أندرو غيفن مارشال* ترجمة قاسيون أندرو غيفن مارشال* ترجمة قاسيون

التصعيد الأمريكي ضد إيران.. دروس الماضي القريب.. واحتمالات اشتعال الحرب

استخدم نظام بوش طوال ثماني سنوات بلاغةً عدوانيةً تجاه إيران، متوعداً البلد بحربٍ محتملة دائماً، قابلها في الفترة نفسها، تحذير إيرانيٌ مستمر من أنّ أيّ هجومٍ على إيران سيشعل فتيل حربٍ عالمية.. ومع وصول أوباما إلى السلطة لم تغير سحنة الرئيس وخطابه «الليّن» الاستراتيجية العدائية الأمريكية، بل إن التصعيد ما يزال يتزايد باضطراد، وقد وصل مؤخراً إلى ذروته..

تغيير النظام في إيران

لعدة سنوات، كان ثمة انقسام في إدارة بوش بصدد سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران. فمن جانب، هنالك طرف المحافظين الجدد المتشددين بقيادة ديك تشيني مع رامسفيلد في البنتاغون، اللذين دفعا باتجاه مواجهةٍ عسكريةٍ مع إيران. ومن جانبٍ آخر، هنالك كونداليزا رايس التي دفعت بوصفها وزيرة الخارجية باتجاه مقاربة دبلوماسية أو «لينة» مع إيران.

في شباط 2006، قدمت رايس استراتيجيةً جديدةً تخص إيران إلى مجلس الشيوخ على النحو التالي: «بالتشديد على ما يدعى بالدبلوماسية اللينة، دعت إلى رفع مستوى التمويل لمساعدة مجموعاتٍ مناصرة للديمقراطية ومبادراتٍ دبلوماسية علنية، ومنحٍ ثقافيةٍ وتعليمية، إضافةً إلى توسيع البث الإذاعي والتلفزيوني وعبر الإنترنت الذي تموله الولايات المتحدة، والتي تزايدت شعبيتها بين الشبان الإيرانيين». وأضافت: «سنعمل على مساندة طموحات الشعب الإيراني بالحرية في بلده». كان للبرنامج ثلاثة أوجه: «توسيع التلفزيون والإذاعة المستقلين»، و«تمويل المجموعات المناصرة للديمقراطية»، الذي «سيلغي حظر التمويل الأمريكي للمنظمات غير الحكومية ونقابات العمال ومجموعات حقوق الإنسان والمرشحين المعارضين في إيران»، و«تشجيع المنح الثقافية والتعليمية»، التي «ستساعد على دفع الطلاب والباحثين الإيرانيين للالتحاق بالجامعات الأمريكية».

أشار ذلك إلى تغيّرٍ ذي دلالة في سياسة الولايات المتحدة الخارجية تجاه إيران، ما سيكون له أثرٌ في جعل الوضع الإيراني الداخلي أكثر تأزماً، أو كما قال أحد الخبراء، «على هذا النحو سيتفكك النظام». لكنّ خبيراً آخر أعلن أنه في حال إخفاق هذه الاستراتيجية، «سنكون قد بددنا الأموال، والأسوأ من ذلك، ساعدنا على وصم مجموعات المعارضة الشرعية بالخيانة لأنها تتلقى الأموال من العدو لتقويض مصالح إيران الوطنية».

في آذار 2006، تجمعت مجموعة العراق الدراسية بوصفها مجموعةً من كبار الدبلوماسيين والنخب الاستراتيجية لإعادة تفحص السياسة الأمريكية تجاه العراق، وقد غادرها أحد أعضائها، روبرت غيتس المدير السابق للـCIA في تشرين الثاني 2006 ليحل محل دونالد رامسفيلد كوزيرٍ للدفاع. كافح تشيني لإبقاء حليفه في البنتاغون، لكنه لم يفشل في ذلك فحسب، بل فشل في منع تعيين روبرت غيتس مكانه.

