المياه كسلعة
خواكيم هاكوبيان خواكيم هاكوبيان

المياه كسلعة

أعلنت الأمم المتحدة قبل عدة سنوات أن الحصول على مياه الشرب النظيفة حق عالمي من حقوق الإنسان. ودأبت الشركات التي كانت تدمر مياهنا وتلوثها على تحويل المياه إلى سلعة خاصة خلال الثلاثين سنة الماضية. ويقوم البنك الدولي بتمويل الخصخصة العالمية لإمدادات المياه الأرضية بحيث لا يتمكن الفقراء من الوصول إليها. إنهم يموتون حرفياً من العطش والمرض بسبب جشع هذه الشركات التي تفضل السرقة وجمع الأموال على حق الإنسان بالحياة.

ترجمة جيهان دياب
تعمل هذه الأجندة العالمية على تخفيض أعداد البشر من قرابة سبعة مليارات في الوقت الحالي إلى أقل من نصف مليار فقط. وهذا يعني أن 13 من بين 14 من البشر اليوم، وفقاً لخطة القلة الشيطانية، يجب أن يموتوا ببساطة في غضون السنوات القليلة المقبلة. وما من طريقة أفضل لقتل البشر بسرعة من الحصول على الملكية الكاملة للتحكم في إمدادات المياه المحدودة المتناقصة.
خصخصة المياه
يموت الكثير من الناس بسبب الأمراض المنقولة بالماء الملوث بنسبة أكبر من الموت في الحروب وأعمال العنف. حيث يموت 1,5 مليون طفل دون سن الخامسة سنوياً بسبب الكوليرا وحمى التيفوئيد، وبسبب ظروف المياه غير الصحية. توضح هذه الحقائق مدى أهمية إمدادات المياه النقية للبقاء على قيد الحياة. وتتحقق السيطرة على إمدادات المياه النظيفة للأرض بتحويل المياه إلى سلعة مملوكة للقطاع الخاص، تتحكم فيها كبرى الشركات والمصارف. إن مجرد جعل الماء حاجة لا يمكن تحمل تكاليفها، يعد أحد الطرق الفعالة للحد من مشكلة ما يسمى بالنمو السكاني، إلى جانب الجوع والأمراض والحروب.
ويجتمع أوليغاركيي العولمة وراء الأبواب المغلقة دورياً، ويناقشون ما هو الأفضل للإنسانية وللكوكب وفقاً لمصالحهم الجنونية. فقد طرح موضوع خصخصة المياه والسيطرة عليها كوسيلة فعالة لمعالجة مشكلة الزيادة السكانية بشكل منتظم للمناقشة، إلى جانب الهندسة الجغرافية، الكائنات المعدلة وراثياً، اللقاحات، الإفراط في استخدام المضادات الحيوية، الحروب على النفط والمياه المخطط لها، وضع سياسات عالمية تهدف إلى زيادة عدم الاستقرار السياسي والفقر وتقويض الاقتصادات، والإشعاع النووي ومجموعة من الوسائل الأخرى لإعدام السكان.
ذكرت مجلة تايم: أن مؤسسة بيل وميليندا غيتس تمول الأبحاث في جامعة نورث كارولينا من بين 78 آخرين لتطوير تقنيات منع الحمل بالعقم بالموجات فوق الصوتية لتعقيم الحيوانات المنوية.
بدأت الدعوات للبدء في تعقيم البشر في الظهور في منتصف سبعينيات القرن الماضي مع هنري كيسنجر في وثيقة مجلس الأمن القومي التي رفعت عنها السرية (1974) بعنوان «آثار تزايد عدد سكان العالم على الأمن». وأكدت هذه الوثيقة على أعلى أولوية تعطى لتنفيذ برامج تحديد النسل التي تستهدف ثلاثة عشر دولة في العالم الثالث، معظمها في أمريكا الجنوبية. تم تخصيص موارد استثنائية من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) لدفع عصا الجزرة لتقديم مساعدات مالية إضافية للدول الراغبة في تفعيل برامج التعقيم والنقصان.
وظهر الازدراء القاسي تجاهنا من قبل الأوليغاركيين العالميين في بيان للأمير فيليب، زوج الملكة إليزابيث الثانية في كتابه، «أعترف بأنني أميل إلى طلب التناسخ لفيروس قاتل بشكل خاص «للحد من عدد السكان. يبدو واضحاً أن أجندة عولمة صريحة لنظام عالمي جديد تروج علناً مع إشارات متكررة من قبل الرئيس جورج بوش الأب تشمل الإقصاء من خلال وسائل مختلفة، ويعتبر التحكم في المياه من خلال الخصخصة، واحدة فقط من العديد من ترسانة النخبة الحاكمة.
لحسن الحظ تحركت القوى لمكافحة خصخصة المياه. ففي أعقاب انعقاد الاجتماع السنوي للبنك الدولي في واشنطن العاصمة، أرسل تحالف دولي من جماعات حقوق المياه المناهضة للخصخصة من الهند وأمريكا رسالة رسمية تدعو البنك الدولي إلى إنهاء ممارسته المدمرة المتمثلة في خصخصة المياه في جميع أنحاء العالم، تحت ستار التقدم التنموي. كانت اجتماعات واشنطن في البنك الدولي تروج للأكاذيب والمعلومات المضللة في محاولة لرسم تقرير متوهج يعرض ما يسمى بالكفاءة والنجاحات التي حولت حقوق المياه إلى القطاع الخاص في السنوات الأخيرة.
حركة مناهضة الخصخصة
الخبر السار هو: أن الناس في مختلف أنحاء العالم قاموا في السنوات الأخيرة بتعبئة الجهود وإجراء حملات ناجحة لوقف خصخصة المياه في ساحات منازلهم. احتل المواطنون الجريئون الأقوياء في بوليفيا في عام 2000 العناوين الرئيسة في جميع أنحاء العالم عندما قاموا بطرد شركة المياه المخصخصة بيكاتيل، خامس أكبر شركة خاصة على هذا الكوكب. حيث نجح المحتجون في معارضة الأسعار المتزايدة للشركة وطالبوها بالتخلي عن سيطرتها على إمدادات المياه البلدية في المدينة، مما أدى في نهاية المطاف إلى طرد العملاق من البلاد. ورغم الجهود الكبيرة التي بذلتها الشركات لشراء حقوق المياه والسيطرة عليها في العديد من دول أمريكا اللاتينية، فقد فشلت في دول مثل: إيكوادور والبرازيل، وتمت خصخصة خدمات المياه في شيلي فقط. وفي النهاية حاول السكان المحليون في كل مكان تقريباً أن يواجهوا عملية الخصخصة بقوة.
المياه للملكية العامة
تتكرر القصة نفسها دائماً. وهي السبب في أن جماعات الممانعة مثل: مجموعة «محاسبة الشركات الدولية»، تعمل بشكل استباقي نحو تثقيف الحكومات والمواطنين في جميع أنحاء العالم لضمان بقاء المياه خاضعة للملكية العامة. إن العملية القانونية الشاملة والمكلفة لإنهاء العقود طويلة الأجل وإزالة الشركات الأجنبية بعد إنشائها في مدينة أو ولاية أو بلد هي عملية هائلة. فمن الواضح أن مصلحة الناس في جميع أنحاء العالم تكمن في ضمان أن خصخصة إمداداتهم من المياه لن تحصل على موطئ قدم أبداً في بلادهم في المقام الأول.