، هو أحد مخرجات اللقاء الروسي – التركي – الإيراني، وبيان موسكو الثلاثي، الواضح، والصريح، وغير القابل للاجتهاد في تفسيره، ووظيفته، إلا إذا كان بعض «المجتهدين» يحاول وضع العثرات على طريقه، بعد أن بات عاجزاً، عن تجاهله.

ثانياً: إن وضع تعارض بين كون وظيفة أستانا، هو فقط بحث وقف إطلاق النار كما صرح البعض في المعارضة المسلحة، أو بحث عملية الحل السياسي كلها، - وضمن فهم مجتزأ - كما ورد في بعض الإعلام المحسوب على النظام، هي ثنائية مصطنعة، وفصل تعسفي، وقسري، يقصد بها تعكير الأجواء والاصطياد بها، لأن الأمرين متكاملان أصلاً، ولا تعارض بينهما إذا حسنت النوايا، فلا معنى لوقف إطلاق النار دون أن يكون خطوة على طريق استئناف مفاوضات الحل السياسي، ولا إمكانية لإنجاز الحل السياسي والسير قدماً إلى الأمام، دون وقف إطلاق النار. بمعنى آخر فإن وقف إطلاق النار هو خطوة على طريق الحل السياسي، والحل السياسي هو غاية وقف إطلاق النار.

ثالثاً: من غير المنطقي تفسير وقف إطلاق النار، على أنه توزيع لمناطق النفوذ، وإقرار بالأمر الواقع، واعتباره بداية تقسيم ..! فالاتفاق يستند أصلاً إلى بيان جنيف1، وقرار مجلس الأمن 2254، اللذين ينصان على وحدة الأراضي السورية، واجتماع أستانا نفسه، محطة على طريق استئناف مفاوضات جنيف، التي تعني تطبيق هذه القرارات، وضمن عملية سياسية متكاملة، وإحداثيات مختلفة عن السائدة الآن، ناهيك عن أن الراعي الروسي، بما يعنيه، من وزن ودور، وأد هذه المحاولة منذ دخوله، واعتبرها من أوهام الماضي. 

رابعاً: إن محاولة البعض استحضار ابليس على طاولة المفاوضات، قبل إقلاعها، هي محاولة غير بريئة، فبحث التفاصيل هي مهمة الاجتماعات نفسها، أما استباق الأحداث، وإخضاعها للتجاذب الإعلامي – الدعائي، وإنعاش ذاكرة الحسم والإسقاط، فلا تتوافق مع المواقف الرسمية المعلنة لكل الأطراف، وتتناقض مع روح مبادرة الحل السياسي، ولا نظن أنها تمتلك أي من مقومات التسويق والرواج.

خامساً: لا اجتهاد أحادي الجانب في نص البيان، إلا إذا كان منسجماً ومتوافقاً مع غايته الأساسية، والنهائية، وهي الإيمان بالحل السياسي كحل وحيد للأزمة السورية، وكما نصت عليه القرارات الدولية، و كل ما عدا ذلك بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة تودي بصاحبها إلى هوامش المشهد... وبِدَعُ إدارة أوباما خير مثال.