في شباط 2006، ذكرت صحيفة الغارديان أنّ إدارة بوش تلقت «زيادةً في التمويل مقدارها سبعة أضعاف لتصعيد أكبر حملة بروباغندا على حكومة إيران»، ونقلت عن وزيرة الخارجية قولها: «سنعمل على دعم طموحات الشعب الإيراني في سبيل الحرية والديمقراطية في بلده». و«ستضاعف الولايات المتحدة تمويل الهيئات الإيرانية غير الحكومية التي تروج للديمقراطية وحقوق الإنسان وعمل النقابات»، وقد بدأ التمويل في العام 2005 لأول مرة بعد توقفه منذ العام 1980، وأنّ «الولايات المتحدة ستسعى للمساعدة على بناء شبكات جديدة للمنشقين».

في نيسان 2006، ذكرت الفايننشال تايمز أنّ «الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تعملان على استراتيجيةٍ تشجع تغيراً ديمقراطياً في إيران»، لأنّ «تشجيع الديمقراطية عنوانٌ يدفع الأوروبيين لمساندة سياسةٍ أكثر تشدداً دون أن يطلق عليها سياسة تغيير النظام». كما ذكرت كريستيان ساينس مونيتور أنّ هدف الاستراتيجية «تغيير النظام من الداخل» على هيئة «ثورة مناصرة للديمقراطية».

بين «اللين» والشدة

في تموز 2007، ذُكر أنّ البيت الأبيض قد بدّل موقفه لمصلحة عملٍ عسكري، تحت إصرار تشيني. وقد أكد جون بولتون، سفير الولايات المتحدة السابق في الأمم المتحدة في أيار 2007: أنّ استراتيجية الولايات المتحدة تتضمن ثلاثة خيارات: أولها العقوبات الاقتصادية، وثانيها تغيير النظام، وثالثها العمل العسكري. أوضح بولتون: «في خيار تغيير النظام سيتم ذلك عبر مساندة مجموعات المعارضة وما شابه، لأنّ هذا الوضع سيجعل الحكومة الإيرانية تقرر أنّ عدم متابعة التسلح النووي أكثر سلامةً من متابعته. وإن أخفق ذلك كله، وإن كان الخيار بين إيران بقدراتٍ نووية وبين استخدام القوة، أعتقد وقتها أنّ علينا النظر في استخدام القوة».. أخيراً، سيكون الهدف «إثارة ثورةٍ شعبية».

في أيلول 2007، ذكر أنّ إدارة بوش تدفع الولايات المتحدة نحو حربٍ مع إيران لأنّ «مخططي البنتاغون طوروا قائمةً لما يزيد عن 2000 هدف للقصف في إيران». بل ذكر أنّ الوزيرة رايس كانت مستعدةً لتسوية خلافاتها مع نائب الرئيس ديك تشني والموافقة على عملٍ عسكري. وذكر أنّ رايس وتشيني يعملان معاً لإظهار جبهةٍ موحدة، وإيجاد أرضيةٍ تجمع بين دبلوماسية رايس اللينة وخيار تشيني المفضل باستخدام «قنابل نووية تكتيكية تخترق الأعماق» ضد إيران.

في العام نفسه، 2007، شنت الولايات المتحدة عملياتٍ سرية ضد إيران. أذاعت محطة BBC الحكاية، ذاكرةً أنّ الـCIA تلقت موافقةً رئاسيةً للقيام بعمليةٍ سرّيةٍ ‘شريرة’ لزعزعة الحكومة الإيرانية. وقّع الرئيس أمراً يضع موضع التنفيذ خطة الـCIA التي تتضمّن، بحسب ما ذكر، حملةً منسّقةً للبروباغندا والتضليل تتصل بالعملة الإيرانية والتبادلات المالية الدولية. ميزت الموافقة على هذه العمليات السرية تحركاً مؤقتاً بعيداً عن متابعة عملٍ عسكريٍّ علني.

