دور المحسًّنات العضوية في التربة

دور المحسًّنات العضوية في التربة

قدم الدكتور رياض بلدية الأستاذ المساعد في قسم الهندسة الريفية في كلية الزراعة بجامعة دمشق بحثاً بعنوان «تحسين الخواص الفيزيائية للتربة باستخدام بعض المحسنات العضوية» وذلك في مجلة جامعة دمشق للعلوم الزراعية في العام (2014)

أجريت التجربة في بساتين أبي جرش بدمـشق خـلال الموسـمين (2013-2012 ،2012-2011) بهدف دراسة تأثير المحسنات العضوية الآتية: حمأة، وسماد بلـدي، وكمبوسـت فـي بعـض الخـواص الفيزيائية للتربة وفي إنتاجية محصول القمح. وبينت النتائج أن الأنواع الثلاثة من المحـسنات العـضوية المستخدمة قد خفضت من كثافتة التربة الظاهرية وزادت من مساميتها الكلية ومن قدرتها على الاحتفـاظ بالرطوبة عند السعة الحقلية. كما تبين أن كومبوست قمامة المـدن كـان المحـسن الأفـضل للخـواص الفيزيائية للتربة من بين الأنواع المستخدمة، وأن المحسنات العضوية الثلاثـة المـضافة قـد زادت مـن الإنتاجية الكلية لمحصول القمح (شام3) المدروس مقارنة بالشاهد، وكانت حمأة الـصرف الـصحي هـي الأفضل في زيادة إنتاجية المحصول.


ازدياد حجم الفضلات

يتسّم متوسط نصيب الفرد من الموارد المائية بانخفاضه المستمر مع الزيادة السكانية، وذلك لكونها ذات معدل متصاعد سنوياً في الوقت الذي تحافظ فيه الموارد المائية المتجددة على حجمها السنوي من دون زيادة. ومع التوسع العمراني المضطرد وزيادة الطلب على المواد الغذائية ازداد حجم الفضلات الناتجة عن النشاطات البشرية وأصبح التخلص منها من ألح المشكلات.
وتعد الخواص الفيزيائية للتربة من بناء وقوام وكثافة ظاهرية ومـسامية مـن أهـم العوامل المؤثرة في غلة المحصول، وتأتي أهميتها من خلال تأثيرها غير المباشـر فـي العوامل ذات التأثير المباشر في النبات مثل: الماء، التهوية، الحرارة... إلـخ.  وقد أوجب ذلك زيادة الاهتمام بالمحسنات العضوية لما لها من تأثير إيجابي فـي الخواص الفيزيائية والكيميائية والإنتاجية للتربة، مع اعتبار أهميتها البيئية الكبيـرة فـي التخلص من الفضلات العضوية المتراكمة بكميات كبيرة، وهذا يجعل من إضافتها للتربة واحدةً من أهم الخدمات الأساسية من أجل التوصل إلى إنتاج زراعي مـستدام وتحقيـق التوازن بين مدخلات هذا النظام ومخرجاته.
أجريت هذه التجربة في بساتين أبي جرش بدمشق خـلال الموسـمين 2012-2011، و2013-2012، وتبين من تحليل التربة أنها طينية القوام وفقيرة بالمادة العضوية 0.8%، ومتوسطة المحتوى من N.P.K، والكلس، وذات ملوحة خفيفة جداً، وأنها قاعدية خفيفـة 7.75.حللت المحسنات المستخدمة في التجربة لتحديد محتواها الآزوتي، ثم خُلطـت مـع تربة الطبقة السطحية للقطع التجريبية، ومن ثَم سوي سطح القطع.
حددت احتياجات محصول القمح من الآزوت بحسب توصيات وزارة الزراعة بـنحو 150 كغ/N/هـ، ثم أُضيف نصف هذه الكمية على شكل محسن عضوي والنصف الأخر باعتباره سماداً معدنياً، في حين لم يتلقَ الشاهد أية إضافات سـمادية معدنيـة كانـت أم عضوية.


