الفاتيكان يدق طبول حرب القرن الأمريكي الجديد

ليس من المستغرب أن يهاجم بابا الفاتيكان بنيدكت السادس عشر في المحاضرة التي ألقاها بجامعة ريجنزبورج بألمانيا في 12 سبتمبر 2006  الدين الإسلامي.  ففي عام 1095 قام أيضاً بابا الفاتيكان أوربان الثاني بإلقاء خطبة مشابهة بمجمع كليرمون الذي عقد بوسط فرنسا ودعا في خطبته إلى انتزاع السيطرة على القدس من يد المسلمين. فقال فيها إن فرنسا قد اكتظت بالبشر، وأن أرض كنعان تفيض حليبا وعسلا. وتحدث حول مشاكل العنف لدى النبلاء وأن الحل هو تحويل السيوف لخدمة الرب: "دعوا اللصوص يصبحون فرساناً" وتحدث عن العطايا في الأرض كما في السماء، بينما كان محو الخطايا مقدما لكل من قد يموت أثناء محاولة السيطرة. هاجت الحشود ورددت بحماس قائلة:"Deus lo vult!" ("هي إرادة الرب!").

في الخلفية التاريخية
 
أغراض استعمارية ضاربة في التاريخ
واستحضارنا لما قاله "أوربان" في بدايات القرن الحادي عشر ليس الغرض منه إثبات أن باباوات المسيحية يهاجمون الإسلام منذ زمن بعيد. ولكن هي محاولة لمعرفة الأسباب الخفية وراء هذه الخطب المثيرة للفتنة وحتى لا يكون موقف المسلمين هو مجرد الإدانة وإصدار بيانات الشجب والتوبيخ وطلب الاعتذار وطلب التوضيح. وحتى لا ينطلي علينا اعتذار الفاتيكان ونقع في أوهام عن أسف البابا العميق لسوء فهم المسلمون لخطبته. وحتى لا يتهمونا بالغباء في فهم الخطبة بشكل معاكس تماماً لما كانت تطرحه من دعوة للحوار بين الأديان وحتى لا نقع في أثارة الفتنة مثلما يفعلون، علينا معرفة الغرض من وراء مثل هذه الخطب المستفزة للمشاعر الدينية للمسلمين البسطاء؟ علينا معرفة الغرض من وراء أثارة حفيظة المسحيين البسطاء ضد للمسلمين، بزعم أن عقيدتهم تحتوي العنف في بنيتها الأساسية.
خطط البابا "أوربان" الثاني لانطلاق الحملة الصليبية الأولي في 15 أغسطس 1096، بعد أن طلب منه الإمبراطور ألكسيوس الأول مساعدته ضد الأتراك في مارس 1095. ولكن قبل ذلك بشهور ، قامت جيوش من الأقنان والفرسان المعدمين وبشكل غير متوقع أو غير مخطط بتنظيم حملة إلى الأرض المقدسة، وانطلقوا إلى القدس بمفردهم. وكان الأقنان قد ابتلوا بالجفاف والمجاعة والطاعون لسنوات قبل 1096، ويبدوا أن بعضهم رأى في الحملة الصليبية مهربا من واقعهم المرير. كما أن انتشار "الشقران" (مرض يصيب الحبوب) ، والذي كان يؤدي عادة إلى حصول هجرات جماعية، قد ظهر قبل إجتماع مجمع كليرمون. وكان صدى دعوة البابا فوق كل التوقعات: ففي حين أن "أوربان" ربما كان يتوقع بضع آلاف من الفرسان، انتهى به الأمر بهجرة جماعية وصلت إلى 100,000 معظم من فيها من المقاتلين غير المتمرسين ، وبينهم نساء وأطفال. (المصدر موسوعة ويكيبيديا العربية)
وهكذا نري أن الإمبراطور قد أستخدم البابا أوربان الثاني لإلهاب مشاعر المسيحيين الدينية من أجل حل  مشاكل أوروبا السياسية المتمثلة في صراع أمراء الاقطاع فيما بينهم علي السلطة والأرض، والاقتصادية المتمثلة في المجاعة والطاعون والجفاف. فبعث بالفلاحين ليموتوا في الحرب بدلاً من الموت مرضاً وجوعاً وبعث بالفرسان لينقل صراعهم علي السلطة والأرض إلي المشرق. والغريب أن المسيحية لعبت أيضاً بفكرة الاستشهاد من أجل الله- التي هاجمها البابا الحالي "بنيدكت السادس عشر" بشدة في خطبته وأعتبرها آفة من أفات بنية العقيدة الإسلامية. فالحديث عن العطايا في الأرض كما في السماء، ومحو الخطايا مقدما لكل من قد يموت أثناء محاولة السيطرة علي القدس. هو دعوة للاستشهاد في سبيل الرب.
 
