طباعة
خـطـر المـديـونـيـة الأمريـكـية وأثـرها الاقتصادي الاجتماعي على الاقتصاد والمجتمع الرأسمالي الأمريكي
د.نجم الدليمي د.نجم الدليمي

خـطـر المـديـونـيـة الأمريـكـية وأثـرها الاقتصادي الاجتماعي على الاقتصاد والمجتمع الرأسمالي الأمريكي

إن المفارقة، في النظام الرأسمالي العالمي بشكل عام والنظام الرأسمالي الأمريكي بشكل خاص هي أن أميركا دولة عظمى ويعدُ اقتصادها أحد أكبر وأقوى اقتصاديات العالم، وفي الوقت نفسه فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعد أكبر وأول دولة مدينة في العالم؟!

تطرح تساؤلات مشروعة حول هذه المشكلة وأخطارها الداخلية والخارجية وهي: هل أن تنامي المديونية الأميركية سببه الرئيس هو نقص في السيولة النقدية أو قلة الموارد؟ أم هناك سوء في استخدام الموارد المادية والبشرية؟ أم هناك خلل في البنية الاقتصادية- الاجتماعية للنظام الرأسمالي الأمريكي القائم؟ أم تعكس تفاقم واشتداد الأزمة الاقتصادية والمالية التي يعاني منها الاقتصاد والمجتمع الأمريكي؟ أم تعود أزمة المديونية إلى الخلل الحاصل بين القطاعات الإنتاجية والخدمية واستمرار هذا الخلل لمصلحة قطاع الخدمات؟ أم يكمن الخلل في النظام التسليفي المالي وتنامي الرأسمال المضارب الوهمي والطفيلي في الاقتصاد والمجتمع؟ أم يعود السبب إلى تسهيل عملية إقراض المواطنين الأمريكيين من المؤسسات المالية العامة والخاصة، سواء فيما يتعلق بشراء العقارات والسلع المعمّرة..؟ فأين يكمن الخلل الحقيقي؟

