الهيئة العليا.. تراجع ملغوم!

الهيئة العليا.. تراجع ملغوم!

أصدرت «الهيئة العليا للمفاوضات» بتاريخ 4\12\ بياناً في ختام اجتماعها الدوري، تضمن جملة مواقف هذا المكون من تطورات الأحداث في الأزمة السورية.

 

يعكس البيان تماماً واقع حال الجهة التي أصدرته، حيث الكلام الاستعراضي، والتناقض في المواقف، وقول الشيء وعكسه، والتمظهر بالحرص على حل الأزمة السورية، من خلال كلام مسنود إلى القرارات الدولية، ولكنه ملغوم  يمكن أن يوظف لاحقاً لنسف أية إمكانية للحل، فالبيان يؤكد قول من سماها بالهيئة العليا لتعطيل المفاوضات، بدلاً عن اسمها الرسمي.

ورد في البيان بالنص « ..تشدد الهيئة على رفض كل التفاف على مطالب الشعب وكل محاولات إضعاف المعارضة الوطنية والمشاريع التي تهدف إلى تقديم تنازلات عن مطالب الشعب في الانتقال السياسي الكامل كما حددته القرارات الدولية وبخاصة القرار 2254 لعام 2015 المستند إلى بيان جنيف عام 2012 ..»

ولكن الهيئة إذ تحذر من الالتفاف على مطالب الشعب السوري، نجد إن ما تبقى من البيان من ألفه إلى يائه، هو التفاف ليس على المطالب الحقيقية لهذا الشعب فقط، بل التفاف على القرارات الدولية كلها، حيث لم يأتِ البيان العتيد على ذكر «جبهة النصرة» أو من خرج من رحمها بعملية قيصرية، في سياق تعداده للجماعات الإرهابية، ورغم ان البيان يخلو من ذكر «الاسقاط» كشرط مسبق، إلا أنه  يلمّح إلى الشروط المسبقة في سياق الحديث عن الشرعية، فيفسر القرارات الدولية كما يحلو له، علماً إن روح هذه القرارات كلها هو التفاوض دون شروط مسبقة، وبالإضافة إلى ذلك، يدعو البيان إلى توحيد ما يسميها بـ«فصائل الثورة» وصولاً إلى بناء جيش، الأمر الذي يعني التحضير لمتابعة العمل العسكري، رغم إن كل القرارات الدولية التي يعددها البيان، ويدعي الموافقة عليها، تؤكد على أن الحل الوحيد للأزمة هو حل سياسي.

بغض النظر عن تقييم الدور الإيراني في الأزمة السورية، إلا أن طريقة عرضه في البيان، يؤكد مرة أخرى إن ما يسمى الهيئة العليا للمفاوضات، مرهون لسياسات البترودولار السعودي والخليجي عموماً، ويردد نفس مفردات إعلامه ودبلوماسييه فاقتصار الحديث على إيران من القوى الإقليمية دون ذكر الدور السعودي المشبوه، والدور التركي، يخالف واقع الحال، ويناقض المنطق، ويعزز حقيقة إن الهيئة ترد جميل السعودية على «حسن ضيافتها»؟!  دون الاكتراث بمصلحة الشعب السوري، التي يتباكى عليها البيان.

وعلى كل حال، فإن القبول بالقرارات الدولية،  والتأكيد عليها بحد ذاته يشكل خطوة متقدمة، رغم استمرار محاولات الالتفاف عليها، وكما أن معارضة »اللاحل» هذه، كانت ترفض الحل السياسي وقبلت به مكرهة، فأنه ليس ببعيد ذلك اليوم الذي ستعود إلى التفاوض مكرهة، وتنفجر الألغام المتضمنة في البيان بهذه الهيئة. أو أنها ستحال إلى التقاعد، فالهيئة العليا التي تعود بنسبها إلى «الائتلاف الوطني» الذي تم تصنيعه في ظل مستوى محدد من التوازن الدولي والاقليمي والمحلي، لمنع الحل، أو تلغيمه في حال تم فرضه، أصبح في حكم الماضي، سواء بخياراته، أو حتى بوجوده المادي، لأن هذا التوازن يتعزز و يتقدم باضطراد على عكس مصلحة ومشاريع صنّاع الائتلاف «المخذول».