بيندكت - بوش: العلاقة غير السرية
ولهذا فاستغراب موقف البابا بنيدكت السادس عشر ليس في محله. لأنه هو نفسه الذي ساعد في نجاح إمبراطور العصر الحديث "جورج بوش" وساعد علي تحقيق أهداف المحافظين الجدد. ومايزال يفعل ذلك مستخدماً الدين ومثيراً للمشاعر الدينية للمسيحيين في مواجهة المسلمين ليبرر بذلك الحرب القادمة علي سورية وإيران التي يقودها الغرب بقيادة الولايات المتحدة من أجل تحقيق مشروع القرن الأمريكي الجديد.
وفي مقال سابق لي بعنوان " العلاقة السرية بين زعماء الحرب المقدسة- بوش والبابا بنديكت.. أهداف مشتركة"  بتاريخ 4 مايو 2005 بجريدة نهضة مصر، تحدثت عن المساعدة الجليلة التي قدمها بابا الفاتيكان لإمبراطور العصر الحديث "بوش" في انتخابات الرئاسة فقد كتب يوسف راتسينجر الذي كان لايزال كردينالا ولم يعتل بعد كرسي البابوية خطاباً إلى أساقفة الكنائس الأمريكية يقول فيه أن هؤلاء الكاثوليك الذين وافقوا على الإجهاض قد ارتكبوا إثم عظيم ويجب أن يطردوا من الكنيسة، كما طالب بوجوب إعطاء أوامر إلى القساوسة الكاثوليك برفض التعامل مع أي سياسي كاثوليكي يدعو في حملته الانتخابية أو يصوت مع الإجهاض أو مع قانون إنهاء الحياة في حالة الموت الإكلينيكي. وهي إشارة واضحة إلى المنافس الديموقراطي جون كيرى معلنة برسالة موجهة إلى أساقفة الولايات المتحدة حصراً "أن التصويت مع الديمقراطيين هو خضوع لسيطرة الشيطان وتحالف مع قوي الشر" 
وبهذا ارتفع هامش التأييد الكاثوليكي لبوش في انتخابات 2004 بنسبة 6 نقاط مقارنةً بانتخابات 2000 وارتفعت النسبة التي حصل عليها من 46% عام 2000 إلى 52% عام 2004.
 
تبرير استباقي لخطط مبيتة
وتجيء خطبة البابا بنيدكت بألمانيا هذا العام تأكيداً علي هذا التحالف فالخطبة تهاجم جوهر العقيدة الإسلامية في صورة الجهاد والاستشهاد ونشر الدين بالعنف لتبرر أمام الشعوب المسيحية في الغرب تدخل الولايات المتحدة ومن وراءها الغرب في العراق وأفغانستان ولبنان والسودان والصومال وغيرهم. تأتي الخطبة لتبرر لماذا ترسل الولايات المتحدة بقواتها البحرية إلي الشواطئ اللبنانية وتدعو أساطيل أوربا لمساعدتها في حماية إسرائيل من حزب الله الإرهابي، لتبرر للحرب القادمة التي ستقودها الولايات المتحدة لتحقيق مشروعها في الشرق الأوسط  الذي هو ليس سوى الخطوة الأولي في سبيل تحقيق المشروع الأكبر "مشروع القرن الأمريكي الجديد" للإنفراد بالسيطرة على العالم. هذه هي الخدمة الثانية التي يقدمها البابا بنيدكت لهذا النازي الجديد جورج دبليو بوش الذي يحلم بتحقيق السيطرة علي العالم ابتداءً بالسيطرة علي العرب وخزانات بترولهم ليتحكم في مصير العالم بعد سيطرته علي مصدر الطاقة الأساسي.
 
