طباعة
الاحتياطات الفائضة في البنك الاحتياطي الفيدرالي..  إحدى أكبر عمليات الاحتيال المالي في التاريخ
ترجمة : نور طه ترجمة : نور طه

الاحتياطات الفائضة في البنك الاحتياطي الفيدرالي.. إحدى أكبر عمليات الاحتيال المالي في التاريخ

تعد قضية الاحتياطات الفائضة للبنوك والموجودة لدى البنك الاحتياطي الفيدرالي (FED)، واحدةً من أكبر عمليات الاحتيال المصرفي التي ينفذها البنك الاحتياطي بنفسه، ويحيطها بجدران من الصمت بهدف تغطيتها وإخفاء آثارها الفعلية بالاعتماد على بعض المحللين الماليين والاقتصاديين

الذين يقومون بممارسة حملات تضليلية ترمي إلى تشتيت انتباه الناس عن هذه المسألة وإبقائها طيّ الكتمان.

وتتسم هذه القضية والتي لا تقتصر على الولايات المتحدة فحسب، بل تمتد إلى مصارف مركزية أخرى حول العالم، بكونها قضيةً معقدةً للغاية خصوصاً وأنها تتضمن العديد من المصطلحات التقنية التي تحيّر الكثير من الناس بمن فيهم العديد من مديري الفروع المصرفية ناهيك عن الكثير من المحاضرين في المال والاقتصاد.
لقد أُخذ الكثيرون بالبروباغندا * القائلة بأن الاحتياطات الفائضة هي وسيلة تهدف إلى تشجيع المصارف على توسيع القروض التي تمنحها لمن هم بحاجة إلى تمويل عاجل لينقذهم من مشاكلهم المالية، أو للذين يطمحون إلى بدء أعمالهم الخاصة. إن هذا الادّعاء مبني على الافتراض القائل بعدم وجود سيولة كافية في السوق، وهذا الادّعاء خاطئ تماماً.
ما هي الاحتياطات الفائضة ؟
تشير الأرقام الصادرة مؤخراً عن مجلس محافظي النظام الاحتياطي الفيدرالي إلى أن قيمة الاحتياطات الفائضة وصلت إلى 1.794 تريليون دولار (بيانات 17 نيسان 2013)، الأمر الذي يشكل سابقةً لا مثيل لها منذ تم تشريع الاحتياطات في الولايات المتحدة الأمريكية.
إن الاحتياطات الفائضة هي تلك الاحتياطات الزائدة مقابل الودائع المصرفية وبعض المتطلبات المالية الأخرى التي تحتفظ بها مؤسسات الإيداع – المصارف – بشكل يزيد عن الكميات التي يحتاجها البنك الاحتياطي الفيدرالي قانونياً.
تقتضي الشروط العامة للمصارف بأن يحافظ كل بنك على ما لا يقل عن 10% من المتطلبات النقدية – الديون – القابلة للدفع عند طلبها من المُودعين (الدائنين). إلا أن هناك معلومات تتحدث عن أن حوالي 50% من هذه الاحتياطات الفائضة موجودة لدى مكاتب الصيرفة الأمريكية لدى البنوك الأجنبية.
بساطة المسألة
يقوم الناس بإيداع الأموال في البنك الذي يقوم بدوره بوضعها في حسابات جارية أو كودائع ثابتة، ويستطيع كل زبون –مُودع– أن يسحب هذه الأموال ساعة يشاء. إلا أن الخبرة والتجربة المصرفية تشير إلى أنه من النادر أن يقوم عدد كبير من الزبائن بسحب ودائعهم كاملة في وقتٍ واحد. ولهذا السبب وجدت المصارف أنفسها غير مضطرةً لإبقاء كل الودائع في خزائنها، خصوصاً وأن القوانين تسمح للبنوك الاحتفاظ بكميات قليلة من النقود في احتياطاتها لتلبية متطلبات السحب الاعتيادية.
لكن، وبما أن 10% فقط من الاحتياطات تُعتبر كافية لتلبية متطلبات الزبائن وفق الشروط العامة للمصارف، فلماذا إذاً توجد هذه الكميات الكبيرة من الاحتياطات في المصارف، وبما يفوق بكثير النسبة القانونية المحددة ؟