الكثافة الظاهرية

تُظهر نتائج البحث أن إضافة المحسنات العـضوية قللـت الكثافة الظاهرية لتربة الدراسة. فقد بلغت أكبر نسبة انخفاض في الكثافة الظاهرية مقارنة بالشاهد 25% في المعاملة (كومبوست قمامة)
الكثافة الحقيقة
كانـت نسبة الانخفاض فـي قيم الكثافة الحقيقة مقارنة بالشاهد لمعاملات الكومبوست والسماد البلدي والحمـأة (12-12-18%) للسنة الأولى، و(15-15-24%) في السنة الثانية للمعاملات السابقة علـى التوالي.
وبالمقارنة بين المحسنات المستخدمة، وجد فرقٌ ظاهريٌ بين كومبوست قمامـة المـدن والسماد البلدي في السنة الأولى، وفرق معنوي بين الكومبوست وحمأة الصرف الـصحي في السنة الثانية، وبلغت نسبة الزيادة في قدرة الكومبوست على خفض الكثافـة الحقيقيـة لتربة الدراسة (6%) في السنة الأولى من الدراسة، وبلغت هذه النسب (11%) في الـسنة الثانية.


المسامية الكلية في التربـة

لوحظ التأثير الإيجـابي الـذي أحدثتـه المحسنات العضوية على اختلاف أنواعها في المسامية الكلية للتربة الطينيـة، إذ لـوحظ تفوقاً معنوي واضح لمعاملات التحسين العضوي مقارنة بالـشاهد مـن حيـث زيادتهـا لمسامية التربة، وقد بلغت هذه الزيادة (12-%14%) في المعاملة (كومبوست قمامة) في سنتي الدراسة على التوالي.
عند المقارنة بين الأنواع الثلاثة من المحسنات وجد تفوق معنوي لمعاملة الكومبوست على معاملة السماد البلدي، بنسبة زيادة بلغت 2% في سنتي الدراسة. كما تفوقت معاملـة الكومبوست معنوياً على معاملة الحمأة بزيادة قدرها 7% في سنتي الدراسـة. وتفوقـت معاملة السماد البلدي معنوياً على معاملة الحمأة بزيادة بلغت 5% في معاملتي الـري كلتيهما في سنتي الدراسة. إذ تكون المسام بين جزيئات التربة من النوع الصغير، أما بين التجمعات الترابية فتكـون ذات أبعاد أكبر، ووجود المادة العضوية في التربة يـسمح بتجمـع جزيئات التربة الناعمة، مع أجزاء عضوية لتكون كتلاً ترابية أكبر تحجز فيما بينها مساماً بأقطار أكبر، وهذا يؤيد كون المحسنات العضوية لا تؤدي فقط إلى زيادة المسامية، رفعت المحـسنات العـضوية بصورة معنوية محتوى التربة الرطوبي عند السعة الحقلية.
قللت الثلاث المستخدمة من المحسنات العضوية في كثافتها الظاهرية وحسنت مساميتها الكلية، وزادت قدرتها على الاحتفاظ بالرطوبة عند السعة الحقلية. وكان الكمبوست أفضلها يليه السماد البلدي ثم الحمأة، وزادت المحسنات المضافة من الإنتاجية الكليـة لمحـصول القمح (شام3) مقارنة بالشاهد، وكانت حمأة الصرف الصحي أفضلها، يليها الكمبوست، ثم السماد البلدي

بينت النتائج أن إضافة كومبوست القمامة للتربة قد رفع قدرتها على الاحتفاظ بالرطوبة عند السعة الحقلية بنسبة بلغت 15% في الـسنة الأولـى. وبلغت تلك النسب 12% في السنة الثانية. ويعزى هذا التأثير للمحسنات العضوية في زيادتها لقـدرة التربـة علـى الاحتفـاظ بالرطوبة إلى الطبيعة الغروية للمواد العضوية المضافة، التي تـستطيع امتـصاص مـا يقارب 100←10 ضعف الماء الذي تمتصه معادن التربة، وهذا يمكّن التربة من الاحتفاظ بكميات أكبر من الماء الذي يصبح متاحاً للنبات فيما بعد. والسبب الآخر للزيادة الناتجـة في سعة الاحتفاظ بالماء، هو تعديل الإضافات العضوية للخواص الفيزيائية للتربة، كالكثافة الظاهرية والمسامية والنفاذية. وقد تبين أن الإضافات العضوية تزيـد نـسبة المـسامات المخزنة للماء (µm 50-0.5) والمسامات الناقلة له (µm 500-50) وذلك سيرفع من قدرة التربة على الاحتفاظ بالماء ويسهل حركته ضمن قطـاع التربـة.