«الأنثروبوسين» و«تغير المناخ»

المناخ جزء واحد فقط من نظام الأرض. إذا ركزنا على ذلك بمفرده، فسنسيء فهم تعقيد الخطر الذي يشكله التغير الكوكبي غير المسبوق.


“الأنثروبوسين» اسم مقترح على نطاق واسع للحقبة الجيولوجية التي تغطي التأثير البشري على كوكبنا. لكن هذا ليس مرادفاً لـ «تغير المناخ»، ولا يمكن تغطيته «بمشاكل بيئية». إن الأنتروبوسين يتجسد في الأدلة على أن الضغوط البشرية أصبحت عميقة جداً في منتصف القرن العشرين، حيث قمنا بتفجير آليات الأمان الكوكبية، مرحبين بنظام الأرض الجديد ومرحبين بالأنثروبوسين.
تشير عبارة «نظام الأرض» إلى جميع العمليات الفيزيائية والكيميائية والحيوية والبشرية المتفاعلة في كوكبنا. بفضل تمكينه من قبل تقنيات جديدة لجمع البيانات مثل: الأقمار الصناعية ونمذجة الكمبيوتر الأكثر قوة، يعمل علم نظام الأرض على إعادة صياغة كيفية فهمنا لكوكبنا. المناخ هو مجرد عنصر واحد في هذا النظام. إذا ركزنا على ذلك وحده، فسوف نسيء فهم تعقيد الخطر. يساعدنا مصطلح «البيئة» على فهم أنفسنا كجزء من الأنظمة البيئية، لكنه يفشل في التعرف على حداثة وضعنا الحالي. لقد عشنا دائماً في البيئة. فقط في الآونة الأخيرة، بدأنا نعيش في نظام الأرض المتغير الخاص بالأنثروبوسين، وهويتطلب طريقة جديدة في التفكير.
إنّ الأنثروبوسين هو تحدٍّ متعدد الأبعاد. ولا يمكن التنبؤ بمستقبلنا أكثر من أي وقت مضى، مع ظهور ظواهر جديدة مثل: العواصف الضخمة من الفئة الخامسة، والانقراض السريع للأنواع، وفقدان الجليد القطبي. هذا التغيير لا رجعة فيه. تقول ناسا: إن مستويات ثاني أكسيد الكربون (CO2) أعلى مما كانت عليه في أي وقت خلال السنوات 400 ألف الماضية- قبل وجود نوعنا البشري- مما تسبب في تدفئة الجو.
المناخ قد تغير بالتأكيد، ولكن أيضاً لديها جوانب أخرى من نظام الكواكب. خذ الغلاف الصخري: يوجد اليوم 193000 «مركبٍ بلوريٍ غير عضوي» من صنع الإنسان، أو ما يمكن أن نطلق عليه «الصخور»، في حين يقارب عدد المعادن الطبيعية للأرض حوالي 5000، في حين أن 8,3 مليار طن من المواد البلاستيكية تغطي الأرض والمياه وأجهزة أجسامنا الداخلية.
ازداد إنتاج المواد الكيميائية الاصطناعية بأكثر من ثلاثين مرة. من بين أكثر من 80 ألف مادة كيميائية جديدة، أجرت وكالة حماية البيئة الأمريكية اختبارات على حوالي 200 مادة فقط لمخاطر صحية بشرية.
لا يمثل النظام الأنثروبوسيني المترابط مشكلة، بل هو مأزق متعدد الأبعاد. قد يتم حل مشكلة، غالباً باستخدام أداة تكنولوجية واحدة ينتجها خبراء في مجال واحد، ولكن المأزق يمثل حالة صعبة تتطلب موارد وأفكاراً من أنواع كثيرة. نحن لا نحل المآزق؛ بل نتنقل عبرها.
إن التعاون بين العلماء والقوى السياسية وعلماء الاجتماع والمجتمع هو مفتاح المواجهة مع الأنثروبوسين. التكنولوجيا مهمة، لكن أصعب التحديات ستكون حول كيفية تغيير أنظمتنا السياسية والاقتصادية.