في الأسباب المباشرة
 
خلفية الأزمة الرأسمالية المعولمة
وعلى عكس مايري كثير من المراقبين بأن هناك علاقة بين هذه الخطبة وبين مطالبة المسلمين بتدريس الديانة الإسلامية في المدارس الألمانية. أو أنها تهديد لتركيا قبل زيارة البابا المزمعة لها في نوفمبر القادم (البحرية التركية تشارك في قوات اليونيفيل) فالموضوع في الحقيقة أكبر من ذلك بكثير فمثل هذه الأمور الثانوية لا تشغل بال هذه الطغمة المتحكمة في اقتصاديات العالم من أصحاب رؤوس الأموال. أنهم منشغلون بشكل أساسي بالسيطرة علي مصادر الطاقة وعولمة رأس المال ليسطر علي مقدرات شعوب العالم. إن البطالة المتفشية اليوم في أوروبا وأمريكا تهدد بتوقف دورة رأس المال وأنهيار النظام الرأسمالي والحل المطروح هو تجديد شباب رأس المال متعدد الجنسية من خلال الحروب والتدمير لإعادة البناء وإعادة تدوير رأس المال من جديد ومن خلال العولمة التي ستقوم بتدويل حركة رأس المال المتعدد الجنسية، والتي سوف تطيل بدورها من عمر النظام الرأسمالي العالمي الذي يتحول بسرعة للمرحلة الإمبريالية التي أطلق عليها الاقتصادي الراحل "كارل ماركس" أنها أعلي مراحل الاستعمار. والتي ستتسبب أيضاً في سقوط النظام الرأسمالي العالمي. لكنها ستقضي أثناء انهيارها علي حياة الملايين من شعوب العالم الفقير. وهذا هو الثمن الذي ستدفعه البشرية من أجل ولادة عالم أفضل، لن تسنح لنا الفرصة لرؤيته إذا ما أصاب الجنون المحافظون الجدد بقيادة بوش وألقوا قنابلهم النووية علي العالم وتسببوا في قتل كل شئ حي فوق الأرض. إن لم تنتبه شعوب العالم الفقير إلي مخاطر هذه العولمة التي سيفرضها المشروع الأمريكي الجديد فسوف يتحولون لعبيد وأقنان مرة أخري يدورون في فلك النظام الرأسمالي العالمي. إن تلك الحكومات الغربية وعلي رأسها الولايات المتحدة أصحبت عرائس متحركة في أيدي الطغمة القليلة متعددة الجنسية المسيطرة علي رأس المال في العالم والتي لم يعد لها وطن أو هوية أو دين. إلا أن الدين الذي ينغرس في لحم ودم البسطاء والذي يشكل مشاعرهم ويحرك وجدانهم لابد من استخدامه لتنفيذ الخطة. وبينما أتخذ بوش من هجوم 11 سبتمبر مبرراً لتنفيذ المشروع الأمريكي في السيطرة علي النفط  تحت شعار محاربة الإرهاب فقد قدم البابا لبوش في خطبته المبررات الدينية التي تعطي لخطة الهجوم العسكري علي منطقة الشرق الأوسط شرعيتها أمام المسيحيين في جميع أنحاء العالم، الذين سمعوا الخطبة أو قرأوها.
فالعقيدة الإسلامية -من وجة نظر بنيدكت الذي نرى فيه "جوبلز" القرن الحادي والعشرين ووزير دعاية هتلر القرن الإمريكي الجديد" - تتضمن في بنيتها دعوة صريحة للقتل والعنف تبعد كل البعد عن المنطق والعقل الذي تتميز به العقيدة المسيحية (..) بينما رأى في اليهودية ديانة يقوم منطقها علي العقل أيضاً مثل المسيحية مستشهداً في ذلك بالآية الأولى في "سفر التكوين" التي تقول "في البدء كانت الكلمة" وأوضح أن الكلمة هي الحكمة والعقل. وأن القديس يوحنا أقتبس هذه الجملة من التوراة وأفتتح بها مقدمة إنجيله. وهكذا حاول البابا بخبث شديد وبشكل غير مباشر أن يقدم للمسيحيين علي مستوي العالم سبباً مقنعاً يبرر لهم  الحرب التي يقودها بوش في الشرق الأوسط والحرب القادمة قريبا التي ستقودها القوات الأمريكية والأوربية متخفية في شكل "قوات اليونيفيل" التابعة للأمم المتحدة لتشمل المنطقة برمتها. وقد جاءت هذه الخطبة لتدق طبولها كما دقت خطبة البابا أوربان الثاني طبول الحملة الصليبية الأولي عام 1096.
 
