المصادر المائية وتوسع مدينة دمشق

المصادر المائية وتوسع مدينة دمشق

قدم كل من م. أسعد معتوق و أ.د.م. محمد طلال عقيلي بحثاً بعنوان «أهمية المصادر المائية في سيناريوهات توسع المدن دراسة حالة دمشق» في مجلة جامعة دمشق للعلوم الهندسية في العام 2013 حيث تعد المصادر المائية وحجم توافر المياه المورد المؤسس لفهم محدودية مورد العمران؛ وإن أي اختلال في خصائص الموارد المائية يعكس أزمة عند توسع المدن ونمو سكانها وتنوع فعالياتها.

غالباً ما يلجأ المخطط إلى إطلاق بعض التوصيات العامة عن استخدام المياه، واقتراح استراتيجيات بسيطة لمعالجة الخلل، دون إعطاء الموقف الأهمية اللازمة. مما استرعى البحث دراسة مستقبل مياه مدينة دمشق ذات النظرة المقلقة، من خلال استعراض الدراسات العمرانية السابقة، والاطلاع على دراسات الموازنات المائية المتعلقة بها، وسيناريوهات الزيادات السكانية المستقبلية الموضوعة، وانعكاسها على مناطق التوسع؛ بهدف اقتراح نظام لتخطيط الموارد المائية المحدودة وتقييمها وتخصيصها، بين الاستخدامات الزراعية، والحضرية والبيئية؛ بحيث تحقق التكامل التام بين العرض والطلب ونوعية المياه، من خلال مؤشرات مدمجة، تمكن من وضع نموذج يكون أداة للتخطيط المتكامل للموارد المائية؛ يمكن اعتماده في دراسة الاحتياجات المستقبلية من المياه في الأمد القريب والمتوسط والبعيد.
تكمن أهمية البحث في الاطلاع على دراسات الموازنة المائية في المخططات التنظيمية لمدينة دمشق، وتأثير الموارد المائية كمحددات في مشاريع التنمية العمرانية المستقبلية لمدينة دمشق، وما يترتب عليها من نتائج مؤثرة في البدائل التخطيطية التي تثيرها وتطرحها، كتحديات آنية ومستقبلية، في إطار فهمٍ شامل متكامل الأبعاد للنظام الإيكولوجي لحوضي بردى والأعوج.


بيان أهمية المصادر المائية

هدف البحث، إلى الكشف عن آليات وأساليب متكاملة لدراسة الموازنة المائية اللازمة للسيناريوهات التخطيطية لتلبية احتياجات التزايد السكاني من التوسع العمراني، ضمن رؤية حديثة متوافقة مع المتطلبات والمعطيات الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية المحلية والعالمية، ومحققة لمبادئ التنمية المستدامة وأهدافها؛ والتوصل إلى مؤشرات، لدراسة الموازنة المائية، ضمن إطار المنهجيات والنظريات المتبعة في الدراسات، والتحليل وأسلوب التنفيذ، وتطبيق النتائج والمؤشرات، التي سيجري التوصل إليها على مدينة دمشق.


الموازنة المائية لمدينة دمشق في الدراسات التخطيطية السابقة

تدخل الإنسان منذ آلاف السنين للإفادة من الشروط الطبيعية المناسبة لحوض بردى، حيث يجري النهر من مستوى 1100) م ويرفده نبع الفيجة على بعد (20) كم من دمشق، وأعمل الحيطة والذكاء والعلم في استغلال مياهه، بحفر أقنية في الصخور على ارتفاعات متفاوتة؛ ليضيع شرقاً في بحيرة العتيبة على مستوى (600)م، ولولا مياه هذا النهر لما كانت دمشق وغوطتها أكثر من سهل جاف تلفحه شمس محرقة صيفاً، ورياح باردة قارسة شتاء؛ ولما تبوأت دمشق مكانتها وشعت أنوارها في العالم القديم.