المحور الأول:
المخاطر الرئيسية التي تواجه الاقتصاد الرأسمالي الأمريكي
منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، بدأ الاقتصاد الرأسمالي الأمريكي يواجه مشاكل اقتصادية واجتماعية جدّية، رئيسية متفاقمة ومتناقضة، ويعود السبب الرئيس إلى النهج السياسي والاقتصادي- الاجتماعي للنظام الإمبريالي الأمريكي والذي اتصف باللاعقلانية والتطرف، والمتمثل بنهج النيوليبرالية المتوحش والخطير الذي وكما أكد ممثلو مدرسة شيكاغو.. «الصورة الدقيقة لليبرالي الذي لا يعرف الرحمة ولا يكنّ العطف للضعفاء»
لقد تعزز هذا النهج الخطير منذ حكم الرئيس الأمريكي السابق ريغان ولغاية اليوم، وأدخل الاقتصاد والمجتمع الأمريكي في مأزق من الأزمات المالية والاقتصادية- الاجتماعية، بدليل «أن الأزمة المالية، التي اندلعت في الولايات المتحدة الأمريكية في ربيع العام 2007 تحولت إلى خطر يهدد الاقتصاد العالمي برمته»
ولقد تعزز النهج الليبرالي المتوحش في نزعته، منذ عام1991 ، وظهور نزعة التفرد ومحاولة هيمنة القطب الواحد سياسياً واقتصادياً على العالم وقد ترك ذلك آثاراً سلبية على جميع الميادين وعلى الصعيدين الداخلي والخارجي.
إن من أهم التناقضات الاقتصادية والاجتماعية التي يحملها النهج النيوليبرالي المتطرف هو تعمق التفاوت الاقتصادي والاجتماعي داخل المجتمع الطبقي، فعلى سبيل المثال.. «في مطلع الثمانينيات كانت النسبة القائمة بين دخل الفرد الواحد من رؤساء الشركات الأمريكية ودخل العامل العادي نحو أربعين إلى واحد في المتوسط، وفي نهاية التسعينيات كانت هذه النسبة قد بلغت أربعمائة إلى واحد، أي أن دخل رئيس الشركة كان أعلى من دخل العامل العادي بمقدار يبلغ 400 مرة، وازداد التفاوت وخصوصاً في الوقت الراهن، فدخل رؤساء الشركات صار أعلى من دخل المستخدم العادي بأربعة آلاف مرة، وأن 2.7 مليار من سكان المعمورة مجبرون على العيش بأقل من دولار أميركي واحد في اليوم»
إن من أهم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي تواجه الاقتصاد الرأسمالي الأمريكي وخاصة في مرحلته الإمبريالية هي الآتي:
1-  تباطؤ مستمر في معدل النمو الاقتصادي للاقتصاد الأمريكي، يرافق ذلك تراجع في معدل نمو إنتاجية العمل.
 2-  تراجع دور ومكانه الاقتصاد الإنتاجي «القطاع الصناعي، القطاع الزراعي..» لمصلحة دور ومكانة قطاع الخدمات.
 3- تنامي مستمر ومتصاعد للعجز المالي سواء في الميزانية الحكومية أو في الميزان التجاري أو في ميزان المدفوعات.
 4- تعمق مستمر للتفاوت الاقتصادي والاجتماعي داخل المجتمع الرأسمالي الأمريكي لمصلحة الطغمة المالية الحاكمة، وهذه المشكلة نابعة من طبيعة وهدف النظام الرأسمالي الأمريكي وليست وليدة المصادفة أو الخطأ.
 5- تنامٍ مستمر لمعدل المديونية سواء كانت مديونية داخلية أو خارجية، وهذه قد تكون مفارقة غريبة يجدها القارئ وهي أن أغنى دولة في العالم هي نفسها أكبر دولة مدينة في عالمنا المعاصر، ويعود السبب الرئيس إلى الإنفاق الكبير الذي لا يتلاءم والإمكانيات المادية الحقيقية للولايات المتحدة.
 6- تنامي معدلات البطالة والجريمة والعنف، وانتشار ظاهرة تعاطي الكحول والمخدرات وبشكل مفرط في المجتمع الرأسمالي الأمريكي بشكل عام، وبين أوساط الشباب بشكل خاص، بدليل أن عدد سكان الولايات المتحدة يشكل 5% من مجموع سكان العالم، في حين يستهلك المجتمع الأمريكي 50% من إنتاج الكوكايين العالمي، و23 مليون مواطن أمريكي يتعاطون المخدرات، وأن طالباً واحداً من كل طالبين يدخن الماريجوانا، ونصف مليون يتعاطون الهيروين..
 7- تنامي ظاهرة الأمية في المجتمع الأمريكي، حيث يترك المدارس الثانوية  ما بين 600- 700 ألف طالب سنوياً، وهذا يشكل خمس مجموع الطلبة في المرحلة الثانوية، ويتراوح عدد الأميين وحسب مختلف التقديرات ما بين 23- 84 مليون أمي، وهناك تقدير آخر يؤكد على وجود 70 مليون أمي، ولا يستطيع 25 مليوناً من البالغين القراءة وبشكل جيد ليفهموا تحذيراً على زجاجة الدواء، وكما يوجد 22 مليوناً من البالغين غير قادرين على عنونة رسالة بشكل دقيق، وأن 40% من المتعلمين لا يجيدون القراءة.
8- أما فيما يتعلق بمستوى الجريمة داخل المجتمع الرأسمالي الأمريكي، فالولايات المتحدة تحتل المرتبة الأولى عالمياً في الجريمة وتعاطي المخدرات، والمجتمع الأمريكي «الديمقراطي» مدجج بالسلاح! فالأمريكيون يملكون 60 مليون مسدس و 120 مليون بندقية، وهنالك تقديرات أخرى تؤكد على وجود أكثر من 250 مليون قطعة سلاح لدى المجتمع المدني الأمريكي، وبسبب ذلك تفقد أمريكا سنوياً 19 ألف قتيل وتبلغ معدلات القتل ما بين 4-5 أضعاف مثيلاتها في أوربا الغربية، وتبلغ معدلات الاغتصاب 7 أضعاف معدلاتها في أوربا وتبلغ عمليات السرقة بالقوة ما بين 4-10 أضعاف ما يحدث في أوربا، وتحدث 6 جرائم قتل يومياً، أي جريمة كل 4 ساعات، و8  جرائم اغتصاب يومياً، أي جريمة كل 3 ساعات.
9- تنامي معدلات الفقر والعوز في المجتمع الأمريكي، بدليل وجود 40 مليون مواطن أمريكي تحت خط الفقر، وتبلغ نسبة الفقر وسط الأطفال 22.4%، وأن 10% من الأمريكيين يملكون ثروة أكثر مما يملكه 80% من الشعب الأمريكي، وكما يوجد أكثر من 37 مليون مواطن أمريكي يفتقرون إلى التأمين الصحي، وتحتل أمريكا المركز الأول في العالم بالنسبة للأطفال القصر «أبناء المطلقين»، وأن خمس الأطفال الأمريكيين يعيشون في مستوى أدنى من حد الفقر، وهناك 12 مليون طفل لا يشملهم أي نوع من التأمين ضد المرض.
 10- استمرار وتعمق الأزمات المالية الاقتصادية والاجتماعية داخل الاقتصاد والمجتمع الأمريكي، وفشل النظام الرأسمالي الأمريكي في إيجاد الحلول الجذرية لهذه الأزمات، ويرافق ذلك هروب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية من الاقتصاد الأمريكي بسبب عدم الاستقرار الاقتصادي الاجتماعي- السياسي، ناهيك عن قلة الأرباح والمخاطر المحدقة بالرأسمال.
إن هذه المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وغيرها أصبحت صفة ملازمة للاقتصاد الرأسمالي الأمريكي وخاصة في مرحلته المتقدمة الامبريالية، وهي نابعة من الأساس الاقتصادي لهذا النظام والمتمثل بالملكية الخاصة الاحتكارية لوسائل الإنتاج، وتشكل خطراً جدياً على الاقتصاد الأمريكي وعلى دور ومكانة أمريكا على الصعيد الدولي، وكما تساعد هذه المشاكل على تفاقم واشتداد هذه التناقضات الاقتصادية والاجتماعية داخل المجتمع الأمريكي، وتضع الاقتصاد والمجتمع في مأزق حقيقي، وفي مقدمة ذلك مأزق وخطر المديونية الأمريكية، وهذه المشاكل مجتمعةً يمكن أن تخلق المقدمات المادية والنفسية لحالة التفكك والانحطاط والانهيار لهذا النظام الحاكم.