استطراد صغير
عندما يقوم الزبون بإيداع المال في البنك، فإنه يعتبر من وجهة نظر القانون دائناً حيث أنه يقوم بإقراض النقود للمصرف الذي – وبالمقابل- يُعتبر مديناً، ومن الجدير بالذكر أن المصرف يستطيع التصرف بودائع الدائنين بأي طريقة يريدها، بما فيها المضاربة !! وتعود حرية التصرف هذه إلى أن ملكية النقود المودَعة تنتقل من الزبون إلى المصرف. وطالما أن المصرف قادر على السداد، وطالما هناك طلب على تسديد الودائع، فإن قانون التعاقد ينص على وجوب تسديد المصرف للودائع مرفقةً بالفوائد المستَحقة والمتَفق عليها سابقاً.
 أما في حال طلب المودع سحب بعض أو كامل وديعته ولم يكن لدى المصرف السيولة اللازمة للتسديد، فإن المودِع يُعتبر في هذه الحالة دائناً غير مضمون – غير مكفول بضمانة – من الناحية القانونية، وبالتالي يتوجب عليه حينها أن ينضم إلى طابور الدائنين غير المضمونين ليتقاسم معهم أي مبالغ أو عائدات متبقية من أصول هذا المصرف بعد أن تكون عملية السداد للدائنين «المضمونين»  قد تمت. وإذا لم تكن هناك أي مبالغ متبقية من أصول المصرف، فإن المودِع لا يحصل على شيء !!وهذا بالضبط ما حصل في قبرص، حيث قامت المصارف القبرصية وبالتنسيق مع المصرف المركزي بمصادرة جميع ودائع الدائنين غير المضمونين لديها لكي تدفع مستحقات دائنيها المضمونين.
لقد ازدادت الميزانية الفيدرالية العامة من حوالي 909 مليار دولار قبل أزمة عام 2008 لتصل إلى 3.3 تريليون دولار تقريباً في عام 2013. ومن ضمن هذه الزيادة المقدرة بـ 2.4 تريليون دولار، يوجد حوالي 1.8 تريليون دولار احتياطات فائضة.
المرحلة الأولى من عملية الاحتيال
قام المصرف الاحتياطي الفيدرالي بخلق تريليونات الدولارات من الفراغ عبر إدخالها (رقمياً) في سجلاته ليشتري وعلى دفعات الأصول الفاسدة لدى المصارف. وبالطبع لم يبتكر الفيدرالي هذه الإجراءات المعروفة باسم (حلول الاقتصاد الكمي) لكي يحمي الدائن البسيط، بل لإنقاذ كل من المصارف ووزارة الخزانة من خطر الإفلاس.
الآن، لنفترض بأن المصارف تمتلك 10 تريليون دولار من الأصول الفاسدة، وأرادت التخلص منها دون لفت الأنظار، السؤال هنا : كيف؟بالتأكيد لن يجري تحويل هذه الأموال إلى فروع المصارف ليصار لاحقاً إلى إقراضها للمواطنين العاديين، بل سيجري إعادة توجيهها إلى المصرف الاحتياطي الفيدرالي بوصفها    «احتياطات»، وعندما تتخطى هذه الاحتياطات حاجز الـ10% المطلوبة، يتم تصنيفها على أنها احتياطات فائضة. ومما يزيد مقدار الإهانة التي يتعرض لها الدائن العادي جراء هذه الإجراءات، هو اضطراره لدفع فائدة للمصرف تبلغ 0.25% عن هذه الاحتياطات ذاتها.
على الرغم من عمليات الاحتيال الكبرى التي تمارسها المصارف إلا أنها دائماً تنجو بفعلتها، وليس هذا فحسب، بل يُسمح لها أيضاً باستخدام التقنية الرقمية لتساعدها على احتكار السوق وبالتالي الإضرار بمصالح المواطن البسيط الذي يعاني أصلاً من البطالة والمرهونية وانخفاض تعويضات البطالة وصعوبة الاكتفاء بقسائم الطعام وحدها، والعديد من الإجراءات التقشفية الأخرى المفروضة عليه. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن المواطنين كافةً باتوا الآن تحت مراقبةٍ شديدة من وكالة الأمن القومي (NSA) عبر ما يُعرف بـ (برنامج الموشور) الخاص بها، والذي يقوم برصد كل حركة واتصال وبريد الكتروني و... إلخ.
