وفد الرياض يلعب بعد «الوقت بدل الضائع»!

 كان لافتاً خلال اليومين الماضيين جملة المحاولات المستميتة التي بذلها وفد الرياض للتأثير سلباً على مسار مفاوضات جنيف3

فمن التصريح بقيام الوفد بـ«تعليق المفاوضات»،وكأنّ له الحق في ذلك! إلى حديث حجاب التصعيدي اليوم خلال مؤتمره الصحفي، ومطالبته بجدول زمني للحل وكأنه لم يقرأ بعد القرار 2254، ولم يتابع تطورات الاتفاق الروسي- الأمريكي الذي بات معلناً وصريحاً بالتوقيتات والآجال التي ينبغي للحل أن يطبق خلالها. ولم تسقط من حديث حجاب الذريعة الدائمة المتمثلة بالأوضاع الانسانية والمساعدات، وعدم جدية طرف النظام، بما يذكر دائماً بإسهام الفريق نفسه في إفشال محادثات «جنيف2» وما جلبه ذلك الإفشال عبر ما يزيد عن سنتين من «مساعدات إنسانية» ترجمت عملياً بإضافة أكثر من مئة ألف ضحية نتيجة استمرار الصراع العنيف وعدم التوصل إلى حلول وسط.. وقد جرى تصعيد «وفد الرياض» بالتوازي مع التصعيد الميداني ومحاولات كسر «اتفاق وقف الأعمال العدائية» في حلب ومناطق أخرى من سورية.

النتيجة: أكثر من «لا شيء»!

محصلة التصعيدين حتى الآن هي استمرار المفاوضات، والاصرار الدولي الروسي- الأمريكي، على استمرار وقف الأعمال العدائية، وفوق ذلك تلويح روسي واضح اللهجة والدلالات على لسان مندوبها الدائم في جنيف بأنّ المفاوضات يمكن أن تستمر دون وجود وفد الرياض فيها. أي أنّ التصعيد الذي قد يفهم في إطار محاولات «تحسين شروط التفاوض» لوفد الرياض، لم يفعل سوى أنّه أضعف مواقع هذا الوفد بشكل أكبر، وأحد دلالات ذلك هو أنّ الفعل نفسه، أي تعليق المفاوضات من طرف واحد، قاد في بداية جنيف3 إلى تعليقها فعلياً، ولكنّه اليوم لم يسمح بذلك بل أخذ الأمور باتجاه معاكس تماماً هو التهديد الواضح لوفد الرياض بأنهم إن استبعدوا أنفسهم فلن يأسف عليهم أحد، والمفاوضات ستستمر.

من وراء التصعيد؟

يبدو واضحاً في خلفية التصعيد، الموقف التركي الذي يرى في حل الأزمة السورية سياسياً خطراً محدقاً يهدد القيادة التركية الحالية ومواقعها وحتى إمكانية استمرارها. ويبدو واضحاً أيضاً أنّ درجة الشقاق بين الموقفين التركي والأمريكي من مسألة المفاوضات السورية قد بلغت منعطفاً حاداً، فالقرار النهائي لوفد الرياض، الذي يبدو حتى الآن بين بين، فلا هو تعليق مع مغادرة كاملة لجنيف، ولا هو استمرار كامل في المحادثات، هذا القرار يظهر كمحصلة لعدة قوى في طليعتها الولايات المتحدة وتركيا والسعودية، ما يعني أنّ عملية تقليم الأدوار الإقليمية وتشذيبها وصلت مرحلة جديدة هي مرحلة كسر عظم تمّ تليينه وتعميق هشاشته طوال الفترة السابقة.

وماذا بعد؟

بالمحصلة فإنّ استمرار الأمور ضمن مسارها المقر بات مسألة محسومة، وهذا الاستمرار نفسه هو واحد من الترجمات الواضحة لوضع دولي جديد، يتقدم فيه الروس وحلفاؤهم بشكل مطرد، ودون توقف.

آخر تعديل على الثلاثاء, 19 نيسان/أبريل 2016 16:55