عدم تمثيل «الاكراد» مطرقة تركيّة، وسندان أمريكي!

يدور جدل واسع حول مسألة عدم تمثيل حزب الاتحاد الديمقراطي كطرف كردي، في محادثات جنيف الخاصة بحل الأزمة السورية، وتشير جهات دبلوماسية وإعلامية عديدة، إلى فيتو تركي بهذا الخصوص، فهل هذا يعكس كل أبعاد هذه المسألة؟

ليس سراً أن صاحب القرار، في «من يحضر، أو لا يحضر» مؤتمر جنيف، هو التوافق الروسي – الأمريكي، وإذا كانت بعض القوى الإقليمية، ومنها تركية، تحاول توسيع هامش قدرتها على التحكم بالملف السوري، إلا أنها لم تكن يوماً في موقع يمكنها من أن تكون صاحبة القرار، وعرقلة قرار دولي، بدلالة عدم القدرة على منع انعقاد جنيف، كممر إلزامي للحل السياسي، وهي التي كانت وما زالت تمانع ذلك، قولاً وفعلاً، و أيضاً بدلالة عجزها عن فرض الانسحاب على وفد  الرياض، رغم سعيها لذلك.

ومن جهة أخرى، إذا كان موقف الطرف الروسي واضحاً بمسألة تمثيل الاتحاد الديمقراطي، فإن الطرف الآخر – الأمريكي – كأحد الرعاة الدوليين، يغضّ النظر عن ممارسات حليفه التركي، ولم يعمل على لجمه كما يجب، بل ساهم في منع إصدار قرار دولي، لحضور وفد الاتحاد الديمقراطي، بمعنى آخر، فإن الطرف الأمريكي عملياً هو الذي يمنع حضور الاتحاد الديمقراطي، مع العلم، أن الولايات المتحدة – وفقاً لما تدعيه- تدعم قوات الحماية بالسلاح، وتنسق معها في الأعمال القتالية ضد داعش. الأخطر من ذلك، أن العديد من مراكز الأبحاث، ومراكز صنع السياسات، وبعض أعضاء الكونغرس الأمريكي، بالتوازي مع منع تمثيل هذه القوة، يلمحون إلى دعم بعض الأطروحات اللاواقعية، التي يسعى إليها حزب الاتحاد الديمقراطي، مثل الفدرالية.
فما وراء عملية تبادل الأدوار بين الولايات المتحدة، وتركية في هذا الملف؟ 

- إن أي حل سياسي للأزمة السورية، دون مشاركة الاتحاد الديمقراطي بما له من وزن عسكري، يعني بقاء الحل كسيحاً، وملغوماً، وهشاً، وبالتالي يبقى من الممكن الالتفاف عليه وإجهاضه، فالمستهدف بمنع تمثيل الاتحاد الديمقراطي في جانب منه هو الحل السياسي نفسه.

- وفي مسار آخر، تهدف الولايات المتحدة، من هذا الموقف المتناقض، مع التوافق الدولي، إلى حشر الأكراد في زاوية ضيقة، وابقائهم تحت الضغط التركي مما يؤسس لإمكانية، ابتزازهم أمريكياً، على الدوام،  و صولاً إلى فرض الإملاءات الأمريكية عند الضرورة، على هذه القوة السياسية والعسكرية، بما تمثله من بعد إقليمي. بغية عدم حل المسألة الكردية، في إطار الحل السياسي للأزمة السورية، والإبقاء على ورقة توتر تستخدم عند الضرورة، بعد أن فرض التوازن الدولي على الطرف الامريكي الذهاب إلى الحل السياسي.

- ليست المرة الأولى، التي تمارس الولايات المتحدة فيها مثل هذا النفاق السياسي، فيما يتعلق بالقضية الكردية، فبعد انكسار الجيش العراقي في حرب الـ 91، وانفجار كل التناقضات الداخلية في العراق، وتوتر الوضع في الشمال والجنوب، توهمت بعض قوى  المعارضة العراقية، بإمكانية الاستفادة من الوضع الناشىء، بتنفيذ برنامجها لإسقاط نظام صدام حسين، وفاجأت الولايات المتحدة حينها، العالم والعراقيين بالسماح للطيران العراقي بالتحليق، وتم اطلاق يد النظام العراقي، بالتعامل بطريقته المعهودة، مع المنتفضين عليه، فكانت ما سمي حينها بالـ «هجرة المليونية».

نختصر ونقول، هناك بنك أهداف من الممانعة الأمريكية لتمثيل الاتحاد الديمقراطي، فمن جهة هي محاولة لإفشال الحل السياسي، أو على الأقل تأخيره، ومن جهة أخرى هي محاولة لاحتواء الأكراد، وهي أيضاً إرضاء للحليف التركي، والأهم الابقاء على التوتر في الإقليم، للاستثمار فيه لاحقاً.