المحور الثاني:
دولة عظمى: اقتصاد متناقض ودولة استهلاكية
يشكل عدد سكان الولايات المتحدة الأمريكية 5% من مجموع سكان العالم، ويستهلك الشعب الأمريكي أكثر من 40% من الطاقة في العالم، كما يستهلك أيضا 50% من المنتجات والخدمات المنتجة عالمياً، وتساهم الولايات المتحدة بنسبة 20% في الناتج الإجمالي العالمي وبالوقت نفسه تستهلك أكثر من 40% من الناتج الإجمالي العالمي.
يتراوح تباطؤ معدل النمو الاقتصادي لأمريكا ما بين 2-4% سنوياً في أحسن الأحوال، في حين أن معدل نمو إجمالي المديونية يفوق معدل النمو الاقتصادي ما بين 8-10%. وهذا إن دلّ على شيء، فإنما يدّلُ على ضعف وتخبط الاقتصاد الرأسمالي الأمريكي وتفاقم تناقضاته الاقتصادية والاجتماعية وتحوله من اقتصاد إنتاجي إلى اقتصاد خدمي طفيلي غير قوي وغير مستقر، هدفه الرئيس هو تعظيم الربح لمصلحة الأوليغارشية الأمريكية المفرطة في وحشيتها وعدوانيتها. وطبقاً لتقرير مكتب المحاسبة العامة في الكونغرس، فإن الولايات المتحدة أصبحت أسيرة مصيدة الديون، وبشكل يصعب عليها الإفلات منها. وكما يؤكد تقرير مكتب المحاسبة العامة، فمع أن تحسن الاقتصاد قد يكون عاملاً مساعداً، «إلا أننا لن نستطيع الخروج من هذه المشكلة فإغلاق فجوتنا المالية يتطلب تحقيق معدلات نمو تتجاوز 10% سنوياً، وعلى مدار السنوات  الـ 75 المقبلة، وهو مطلب مستحيل بكل المقاييس فمعدلات النمو لم تتجاوز 2-4% حتى في سنوات الطفرة الاقتصادية في التسعينيات».. فمنذ سبعينيات القرن الماضي، كان معدل نمو المديونية أكبر من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي.
ومن هنا فإن الولايات المتحدة الأمريكية لا تستطيع أن تعيش وتطوّر اقتصادها الرأسمالي وتخفف من مأزقها وأزمتها البنيوية والعامة على أساس إمكانياتها المادية المتاحة لديها، بل هي عاشت وتطورت على حساب الاستحواذ والنهب لثروات الشعوب وبشكل غير شرعي ومنافٍ لمبادئ الديمقراطية، وعن طريق خلق الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في العالم وغزو واحتلال البلدان وخاصة الغنية بمواردها الطبيعية من النفط والغاز..
إن الصفة المزدوجة التي يتميز بها الاقتصاد الرأسمالي الأمريكي من قوة وضعف في آن واحد هي نابعة من تناقضاته الاقتصادية والاجتماعية، وهذه التناقضات ما هي إلا نتيجة منطقية وموضوعية تكمن في أساس وطبيعة النظام الرأسمالي العالمي بشكل عام والنظام الرأسمالي الأمريكي بشكل خاص، وإن جميع هذه التناقضات والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمالية واستمرارها وتفاقمها تعود بالدرجة الأولى إلى الأساس الاقتصادي- الاجتماعي لهذا النظام المتمثلة بالملكية الخاصة الاحتكارية لوسائل الإنتاج، فما دامت هذه الملكية الخاصة سائدة وعلى «قيد الحياة» في هذه التشكيلة الاقتصادية- الاجتماعية الرأسمالية وخاصة في مرحلتها المتقدمة الامبريالية، فإن العالم لن يشهد أي استقرار سياسي أو اقتصادي- اجتماعي، بل سيشهد حروباً غير عادلة سواء كانت على الصعيد المحلي أو الإقليمي أو العالمي، فالامبريالية العالمية كانت وراء إشعال الحرب العالمية الأولى، والحرب العالمية الثانية، وما يسمى بالحرب الباردة، وما يشهده عالمنا المعاصر اليوم من عدم الاستقرار تتحمله الامبريالية الأمريكية وحلفاؤها وهم سيتحملون في المستقبل ما سيحدث لشعوب العالم من احتمال وقوع كوارث إنسانية واقتصادية واجتماعية. إن جميع هذه الأساليب اللاشرعية والمنافية للديمقراطية، هدفها الرئيس هو محاولة إنقاذ النظام الامبريالي العالمي وخاصة الامبريالية الأمريكية ولو لفترة زمينة معينة من الانهيار المحتوم.