وكما ذكرت صحيفة التلغراف في أيار 2007، فقد «وقّع الرئيس جورج بوش وثيقةً رسميةً تصادق على مخططات الـCIA لشنّ حملة تضليلٍ وبروباغندا معدّةٍ لزعزعة الحكم الديني للملالي، وفي النهاية للإطاحة به». وكجزءٍ من الخطة، «للـCIA الحق في جمع المعلومات فوق التراب الوطني، وهي منطقةٌ عادةً ما تكون حكراً على الـFBI، من اللاجئين والمنفيين الإيرانيين داخل الولايات المتحدة»، لأنّ «الإيرانيين في أمريكا لديهم صلاتٌ مع أسرهم في الوطن، وهم مصدرٌ جيدٌ للمعلومات بالاتجاهين». كذلك، «سيتاح للـCIA أيضاً تقديم أجهزة الاتصال التي ستمكّن مجموعات المعارضة في إيران من العمل مجتمعةً وتجنّب رقابة الإنترنت التي يقوم بها النظام الديني».

أصبحت القوة «اللينة» هي السياسة المفضّلة لتشجيع تغيير النظام في إيران. كان ديفيد دينهي، المستشار الأول لمكتب شؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية، مكلفاً بالإشراف على توزيع ملايين الدولارات ليدفع قدماً قضية إيران أكثر ديمقراطيةً. كان مسؤولاً عن إنفاق مبلغ 75 مليون دولار الذي طلبته رايس من مجلس الشيوخ في شباط 2006. تضمّنت المخصصات 36.1 مليون دولار لمواصلة بثّ برامج الإذاعة والتلفزيون في إيران، و10 مليون دولار لقاء دبلوماسيةٍ عامة وبرامج التبادل، ومن ضمنها مساعدة الإيرانيين الذين يتمنون الدراسة في الولايات المتحدة، و20 مليون دولار ستدعم جهود مجموعات المجتمع المدني ـ منظمات الإعلام وحقوق الإنسان والحقوق القانونية غير الحكومية ـ خارج إيران وداخلها. طلبت الإدارة 75 مليون دولار إضافية للعام 2008.

تصعيد العمليات السرية

في العام 2008، كشف الصحافي سايمور هيرش في النيويوركر أنّه في أواخر العام 2007، وافق الكونغرس على «طلب الرئيس بوش بتمويل تصعيد العمليات السرية على إيران، وفقاً لمصادر سابقة وحالية عسكرية واستخباراتية ومن داخل الكونغرس». وفي حين كان متشددو تشيني في إدارة بوش يدفعون باتجاه مواجهةٍ عسكريةٍ مباشرة مع إيران، كان لابد من إبعاد الجيش عن سيطرتهم، هكذا عيّن غيتس، المدير السابق للـCIA، وزيراً للدفاع بدل دونالد رامسفيلد، وبينما تجرد السيوف تجاه إيران، كان لابد من اتخاذ موقفٍ أكثر استراتيجيةً، لأنّ العديد من قادة الجيش شعروا أنّ قصف إيران ليس رداً عملياً على مسألة انتشار التسلح النووي.

مضت العمليات السرية التي تمت الموافقة عليها بكلفةٍ تقارب 400 مليون دولار، وقد صممت لزعزعة القيادة الدينية في البلاد. تضمنت الأنشطة السرية مساندة الأقليتين الأحوازية العربية والبالوشية وغيرها من التنظيمات المعارضة. كما تضمنت جمع المعلومات الاستخبارية حول برنامج التسلح النووي الإيراني المفترض. كان ينبغي توسيع العمليات بإشراف الـCIA والـJSOC (القيادة المشتركة للعمليات الخاصة). تم التركيز على تقويض طموحات إيران النووية ومحاولة تقويض الحكومة من خلال تغيير النظام، وكان الوجه الأبرز العمل مع المجموعات المعارضة وتسليم الأموال. وكما أوضح هيرش: «يمكن للمنشقين في إيران تولي تنفيذ العديد من الأنشطة على الأرض بدل الأمريكيين. إحدى مشكلات تسليم الأموال (باستخدام تعبير شخصٍ مشهورٍ بعمليات التمويل) في وضعٍ سري هي صعوبة مراقبة أين تصبّ هذه الأموال ومن ينتفع بها. على الرغم من ذلك، قال مسؤولٌ كبيرٌ سابقٌ في الاستخبارات (انكشفنا بسبب نقل أسلحتنا وأجهزة اتصالاتنا. سيكون بوسع الإيرانيين تقديم الحجة أنّ المعارضة تعمل بوحيٍ من الأمريكيين. كم من المرات حاولنا فعل ذلك دون طرح السؤال الصحيح؟ هل يستحق الأمر المخاطرة؟) ستكون إحدى عواقب هذه العمليات بطش الإيرانيين بواحدةٍ من هذه المجموعات، ما يعطي إدارة بوش مبرراً للتدخل».

