إفتتاحية قاسيون 717: هل بات بدء الحل على الأبواب؟!

إفتتاحية قاسيون 717: هل بات بدء الحل على الأبواب؟!

 

يمكن بمراقبة المؤشرات الدولية والإقليمية الخاصة بالحل السياسي في سورية، وكذلك بفهم سرعة التطورات الجارية دولياً وإقليمياً، تشكيل تصور واضح قدر الإمكان عن آجال إطلاق التطبيق الفعلي للحل السياسي في سورية، وعن مضمون ذلك الحل أيضاً.

إنّ أهم المؤشرات التي جرت خلال الأسابيع القليلة الماضية، والمرتبطة مباشرة بالشأن السوري، هي التالية:

 أولاً: توقيع الملف النووي الإيراني بوصفه فاتحة لجملة من الحلول السياسية التي ستعقبه في مناطق الأزمات المختلفة، وما تلا ذلك التوقيع من اعتراف أمريكي بضرورة إشراك إيران في حل الأزمة السورية، وبذلك جرى تذليل عقبة جرى وضعها عمداً خلال مؤتمر «جنيف-2».

 ثانياً: تأزم الوضعين السعودي والتركي اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، وازدياد الضغوط عليهما، ما أدى إلى نشوء حاجة موضوعية ملّحة لدى كل من الدولتين لتغيير نهجهما حول سورية، الأمر الذي ظهر بشكله الأولي في الحالة السعودية بالطلب الذي تقدمت به إلى روسيا من أجل «تعاون إقليمي ضد الإرهاب»، وأما في الحالة التركية فإنّ تغيير مسار السياسات الخارجية تجاه سورية لم يظهر واضحاً بعد، ولكنّ الانعطاف قابل للحدوث تحت ضغط الأزمات الداخلية، وربما بالتالي لن يطول كثيراً حتى يظهر إلى السطح، إذا كانت الحال هكذا.

ثالثاً: تقديم دي مستورا لتقريره أمام مجلس الأمن الدولي، والدعم الروسي لهذا التقرير، والذي من المرجح أن يرتفع قريباً إلى دعم دولي عبر المجلس ببيان رئاسي أو بقرار ملزم للأطراف كلها بالذهاب للحل السياسي. ويعكس تقرير دي مستورا فعلياً تقدم وجهة النظر الروسية على الصعيد الدولي، ما يعني كمحصلة تقدم خيار الحل السياسي على أساس بيان «جنيف-1» بوصفه حلاً وحيداً.

إنّ مجمل العوامل السابقة، وبوضعها ضمن سياق التسارع المتعاظم في عملية تظهير ميزان القوى الدولي الجديد، تؤكد أنّ حل الأزمة السورية موجود الآن بين العناوين الأولى على قائمة جدول العمل الدولي.

وإنّ التوازن الجديد نفسه، إذ يعبر عن تراجع العدو التاريخي الأمريكي- الصهيوني، فإنّه يقدم إمكانية الوصول إلى حل سياسي شامل يفضي بمضمونه إلى إنهاء الإرهاب، وإلى إحداث التغيير الوطني الديمقراطي، الجذري والعميق والشامل، سياسياً واقتصادياً- اجتماعياً.

إنّ الإمكانية التي يقدمها التوازن الدولي الجديد بوصفه ظرفاً موضوعياً بالنسبة للحالة السورية، يحتاج إلى استكماله بالعامل الذاتي، والمقصود مواقف القوى السياسية السورية المختلفة. وإذا كانت عوامل الذهاب إلى الحل قد نضجت واستكملت على المستوى العام منذ فترة بعيدة، فإنّ الدور الذي تلعبه قوى التشدد في سورية كان مسؤولاً هو الآخر، وإلى حد كبير، عن استمرار تضييع إمكانية الحل ومفاقمة المشكلة وتعقيدها بشكل مستمر.

الجديد في الظرف الراهن، هو أنّ تلك القوى المتشددة سيجري تطويعها باتجاه الحل السياسي، لأنّ حل الأزمة السورية لم يعد حاجة سورية فحسب، بل غدا منذ أمد غير قصير حاجة ومطلباً إقليمياً ودولياً تدعمه قوى دولية صاعدة لها تأثيرها الكبير في مجري التحولات، وهو ما يعني بالمحصلة أن الشروع الفعلي بحل الأزمة السورية بمحاربة الإرهاب وبتطبيق جنيف-1 بات على الطاولة مجدداً وجدياً، أي بات على الأبواب.