المحور الثالث:
أسباب تعاظم المديونية الأمريكية
يمثل الدين العام الأميركي- مجموع الدين العام المقرر على الحكومة الاتحادية– «الفدرالية»، وهو يمثل قيمة سندات الضمان الأطراف خارج الولايات المتحدة، إلى جانب الضمان الذي تصدره وزارة الخزانة الأمريكية والمملوكة لأطراف داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
وإن من أهم الديون الأمريكية: الدين الحكومي «الفدرالي»، الديون الاستهلاكية الشخصية «مديونية المستهلكين»، ديون الرهن العقاري «الديون المنازل الخاصة» ديون قطاع الشركات وغير ذلك.
إن من أهم الأسباب الرئيسية التي أنتجت وأفرزت «حفرة» المديونية المتفاقمة هي الآتي:
أولاً- تحول الرأسمالية الأمريكية من رأسمالية إنتاجية إلى رأسمالية خدمية بامتياز، وهذا يعني أن القطاع الخاص الرأسمالي الناشط والعامل في ميدان خلق الإنتاج المادي قد انتقل معظم نشاطه -إن لم نقل كل نشاطه- نحو قطاع الخدمات بسبب جني الأرباح الخيالية والسريعة والمضمونة والبعيدة عن المخاطر.
ثانياً- المنطق الموضوعي القائل بأن أي فرد أو شركة أو دولة يكون إنفاقه المالي أكبر من إيراده الفعلي سوف يواجه مشكلة عجز مالي، وأن الاستمرار على هذه السياسة الخاطئة واللاعقلانية سيولد أزمة مديونية عميقة بالنسبة للدولة تؤدي في النهاية إلى انهيارها.. إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تنجو - ولو لفترة زمنية معينة- من خروجها عن هذه القاعدة الموضوعية من خلال تحررها من نظام قاعدة الذهب، والذي سمح لها وبحرية بطبع وإصدار عملتها الوطنية- الدولار- ودون ضوابط اقتصادية ومالية، ومن خلال فرض هذه العملة على دول وشعوب العالم كورقة نقدية رئيسية واحتياطية بالقوة العسكرية والاستحواذ على موارد الطاقة وخاصة النفط.
بالمقابل، فإن الإصدار النقدي للدولار الأمريكي وبشكل مفرط وخارج ضوابط وقواعد الإصدار النقدي قد خلق ويخلق مشكلة للاقتصاد الوطني الأمريكي، ويمكن القول إن 3- 5% من الإصدار النقدي للدولار فقط مغطى بالإنتاج المادي، أما 95- 97% منه غير مغطى، وهذا يشكل خطراً جدياً ليس على الاقتصاد والمجتمع الأمريكي فقط، بل وعلى الاقتصاد العالمي وعلى شعوب العالم أجمع
ثالثاً- إن التزايد المستمر في الإنفاق العسكري السنوي وبشكل مفرط  ومرعب لدى الإدارة الأمريكية وخاصة خلال السنوات الأخيرة «2004- 2013» إذ بلغ الإنفاق السنوي بالمتوسط أكثر من 500 مليار، وهذا الإنفاق الكبير ما هو إلا رأسمال يتم حرقة سنوياً، مما أثر سلباً على الاقتصاد الرأسمالي الأمريكي، فالأموال الكبيرة تحرق يومياً والإنتاج المادي يتراجع باستمرار.
رابعاً- إن الإنفاق الاستهلاكي اللاعقلاني للمجتمع الأمريكي يشكل مصدراً رئيسياً وكبيراً للإنفاق الاستهلاكي الخاص والذي لا يتناسب والدخل النقدي للمواطن الأميركي، ويشكل بالتالي مصدراً هاماً لتنامي وتراكم الديون الداخلية وبالتالي يولد صعوبة الوفاء بتسديد هذه القروض.
 