الموازنة المائية في مخطط ايكوشار عام 1968

وضعت هذه الدراسة مقياساً مبسطاً لتوسع دمشق إِذْ عدت أن عدد سكان دمشق إبان إعداد المخطط التنظيمي الأول عام 1936 نحو (250000) نسمة، وإبان إعداد المخطط التنظيمي الثاني عام 1967 نحو (660000)  نسمة، واقترحت الدراسة ثلاثة بدائل لعدد السكان المتوقع لمدينة دمشق حتى سنة الهدف 1984. فضلاً عن بديل لوزارة التخطيط، وبديل آخر للجنة العليا لتنظيم المدن.
التغذية بالمياه (الموازنة المائية)
قدر الاستهلاك السنوي لمدينة دمشق بناء على عاملين للزيادة، العامل الأول: زيادة الاستهلاك اليومي بالنسبة إلى كلّ فرد، ليصل إلى (365) ليتراً /يومياً؛ بما يتفق مع ارتفاع مستوى الحياة، والعامل الثاني: هو زيادة السكان السنوية لمدينة دمشق مع الأخذ بالحسبان الحد الأقصى لكمية مياه عين الفيجة هو (2.7) م3 / ثا، بما يعادل (85) مليون وعليه وضعت خمسة سيناريوهات للزيادة السكانية المتوقعة، وكمية المياه اللازمة في اليوم من عام. 1960 وحتى عام 1985
اعتُمد سيناريو اللجنة العليا لتنظيم المدن، بمعدل زيادة سكانية سنوية لمدينة دمشق 4.5٪، وبعدد سكان متوقع عام 1984 هو 1.524.186 نسمة، وتكون كمية المياه المطلوبة في اليوم لهذا العام، ( 556.327 ) م3 بمعدل 6.439  م 3/ثا. بما يعادل ( 203) مليون م3 سنوياً وهذا يعادل أكثر من ضعف كمية المياه المتاحة من عين الفيجة.


كمية المياه المتجددة

إن كمية المياه المتجددة المتوافرة في حوضي بردى والأعوج، كافية لخدمة الخطط التنموية المقترحة ضمن منطقة الدراسة. فضلاً عن ذلك، يمكن توسيع أنظمة المرافق الرطبة الأخرى وتحسينها؛ كإمداد المياه وتوزيعها، ومياه الصرف الصحي وتصريف مياه الأمطار، وأنظمة الري، وتكييفها مع أي خطة تنموية، من دون مواجهة أي مشكلات محلية أو فنية، نظراً إلى أن تحليل الأنظمة القائمة حالياً لم تظهر أي مخاطر تذكر. يتبين مما سبق تزايد أهمية المصادر المائية في دراسة سيناريوهات الزيادة السكانية لمدينة دمشق وتوسعها العمراني.

منعكسات الدراسات المائية السابقة

يتضح من خلال مقارنة الدراسات السابقة للموازنات المائية وتحليلها:
عدم توافر إدارة متكاملة للاستثمار المتوازن للموارد المائية في الحوض نتيجة غياب الاستراتيجية الشاملة للاستثمار الآمن المستدام؛ وتعدد الجهات المسؤولة عن إدارة الموارد وتشتت التواصل بينها، وضعف تبادل المعلومات في إطارها المؤسساتي وقلة اختصاصيها في التخطيط المتكامل، وضعف السياسات الموضوعة الموجهة نحو أهداف الإدارة المستدامة في الإطار التشريعي الحالي.
غياب العديد من مؤشرات الموازنة المائية وتفاوت بياناتها، وتعدد مصادرها، مثل: الاحتياطات المائية القابلة للاستثمار، ونسبة التجدد السنوية، وأنماط إعادة الاستخدام للمياه المعالجة، والتكاليف، تخصيص المياه، وتدفق الأنهار والمسيلات، وموارد المياه الجوفية الاحتياطية والجوفية، وتحويلات المياه، التبخر، والجريان السطحي، وتدفق الأساس، وأحمال التلوث.