افتتاحية جريدة قاسيون 761: توافق أعلى.. معرقلون أضعف..!

افتتاحية جريدة قاسيون 761: توافق أعلى.. معرقلون أضعف..!

تشهد الساحة السورية، ومنذ انطلاقة الجولة الأخيرة من جنيف3 وحتى الآن، جملة من الأحداث المتسارعة، السياسية والميدانية. في الأثناء تسعى قوى وجهات سياسية وإعلامية مختلفة، متضررة من الحل السياسي، الاتكاء على كثافة التغيرات والتطورات وكثرتها لتقديم إيحاءات مضللة بأن الأمور تسير باتجاهات أخرى مختلفة عن اتجاه الحل السياسي المقر في 2254،

لكن واقع الأمور يؤكد أن هذه التغيرات تصب بمجملها لا في تثبيت الحل السياسي حلاً وحيداً للأزمة السورية فحسب، بل وفي غذ السير باتجاه تنفيذ مفردات ذلك الحل عبر تنفيذ بنود القرار المذكور كاملة.

إنّ أهم مستجدات المشهد السوري خلال الأسبوعين الماضيين هي التالية:

أولاً: تحول موضوع الرقة إلى نقطة أساسية على جدول الأعمال الدولي، فواشنطن المضطرة إلى الدخول في المعركة ضد «داعش» بعد تحرير تدمر، لن تنفرد في هذه العملية، فمختلف الإشارات السياسية والميدانية تعكس توافقاً روسياً- أمريكياً على عمل مشترك ومنسق في تحرير الرقة، وهذا يعكس بدوره استمرار تكيف واشنطن مع ميزان القوى الدولي الجديد الذي لم يعد في صالحها، كما يؤكد أن «داعش» ذاهبة إلى مزيد من الانكفاء، بما يعنيه ذلك من تحجيم إضافي للتيار الفاشي العالمي، وما يعنيه تالياً من تكريس للحلول السياسية مخرجاً وحيداً من الأزمات المختلفة.

ثانياً: استمرار الضغط الروسي على واشنطن وحلفائها بما يخص عزل «جبهة النصرة»، وضرورة انفكاك من يعتبر نفسه جدياً في الحل السياسي عنها، سياسياً وجغرافياً، وإلا فإن الضربة قادمة بالأحوال كلها لا محالة، وهو ما يستهدف بشكل واضح إغلاق الحدود التركية- السورية، بما يعني تحجيماً إضافياً للأدوار الإقليمية ضمن الأزمة السورية، وهي الأدوار التي لعبت وتلعب أدواراً ضارة ومتشددة. وبهذا المعنى فقط يمكن القول إن معركة حلب أيضاً، تصب في إطار الحل السياسي بالتوازي مع محاربة الإرهاب، وليس في أي إطار آخر مما يمكن لبعض المتشددين تمنية أنفسهم به.

ثالثاً: تترافق المعركتان/ العمليتان السابقتان، اللتان من شأنهما تحجيم قوى الإرهاب والقوى الإقليمية، بتغيرات موازية في وفد الرياض مضمونها الأساسي هو التكيف الإلزامي الذي لا يزال في بداياته استعداداً لتنفيذ القرار 2254.

رابعاً: تتقدم ميدانياً مسألة الإغاثة وإيصال المساعدات الإنسانية، رغم محاولات إعاقتها كلها، بالتوازي مع حقيقة أن وضع «النصرة» وحلفائها تحت التهديد المباشر يعني تعميق الفرز بين من هم مع الإرهاب ومن هم ضده، بين أنصار الحل السياسي وأعدائه، بما يفتح الباب أمام تثبيت الهدن بأقوى وأرسخ مما كانت عليه. 

بالمحصلة، فإنّ مجمل المؤشرات والأحداث المشار إليها تعني على المستوى السياسي العام، انفتاح الطريق مجدداً لاستئناف مسار جنيف3 وتنفيذ القرار الدولي، ولكن ضمن مستوى توافق دولي أعلى من السابق، وضمن مستوى ممانعة إقليمية أدنى من السابق، إضافة إلى ضعف إضافي، سياسي وعسكري، للمتشددين الداخليين، على اختلاف مواقعهم. 

 

آخر تعديل على السبت, 04 حزيران/يونيو 2016 18:27