موسكو تضغط لتسريع الحل السوري عبر تثبيت الهدنة..

موسكو تضغط لتسريع الحل السوري عبر تثبيت الهدنة..

 نصت اتفاقات وقف إطلاق النار في سورية التي أقرتها روسيا والولايات المتحدة بشكل مشترك، على أن يتم (التعامل عسكرياً) مع الأطراف المسلحة التي تقوم بخرق الهدنة أو بعدم قبول الحلول والمفاوضات السياسية، التي أقرت وفق القرارات الدولية.

نص الاتفاق المشترك على أن يتم رصد الاختراقات بالتعاون بين مركزين: روسي في حميميم، وأمريكي في العاصمة الأردنية عمان. وعلى الرغم من أن خروقات عديدة تم تسجيلها، إلا أن الهدنة نجحت في تخفيض مستويات العنف بشكل ملحوظ، كما أدت إلى زيادة عدد الأطراف المسلحة السورية التي التزمت بها، وبالتالي وافقت على الحلول السياسية والالتزام بالمقررات الدولية التي ستصدر في نهاية مفاوضات جنيف3.

وبعد أن ساعد نجاح وقف إطلاق النار، على استئناف المفاوضات، عادت مسألة رفع وتيرة الالتزام بالهدنة، واستخدام صلاحيات الاتفاق، لتكون محور البحث، وتحديداً مسألة التعامل العسكري مع الأطراف التي لم تعلن موافقتها واستمرت في ممارسة الخروقات، تلك الأطراف التي تكون بعملها هذا قد «وضعت نفسها بنفسها في موقع المجموعات الإرهابية»، ما يجعل كلاً من عمليتي: الثبيت المشترك الروسي- الأمريكي للهدنة من جهة، وتنسيق مكافحة الإرهاب من جهة أخرى، متقاطعتين إلى حد بعيد.

المحادثات الروسية الأمريكية التي ستشهدها العاصمة موسكو، خلال زيارة وزير الخارجية كيري في 23- 3، ربما تعكس عملاً حثيثاً من أجل الوصول إلى مستوى أعلى من (الحلحلة المشتركة) لمعيقات استكمال التنسيق المشترك، وللمفارقة قد تكون أهم الدلالات على ذلك هو ما شهده اليوم 21-3، من تصريحات لهيئة الأركان الروسية، التي أعطت الولايات المتحدة الأمريكية، يوماً واحداً لرفع مستوى النقاش في تفاصيل ضبط نظام وقف إطلاق النار، وإلا فإنها ستبدأ اعتباراً من 22-3 (باستخدام القوة من جانب واحد ضد من يخرق الهدنة في سورية باستمرار، في حال عدم حصولها على رد أمريكي على اقتراحاتها بشان الهدنة) وفق تصريح رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية سيرغي رودسكوي الاثنين 21-3، وذلك بعد طلبه لقاء مسؤولين أمريكيين، لبحث تطورات اتفاق الهدنة، واستكمال تفاصيله. حتى الآن لم يظهر رد رسمي من واشنطن، باستثناء تصريح لمسؤول أمريكي لم تتداول وسائل الإعلام اسمه أو صفته، يقول بأن الدعوة الروسية لمناقشة وقف إطلاق النار بصورة عاجلة، مرفوضة، وأن التنسيق جارٍ بكل الأحوال.

يبدو أنّ آثار الخطوة الروسية، في سحب جزء من القوات العاملة في سورية، ما تزال تتفاعل حتى اللحظة، وتحديداً بعد أن أعقبتها تأكيدات روسية، بأن محاربة الإرهاب، ومراقبة وقف إطلاق النار وإنجاح التسوية السياسية السورية، لا تزال في صلب الأولويات الروسية. ولكن يبدو أن أهم أهداف هذه الخطوة الروسية، هو الدفع نحو تسريع تولي المجتمع الدولي لمهماته المشتركة بإنجاح محاربة الإرهاب، وإتمام التسويات السياسية. كما أنّ طريقة التعاطي الروسي مع الملف السوري لجهة الدفع نحو محاربة الإرهاب تحت سقف شرعي وأممي بالتزامن مع الدفع نحو التسوية السياسية، وصولاً إلى تصريح الأركان الروسية اليوم يستهدف حث الأطراف الدولية الأخرى، وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية، للانخراط في شكل جديد ومتطور من التعاون الدولي، تعاون يأخذ شكلاً بناءً وسلمياً بين أنداد حقيقيين على خلاف شكل إدارة العالم خلال العقدين الماضيين الذين سادهما الاستئثار الأمريكي المصحوب بجملة من الأزمات العسكرية والاقتصادية الدولية.

ويبدو واضحاً لكل متابع للتطورات الدولية خلال الأعوام القليلة الماضية، والأشهر الأخيرة تحديداً، أن واشنطن ستستجيب لموسكو وإن تأخرت قليلاً، لأن عدم استجابتها يعني تفرد القوات الروسية بتثبيت الهدنة، وما يستتبع ذلك من تفرد في تسوية الأزمة السورية نفسها، ما يعني خسارة كبرى لواشنطن.

 

وفيما يبدو فإنّ لقاء لافروف- كيري المزمع في 23-3، سيكون اللقاء المناسب لحلحلة جملة من الأمور العالقة بين الطرفين بما ينبئ بتسارع أكبر في سير حل الأزمة السورية..

قاسيون