الحرب والأزمة الرأسمالية

الحرب والأزمة الرأسمالية

تنبأ شيوعيو حزب الإرادة الشعبية منذ سنوات بأن الامبريالية محكومة بالتراجع، وأنها قد تلجأ إلى خيار الحرب كمخرج لأزمتها، وفي هذا السياق نقتطف قسماً من محاضرة للرفيق  قدري جميل حيث استضافه المنتدى الاجتماعي بدمشق يوم الإثنين 26/1/2009

الأزمة إلى أين؟
«لكي نعرف إلى أين؟ يجب علينا أن ندرس الأزمات السابقة، ولدينا في القرن العشرين أزمتان؛ الأزمة التي سببت الحرب العالمية الأولى، والأزمة التي سببت الحرب العالمية الثانية، وإذا درسنا مراحل تطور الأزمتين نجد أن المشترك بينهما هو الأمور التالية؛ استمرت المرحلة الأولى لهما من سنة إلى سنتين وشهد فيها الاقتصاد إرهاصات الأزمة الأولية مثل ارتفاع البطالة وانتحار رجال الأعمال الأميركيين قفزاً من ناطحات السحاب، وبدأت الاضطرابات الاجتماعية التي استمرت ثلاث سنوات قبل إصابة الاقتصاد الأميركي في 1932 بالاحتشاء، بعد ذلك خرج الأميركيون إلى الحرب التي كانت بمثابة جهاز إنعاش أخرج الاقتصاد الأميركي من احتشائه، وبنهاية الحرب ظهر أن المنظومة باتت ضعيفة وتحتاج إلى بدائل داخلية. ويمكننا الاتفاق الآن على أنه لا يوجد مخرج اقتصادي بالمعنى البحت من هذه الأزمة، والمخرج الموجود هو سياسي عسكري، وأنا هنا لا أنفي عن الرأسمالية قدرتها على تجديد وإصلاح نفسها، ولكن كيف، وعلى حساب ماذا؟! لقد تحملت البشرية الرأسمالية مقابل 15 مليون ضحية في المرة الأولى، وتحملتها في المرة الثانية مقابل 55 مليون ضحية، لكن هل ستسمح البشرية لنفسها بأن تتحمل أثماناً جديدة تطلبها الرأسمالية للخروج من أزمتها؟!
هل تكون الحرب هي المخرج من الأزمة؟!
.. لقد رأينا المشترك بين الأزمات، لكن بماذا تختلف هذه الأزمة عن سابقاتها؟ كانت الحرب سابقاً تتم في حدود الرأسمالية التي كانت موجودةً في قارة أو قارتين، لذلك كانت الحرب تجري في مكان واحد أو مكانين، فالحرب العالمية الثانية عملياً لم تخرج من الحدود الأوروبية ولامست أطراف شمال إفريقية وبعض أجزاء آسيا، لكنها كانت محدودة بالمعنى الجغرافي، لكنها لم تكن عالمية بمعنى أن كل القارات شاركت فيها، وهذا ينطبق على الحرب العالمية الأولى. لكن ما حدود الحرب الجديدة التي تستطيع إخراج الرأسمالية من أزمتها؟!
هناك فكرة مهمة بهذا الخصوص، كان المخرج دائماً بعد كل حرب هو التوسع بالمعنى الجغرافي ليس فقط للدولار بل للاقتصاد الرأسمالي كله، كان هذا التوسع قادراً على حل الأزمة، بغض النظر عن أعداد ونسب الضحايا، كان توسع النظام ينقذ النظام من أزمته السابقة، أما اليوم فقد انتهى التوسع إذ ليس هناك بقعة على الكرة الأرضية، اللهم باستثناء كوريا الشمالية وكوبا، لا يوجد فيها رأسمالية، لذلك أعتقد أن الأزمة الحالية تختلف عن الأزمات السابقة لأنها واسعة النطاق، ناهيك عن أن حروب الأزمات الماضية كانت تجري بأسلحة تقليدية وبين الكبار وحدهم، فهل من الممكن اليوم أن تجري حروب للكبار لكن بأسلحة ذرية؟ هذا الأمر غير مرجح بل المرجح والذي يتم الحديث عنه هو أن الحروب الجديدة بين الكبار ستجري على أراضي الغير على مساحات واسعة من أجل السيطرة على الموارد وتخفيف عدد البشر...»