استهداف سورية  وإيران والمنطقة
وبينما كانت البطالة وتوقف دورة رأس المال في ألمانيا واستيلاء إنجلترا وفرنسا علي كل الأسواق العالمية وعدم إتاحة فرصة للألمان للحصول على حصتهم في السوق العالمي هي سبب الحرب العالمية الثانية الحقيقي، رفع هتلر ووزير دعايته جوبلز شعار ألمانيا فوق الجميع. وبينما  كانت أسباب الحرب في القرن الواحد والعشرين هي سيطرة أمريكا علي عسل الشرق الأوسط المتمثل في نفطه ولبنها المتمثل في التحكم في الأسواق والاقتصاد، جاء البابا بنيدكت يضلل مسيحي العالم ويقول لهم أننا نحارب من أجل اجتثاث جذور الإرهاب الضاربة في جوهر العقيدة الإسلامية. ولهذا أقول أن هذه الخطبة تقرع طبول الحرب العالمية الثالثة في العالم التي ستبدأها الولايات المتحدة بضرب سورية وإيران (راجع تصريحات رايس في نيسان 2006 حول بقاء كل الخيارات مفتوحة في التعامل مع الملف النووي الإيراني)
(..) وتجئ هذه الخطبة لتحسم لموقف المتردد لحكومة ميركل في ألمانيا المدعومة بقوة من واشنطن وكذلك الخلافات الدائرة داخل البرلمان الألماني ولتتوج مشاركة ألمانيا في حلف الحرب المقدسة ضد الإرهاب الإسلامي ونجح البابا في ضم ألمانيا (بأحزابها المعارضة) للمحافظين الجدد بقيادة بوش..  فقد استمر تردد ألمانيا في إرسال قطع من أسطولها إلي السواحل اللبنانية والمشاركة في مايسمونه كذباً قوات حفظ السلام أو اليونيفيل بسبب خوفها من التورط في تعاون مشترك مع أمريكا غير مضمونة نتائجه، كما أن الدخول في الحرب القادمة  ضد سورية وإيران غير معروف أبعادها ونتائجها مسبقاً.
وقد عبر وزير الدفاع الالماني فرانس يونج عن امتعاضه من الشروط التي تضعها الحكومة اللبنانية للموافقة على مشاركة بلاده في القوة الدولية. وقال خلال اجتماع لجنة الشؤون العسكرية في البرلمان الالماني إن المشاركة الالمانية ستكون "عديمة المعنى" اذا كانت في ظل هذه الشروط، معتبراً ان إبعاد وحدات البحرية الالمانية ستة أميال عن الشواطىء اللبنانية لن يبقي للمشاركة البحرية الالمانية أي جدوى، في حين صرح وزير الدولة جيرنوت آرلر في وزارة الخارجية الألمانية أن تفويض مجلس الأمن يسمح للبحرية الالمانية بتفتيش السفن المشتبه فيها أمام سواحل لبنان رغم إرادة ربان السفينة المشبوهة.
أترون كيف نعود إلي عصر قراصنة البحر. بينما نحن نطالب بالاعتذار ونشجب وندين ولا  نعي أن جيوش الحرب قد أتت بجيوشها إلى المتوسط. لم تعد القضية لبنان أو فلسطين . أنها قضية كل الشعوب العربية. بل وغير العربية مثل إيران وأفغانستان.
ترسانة أسلحة أمريكية - أوربية لمواجهة حزب الله
ذكرت صحيفة "النهار" البيروتية، بأن القوات المحتشدة حاليا في البحر قبالة لبنان تضم ما مجموعه:

* 75 طائرة مقاتلة وطائرات تجسس ومروحيات، اضافة الى السفن الحربية المزودة أحدث الاسلحة والتقنيات العالية.
* وحاملة الطائرات الفرنسية "شارل ديغول" المزودة بطائرات "رافال" وصواريخ واجهزة مراقبة وزوارق حربية تتسع لـ 2800 جندي، وتجهيزات مائية وغذائية تكفي 90 يوماً.
* وفي المتوسط أيضاً حامله الطائرات الايطالية "جاريبالدي" التي تحمل 10 طائرات مقاتلة و6 مروحيات متطورة وقاذفات صواريخ.
* السفينة الحربية "ماونت ويتني" التي تحمل 1800 جندي "مارينز" وطاقماً طبياً وخدمات مراقبة. وتعتبر من أهم السفن القيادية لكونها تتمتع بأجهزة اتصالات متطورة محمية، ومتصلة بكل السفن الحربية الاميركية في المنطقة.
هذا بالإضافة إلي القطع الألمانية والتركية، مما يعني ان الدول الخمس الاساسية في حلف شمال الأطلسي سيكون لها دور مشابه لطبيعة عمل "الناتو"، اكثر مما هي عليه مهمتها في "اليونيفيل".
وأود أن أذكر في هذا السياق أيضاً نقلاً علي وكالة رويتر أن الولايات المتحدة اتخذت خطوات لخفض وجودها الدبلوماسي في سورية في اعقاب الهجوم (..) الذي وقع علي سفارتها في دمشق من خلال عرض رحلات جوية مجانية علي أفراد أسر العاملين والدبلوماسيين غير الاساسيين الذين يرغبون في مغادرة البلاد.
(..) ولأن إسرائيل لم تسطع أن تقضي علي حزب الله وتنزع سلاحه، فقد أزاحتها أساطيل الغرب من طريقها لحين،  لتقوم هي تحت دعوى حفظ السلام بنزع سلاح  حزب الله ومنع وصول السلاح له. فطلبت من إسرائيل فك الحصار. تركت إسرائيل الساحة مؤقتاً للترسانة البحرية لحلف الناتو انتظاراً للدور القادم الذي سيوكل لها من قبل هذا الحلف. هل يمكن أن نصدق أن خطورة حزب الله المكون من 5000 مناضل ويملك صورايخ تعمل بتكنولوجيا بسيطة تستدعي كل هذه الترسانة المرابطة أمام السواحل اللبنانية.
 
النتائج والدروس
 
أهداف البابا تتحقق على أرض الواقع
بعد خطبة البابا مباشرة بدأت أحداث القتل للمسحيين في الشرق الأوسط . فالخطبة استهدفت بهجومها علي البنيان الإرهابي للإسلام إستثارة المسلمين لأحداث عنف.  وقد وقع العنف بالفعل (بحق أشخاص مسيحيين في الصومال والعراق وبحق كنائس في الأراضي الفلسطينية، إلى جانب تهديدات من منظمات إرهابية وسلفية كالقاعدة وأشبال الإسلام) (..)
ولقد قرأت هذه التهديدات بالألمانية في الصحف الألمانية التي يقرأها المواطن العادي وهي منشورة بنفس الشكل في جميع صحف أوربا وأمريكا. لصالح من تعمل القاعدة وغيرها من هذه المنظمات. أين هم مقاتلون القاعدة إلي من ينتمون؟ نحن نعرف مقاتلي حزب الله الذين دافعوا عن لبنان ضد الهجمة الصهيونية الأخيرة. تري لماذا رفض حزب الله وحسن نصر مساعدة القاعدة . تري هل عناصرهم منتشرة في كل دول المنطقة لتمهيد الطريق للغرب وأمريكا من خلال أعمالهم الإرهابية، أم يختفون في جبال أفغانستان منتظرين قدوم أمريكا بعد أن ينتهي نبلاؤها من رحلة صيدهم السريعة في الشرق الأوسط.
 