اشتملت الاستراتيجية على استخدام التوترات العرقية لتقويض الحكومة، على الرغم من خطل هذه الاستراتيجية. بخلاف باكستان ولبنان والعراق، فإيران بلادٌ قديمة، مثل فرنسا وألمانيا، ولسكانها حسٌ قومي. مع ذلك، بالغت الولايات المتحدة في تقدير التوتر العرقي في إيران. بدا ذلك مهماً في انتخابات صيف 2009.

دروس العام 1953..

لفهم جوهر «تشجيع الديمقراطية» الأمريكي البريطاني في إيران، فمن المهم تفحص ممارسات الطرفين التاريخية بصدد «الديمقراطية» في إيران. وعلى وجه الخصوص، قدمت أحداث العام 1953 لوحةً بالغة الأهمية، نظمت فيها الولايات المتحدة أول انقلاباتها العسكرية الخارجية بتوجيه وإرشاد البريطانيين، الذين لديهم مصالح نفطية واسعة في إيران. أعلنت أول حكومة منتخبة ديمقراطياً برئاسة محمد مصدق في العام 1951 تأميم شركة النفط الأنغلو ـ إيرانية (أطلق عليها لاحقاً اسم بريتيش بتروليوم)، التي كانت تحتكر حصرياً النفط الإيراني. بطبيعة الحال، أغضب ذلك الفعل البريطانيين الذين أقنعوا في العام 1952 الـCIA بمساعدتهم على وضع مكيدةٍ تطيح بالحكومة الإيرانية.

ولدت فكرة إسقاط الحكومة الإيرانية في بريطانيا، ولم يكن صعباً إقناع الـCIA بالقيام بعمليةٍ مشتركة مع الـSIS. أظهرت الوثائق الحكومية التي صارت علنيةً أنّ «ضباط الـCIA نظّموا الانقلاب العسكري الإيراني بالعمل المباشر مع ضباطٍ عسكريين إيرانيين ملكيين، اختاروا رئيس وزراء بديل، وأرسلوا قافلةً من المبعوثين لمساندة الشاه، وقادوا حملة تفجيراتٍ قام بها إيرانيون تظاهروا بأنهم من الحزب الشيوعي، كما أتخموا الصحافة بالمقالات والرسوم الساخرة». استهدفت الاستراتيجية دعم جنرال إيراني ومساندة الشاه من خلال التمويل ومصادر قوة الـCIA لإسقاط مصدق. خاصةً وقد كان لزاماً على هذا المزيج أن يخرج حشوداً ضخمةً إلى الشوارع.