أزمة الإقراض
بعد التسونامي المالي العالمي، لم تعد المصارف الكبرى تمتلك الاحتياطات الكافية لسداد الودائع المطلوب تسديدها والتي وضعها المودِعون قبل حدوث الانهيار، لا بل إن هذه المصارف وصلت إلى مرحلة عجزت معها عن تأمين نسبة 10% من الاحتياطات المطلوبة، وهذا ما دفع المصرف الاحتياطي الفيدرالي للقيام بعمليته الاحتيالية.
لم تعد المصارف تقوم بعمليات الإقراض الواجبة عليها لسببين :
لأنها باتت الآن تستخدم جزءاً من الإيداعات الجديدة لديها في إعادة دفع الإيداعات القديمة، ومردّ ذلك يعود إلى أن الاحتياطات الفائضة ذاتها – المتكونة بفعل حلول الاقتصاد الكمي – لم تعد تكفي لسداد الودائع القديمة، لذا تم استخدام جزء من تلك الجديدة.
كونها لا تجني أية منافع من الفوائد المفروضة على الاحتياطات الفائضة الموجودة لدى المصرف الاحتياطي الفيدرالي، وهي غير مستعدة لإقراض إلا من تعتبرهم مقترضين ذوي مصداقية. ومن البديهي أنه وفي ظل المناخ الاقتصادي الحالي، فإن نسبة وجود هذا النوع من المقترضين هي نسبةٌ قليلةٌ جداً. لذلك، فالمشكلة ليست مشكلة سيولة، المشكلة الحقيقية هي –ولطالما كانت– إفلاس المصارف الكبرى.
المرحلة الثانية من عملية الاحتيال
إذا تعافى الاقتصاد من أزمته، فسيقوم المصرف الاحتياطي الفيدرالي بإعادة جمع الأصول الفاسدة وتحويلها إلى منتجات مالية جديدة ليتم بيعها لجيل جديد من المستثمرين الأغبياء، ونظراً لكون النقود محفوظة لدى الاحتياطي الفيدرالي، فإن المصارف ليست حتى مطالبةً بالدفع.
لقد تحدث لورنس ماير المحافظ السابق للمصرف الاحتياطي الفيدرالي عن الأمر الذي فات الكثيرين وتجاهله البعض عن عمد، عندما شرح القضية على النحو التالي:عندما تتوقف حلول الاقتصاد الكمي، فلن يجد الاحتياطي الفيدرالي نفسه في مأزق، لأن الأموال المستخدمة لشراء الأصول الفاسدة من المصارف الكبرى لا تزال موجودة في سجلاته.
إن الاحتياطي الفيدرالي لا يحتاج سوى عملية إدخال معاكس في سجلاته بعد أن يقوم بجمع الأصول الفاسدة وتحويلها إلى شكل جديد من المنتجات المالية والتي تبرعت المصارف الكبرى في القيام بها منذ ما قبل فترة الانهيار وحتى الآن، ومن ثم يتم إعادة رميها إلى المصارف ومنها لجيل آخر من المستثمرين الجهلاء.
أكثر من ذلك، فمع الحق المطلق الذي تتمتع به المصارف – والمشروع قانونياً – بمصادرة ودائع الدائنين وفق النموذج القبرصي، فهذا يعني حصول المصارف على مصادر مالية إضافية لمتابعة نهبها وسرقتها للناس ومدّخراتهم.لقد أوضحت فكرتي، فاستيقظوا !!  

عن موقع (Globalresearch.ca)   
هوامش: * بروباغندا: الدعاية ونشر المعلومات بطريقة موجهة وأحادية المنظور.

الموقع الرسمي لحزب الإرادة الشعبية.

جميع الحقوق محفوظة، kassioun.org @ 2017