المحور الرابع:
بعض أهم نتائج المديونية الأمريكية

أولاً- التدهور المستمر للوضع المعيشي للغالبية العظمى من المواطنين الأمريكيين وخاصة أصحاب الدخول المحدودة من العمال والمزارعين.. يرافق ذلك تنامي التوترات ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي داخل المجتمع الرأسمالي الأمريكي.
ثانياً- استمرار تعمق الفجوة الاقتصادية والاجتماعية داخل المجتمع الرأسمالي الأمريكي لمصلحة الحيتان والديناصورات المالية المتوحشة، ففي عام 2007 كانت 1% من العائلات الأمريكية تمتلك 34% من الثروة القومية، في حين أن 50% من العائلات الفقيرة تمتلك 3% من الثروة القومية الأمريكية.
ثالثاً- ضعف الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد الأمريكي بسبب انعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وقلة الأرباح، وعدم قدرة تسديد الديون الخاصة من عدد كبير من المواطنين سواء للمؤسسات العامة أو للمؤسسات الخاصة..
رابعاً- إن تحول الاقتصاد الرأسمالي الأمريكي من اقتصاد إنتاجي فاعل وقوي إلى اقتصاد خدمي، ساعد ويساعد اليوم على تعميق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والمالية، أي يساعد على اشتداد الأزمة وبكل أبعادها داخل الاقتصاد والمجتمع الأمريكي.
خامساً- استمرار تنامي العجوزات المالية في الميزانية الحكومية.
إن الرأسمالية كتشكيلة اقتصادية- اجتماعية، تكرس الظلم والاستغلال والعبودية والاضطهاد في أي مجتمع، وتصنع الأزمات وتنتج الفقر والجوع والإذلال، وإن ديمقراطيتها كانت ولا تزال طبقية ومنحازة ومعبرة عن مصالح الطبقة البرجوازية الحاكمة، وهي إيديولوجية الطبقة الرأسمالية في المجتمع.
وإن الاشتراكية، هي النظام السياسي الاقتصادي- الاجتماعي الذي يعطي الحلول السليمة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المجتمع البشري، فهي الحل. وهي التي ستشكل النهاية الحقيقية للتاريخ الإنساني الذي يقوم على أساس العدالة الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق الرفاهية، ويغيب فيها وإلى الأبد الاستغلال والاضطهاد والحروب. وبهذا الخصوص يؤكد فلاديمير لينين «إن نزع السلاح هو المثل الأعلى للاشتراكية، وفي المجتمع الاشتراكي لن توجد حروب، وبالتالي فسيتحقق نزع السلاح»
إن الرأسمالية لا مستقبل لها، وإن حتمية انهيارها شيء لا مفر منه، وهذه هي سنة وحتمية التطور للمجتمع البشري. وإن الشيوعية هي أمل وطموح الشغيلة وهي مستقبل البشرية المشرقة.

إعداد قاسيون بتصرف – على أن تنشر الدراسة كاملة على موقع قاسيون
www.kassioun.org

الموقع الرسمي لحزب الإرادة الشعبية.

جميع الحقوق محفوظة، kassioun.org @ 2017