كان دور الشاه محورياً، لأنّ عليه أن يقف بثباتٍ حين تستثير الـCIA اضطراباتٍ شعبية، بعد ذلك، وحين تنزلق البلاد إلى الفوضى، عليه أن يصدر مرسوماً ملكياً بإقالة مصدق وتعيين الجنرال زاهدي رئيساً للوزراء. ولّد عملاء الـCIA الضغوط بإظهار أنّ الشيوعيين الإيرانيين يهددون الزعماء المسلمين بـ«عقابٍ وحشي إذا ما عارضوا مصدق»، في محاولةٍ لإثارة مشاعر مناهضة للشيوعيين ولمصدق بين المسلمين. بل إنهم فجّروا بيت مسلمٍ بارز. فضلاً عن مضي الـCIA في شنّ حملة بروباغندا من خلال دفعها مبلغ 45 ألف دولار لصاحب صحيفةٍ واسعة الانتشار لدعم تلك الجهود، استخدمت الـCIA، حالما حدث الانقلاب، وسائل الإعلام الأمريكية كأداةٍ للبروباغندا، في محاولةٍ لشرعنة الانقلابيين، حين أرسلت إلى الأسوشييتد برس تصريحاً صحفياً مفاده أنّ «تقارير غير رسمية تشير إلى أنّ قادة المؤامرة تسلحوا بمرسومين من الشاه، أحدهما بإقالة مصدق وثانيهما بتعيين الجنرال زاهدي مكانه». كما أشاعت الـCIA هذه البروباغندا في وسائل الإعلام الإيرانية.

بعد بدء الانقلاب، في الخامس عشر من آب، علّق مصدّق أعمال البرلمان، الذي امتثل أخيراً لرغبات الـCIA. بعد اعتقال العديد من المتآمرين، تخلّى عن حذره. بعد ذلك، خططت السفارة الأمريكية لهجومٍ معاكسٍ في التاسع عشر من آب، مستخدمةً على نحوٍ خاصٍ القوى الدينية. في ذلك الوقت، حمّل الحزب الشيوعي مسؤولية الانقلاب لـ«مكيدةٍ أنغلو ـ أمريكية». على أية حال، حالما ظنّت الـCIA أنها أخفقت، بدأت الصحف الإيرانية بطباعة مرسومي الشاه على نطاقٍ واسع، وفجأةً انطلقت الحشود المؤيدة للشاه في الشوارع. صحافي إيراني كان عميلاً هاماً للـCIA قاد حشداً نحو البرلمان، محرضاً الناس على إضرام النار في مكاتب صحيفةٍ يملكها وزير خارجية مصدق. قاد عميلٌ آخر للـCIA حشداً لنهب مكاتب الصحف المؤيدة لحزب توده.

بدأ مؤيدو الانقلاب في الجيش باقتحام الشوارع، وسرعان ما بدأت الحشود تتلقى أوامر مباشرة من بضعة ضباط متورطين في المؤامرة وبعضٍ ممن غير موقفه. في غضون ساعة، سقط مكتب البريد، وأرسلت البرقيات إلى الأقاليم محرّضةً على تمردٍ مؤيد للشاه. وبعد إطلاق نارٍ محدود، سقط مقر قيادة الشرطة، إضافةً إلى وزارة الشؤون الخارجية. وعلى نحوٍ لافت، وفقاً للوثائق السرية، فإنّ الـCIA أملت بزرع مقالاتٍ في الصحافة الأمريكية مفادها أن عودة الشاه محمد رضا بهلوي كانت نتيجة ثورةٍ محلية ضد حكومةٍ موالية للشيوعية، لكن في المحصلة، حقّق عملاؤها نجاحاً محدوداً في التلاعب بالمراسلين الأمريكيين. زرعت الـCIA قصصاً في وسائل الإعلام الأمريكية، كتلك التي زرعت فيها وزارة الخارجية دراسة الـCIA في النيوزويك.

أحد الدروس الأساسية التي تعلمتها الـCIA من هذه العملية مفاده أنّها كشفت مواطن ضعف الوكالة أمام تلاعبات الصحافة الأمريكية. حتى أنها تلاعبت بأحد مراسلي النيويورك تايمز لنشر البروباغندا. وفي حين حمّلت وسائل الإعلام السوفييتية الولايات المتحدة مسؤولية الانقلاب، رفضت الإشارات الأمريكية في الإعلام هذه الاتهامات برمتها، ولم تتفحص جدياً هذه الاتهامات.

