سورية في عالم يسخن!

تحت عنوان «الإستراتيجيات الثورية في عالم يسخن» كتب أندرياس مالم في مجلة «المناخ والبيئة» يقول: لدى الأوساط الأكاديمية الآن أرض اختبار، حيث تحصي الرهانات ملايين الأرواح البشرية: 

في السنوات التي سبقت 2011، كان سورية تحت وطأة موجة جفاف. كان هناك استدامة في الزراعة في حوض البحر الأبيض المتوسط منذ زمن بعيد، كان نظام هطول الأمطار المستقر نسبياً القادم من البحر بين شهري تشرين الثاني ونيسان يفسح المجال لذلك، وفجأة، في السبعينات، بدأ هذا الاستقرار يتجه نحو التقلّب المتزايد باستمرار. كانت الزاوية الأكثر تأثراً هي بلاد الشام، وخاصة سورية. شهد عام 1998 تحولاً آخر نحو الجفاف شبه الدائم في سورية، والذي كشفت عن شدته حلقات الشجر، فهو لا مثيل له في الـ 900 عام الماضية. لم تتوقف الأمطار الشتوية فحسب، ولكن ارتفاع درجات الحرارة أدى أيضاً إلى تسريع التبخر في فصل الصيف، مما أدى إلى استنزاف المياه الجوفية وجداول المياه وتعطيش التربة. لا يوجد تفسير طبيعي لهذا الاتجاه. ولا يمكن إرجاعه إلّا إلى انبعاثات غازات الدفيئة.
بلغ الجفاف السوري ذروته القصوى حتى الآن في السنوات 2006-2010، عندما بقيت السماء زرقاء لفترة أطول مما يتذكره أي شخص. انهارت سلة الخبز في المحافظات الشمالية الشرقية. تقلصت محاصيل القمح والشعير إلى أكثر من النصف ؛ بحلول شباط 2010، تم القضاء على جميع قطعان الماشية. في تشرين الأول من ذلك العام، وصلت الكارثة إلى صفحات صحيفة «نيويورك تايمز»، التي وصف مراسلها كيف أن «مئات القرى قد تم التخلي عنها مع تحول المزارع إلى صحراء متشققة، ونفقت حيوانات المراعي». أصبحت العواصف الرملية أكثر شيوعاً، كما أن مدن الخيام الشاسعة للمزارعين المحرومين وعائلاتهم قد انتصبت حول المدن الكبرى في سورية. وتتراوح التقديرات بين مليون و2 مليون من المزارعين والرعاة النازحين. الذين هربوا من الأراضي، واستقروا في ضواحي دمشق وحلب وحمص وحماة، وانضموا إلى صفوف البروليتاريين الذين يبحثون عن عيشهم من أعمال البناء، أو قيادة سيارات الأجرة، أو أية وظيفة أخرى، لا تتوفر في أغلب الأحيان. لكنهم لم يكونوا وحدهم يشعرون بالحرارة. بسبب الجفاف، تعرضت أسواق البلاد- أحد المتأثرات المركزية للتأثيرات المناخية على سبل العيش الشعبية- إلى مضاعفة أسعار المواد الغذائية عدة مرات بشكل لا يمكن التحكم فيه.