ردود الفعل بين العقلانية والتطرف
وبينما أنتقد البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقصية تصريحات بابا روما بينديكت التي أساءت للإسلام والمسلمين مؤكداً أن مصر مستهدفة وإن أقباط مصر ومسلميها نجحوا علي مدى ‏14‏ قرنا من الزمان في تفويت أي فرصة تمس وحدتهم وتماسكهم‏، استنتج من جانبي من كل الأخبار التي قرأتها عن مقتل مسيحيين بعد خطبة بابا الفاتيكان، أن أغلب هذه الأعمال والأحداث هي بتدخل وتآمر المخابرات الأمريكية. (..) وإن أحداث 11 سبتمبر نفسها يري فيها الأمريكيون أنفسهم أنها تمت بتدبير من المخابرات الأمريكية مستخدمة عناصر من القاعدة لتكون ذريعة لبدء حملتها علي الشرق الأوسط والتحكم مباشرة في مصادر النفط بزعم محاربة الإرهاب.
ولهذا لا استبعد أن مثل هذه الحوادث التي تمت بشكل فردي هنا أو هناك  أن تكون  بتدبير من المخابرات الأمريكية مستخدمة فيها عناصر موتورة من المسلمين الذين غسلت لهم قيادتهم عقولهم بقتل الكفار ليقوموا بتنفيذ مثل هذه الأعمال الإجرامية لصالح الإدارة الأمريكية والغربية (وربما بتمويل منه).
لقد بات علينا أن نفهم أن الجماعات الإسلامية في المنطقة العربية تنقسم إلي ثلاثة أقسام. جماعات إسلامية مقاومة للاستعمار تستهدف الحفاظ علي الاستقلال الوطني مثل حزب الله . وجماعات سلفية يقوم برنامجها علي تحقيق مصالحها الشخصية في السيطرة علي السلطة باسم الدين والعمل على إعادة المسلمين للوراء من خلال ما تنشره من تعاليم مناهضة للمعرفة والعلم والإبداع وهي تخدم بعلم أو بدون علم المصالح الأمريكية. وجماعات عميلة عمالة مباشرة للمخابرات الأمريكية، تصنعها المخابرات وتستخدمها لإثارة الفتنة والقتل والتدمير لتسهل من خلالها تنفيذ مشروعها الكبير وتبرره.
 
فلنخض الحرب موحدين...
علينا بدلاً من القتل وإصدار مثل هذه البيانات الإجرامية حشد صفوف العرب مسلمين ومسحيين لمواجهة هذه الهجمة الشرسة، وأن نفعل مثلما فعل حزب الله في حشد مسيحي ومسلمي لبنان لمواجهة الهجوم الإجرامي الإسرائيلي الأمريكي عليها. لقد أقام القساوسة الأحرار في لبنان قداستهم في كنائسهم ودعوا فيه أن ينصر الله حزب الله في كفاحه من أجل لبنان. أوليس هذا أكبر دليل على أن الله واحد عند كل البسطاء المخلصين. إن قادة  حرب البترول والعولمة  لا يضعون في حسبانهم وهم يخططون لحروبهم قوة الشعوب الموحدة التي تملك قضية حقيقية تدافع عنها هي قضية أرضها ومصيرها واقتصادها ومستقبلها ومستقبل أبناءها.
ولتكن الحرب ... إننا قادرون ولن ننهزم وسنقاوم مثلما قاوم حزب الله ومثلما قاومت فيتنام وغيرها من الشعوب دفاعاً عن الحق والسلام وخير البشر أجمعين مسلمين ومسيحيين. والله معنا. الله الحق، وليس إله باباوات الحرب أو إله جماعات القتل والإرهاب التي تتمسح في الإسلام، والإسلام منها بريء.

معلومات إضافية

العدد رقم:
282