في نهاية عملية آجاكس، بحسب النعت الذي أطلق على انقلاب الـCIA، توفي حوالي 300 شخص في عمليات إطفاء الحرائق في شوارع طهران بسبب قيام الـCIA بإثارة العنف في الشوارع. أدى هذا الانقلاب إلى أكثر من عقدين من دكتاتورية الشاه، الذي اعتمد كلياً على المساعدة والأسلحة الأمريكية. 

الغرب يرعى الإرهابيين في طهران

في العام 2005، ذكر سكوت ريتر، وهو مفتش أسلحة سابق لدى الأمم المتحدة، أنّ مجاهدي خلق، أو MEK، هم مجموعةٌ إيرانية معارضة أدارتها يوماً أجهزة استخبارات صدام حسين المخيفة، تعمل الآن لمصلحة الـCIA في إجراء تفجيرات إرهابية داخل إيران. فقد ذكرت التلغراف في شباط 2007 أنّ «أمريكا تموّل سراً مجموعاتٍ انفصالية عرقية مسلحة داخل إيران، في محاولة مراكمة الضغوط على النظام الإسلامي لجعله يتخلى عن برنامجه النووي».

عمليات الـCIA تتضمن التعامل مع مجموعاتٍ تلجأ إلى وسائل إرهابية، ولاحظت المقالة وجود موجة اضطرابٍ في مناطق الأقليات الحدودية الإيرانية، ترافقها حملات تفجيرات واغتيالات لجنودٍ ومسؤولين حكوميين، واللافت أنّ عمليات الـCIA تركّز على مساعدة الميليشيات المعارضة عبر مجموعات الأقليات العرقية المتجمعة في مناطق الحدود الإيرانية. ذكر عميلٌ سابقٌ في مكتب مكافحة الإرهاب التابع لوزارة الخارجية أنّ الهجمات الأخيرة داخل إيران توافقت مع جهود الولايات المتحدة لتدريب وتجهيز الأقليات العرقية الإيرانية لزعزعة النظام الإيراني.

كما ذكرت أخبار الـABC في نيسان 2007 أنّ مجموعةً قبائليةً باكستانيةً مسلحة مسؤولة عن سلسلةٍ من هجمات الغوار العنيفة داخل إيران قد شجّعها مسؤولون أمريكيون منذ العام 2005.

تعمل المجموعة، واسمها جند الله، خارج إقليم بلوشستان الباكستاني على الحدود الإيرانية، وتحملت مسؤولية قتل وخطف أكثر من عشرة مسؤولين وجنود إيرانيين.

في العام 2008، قال قائد الجيش الباكستاني السابق إنّ «الولايات المتحدة تساند مجموعة جند الله الخارجة على القانون لزعزعة إيران»، وإنّ «الولايات المتحدة تزود مقاتلي جند الله بتسهيلاتٍ تدريبية ـ في مناطق تقع شرق إيران ـ لخلق اضطراباتٍ في المنطقة والتأثير على الصلات الودية التي تربط إيران بجارتها باكستان». 

خلاصة غير مكتملة

حصلت تطورات دراماتيكية كثيرة في الآونة الأخيرة، سواء على الصعيد الداخلي الإيراني حيث لا يزال العمل على أشده في عمليات التخصيب التي قطعت أشواطاً واسعة، أو على صعيد السياسات الروسية – الصينية حيال الملف النووي الإيراني، التي تبدو ظاهرياً وكأنها تتماهى مع المواقف  الأمريكية – الأوربية - الدولية، أو في منطقة آسيا الوسطى – الشرق الأوسط التي تزداد درجة سخونتها.. وبالتالي هل أصبح احتمال اشتعال الحرب أقرب الاحتمالات؟

*أندرو غيفن مارشال: مشارك في مركز أبحاث العولمة. مدرّس الاقتصاد السياسي والتاريخ في جامعة سايمون فريزر

آخر تعديل على الإثنين, 28 تشرين2/نوفمبر 2016 22:06