فعلٌ شائن حلُّ النقابات في السودان

فعلٌ شائن حلُّ النقابات في السودان

الشعب السوداني بطبقاته الشعبية الذي هبَّ وتحرك على مدار أشهر مطالباً بالتغيير الحقيقي وقدَّم في حراكه الشهداء على مذبح الحرية والتغيير،

، لم يُتوج هذا الحراك بما كان يريده الشعب من حراكه، حيث جرت تسويات بين القوى السياسية وقوى النظام المتبقية، ولكن تلك التسويات كانت على حساب مطالب الشعب بالتغيير الجذري الذي يُؤمِّن إعادة توزيع الثروة المنهوبة عبر عشرات من السنين، ويحقق مستوى أعلى من الحريات التي تمكن الشعب من الدفاع عن حقوقه ومصالحه التي تنقضُّ عليها الأنظمة عندما تتمكن من ذلك، أي في لحظة اختلال موازين القوى بين الناهبين والمنهوبين وفي لحظة غياب البرنامج الجامع لمصالح المنهوبين والطبقة العاملة في السودان كان نصيبها كبيراً من عملية النهب الواسعة لما تنتجه من ثروة، ولم تتمكن من الدفاع عن مصالحها وحقوقها، وهذا يعود بأحد أسبابه إلى هيمنة النِّظام السابق على المنظمات الشعبية بما فيها النقابات عبر قوانين وإجراءات ضيقت الخناق على الحركة العمالية والحركة النقابية، ومنعتها تقريباً من أدواتها التي يمكن من خلالها الدفاع عن حقوقها الاقتصادية والسياسية بما فيها حقوقها الديمقراطية والنقابية، وهذا شأن معظم الحركات النقابية في منطقتنا العربية التي هي شكلاً مستقلة، ولكن بالمضمون حراكها يأتي بأوامر من الباب العالي باعتباره هو ولي الأمر المنتج للكثير من قادتها، وليس من الطبقة العاملة عبر العملية الانتخابية الديمقراطية من القاعدة إلى القمة.
عملية حلِّ النقابات هي تعبير عن مأزق يعيش فيه النظام، وعملية تبدّل الطرابيش لا تعني تغييراً، بل هي استمرار للمضمون السابق مع تغيّر شكلي في السلوك، هذا بالرغم من أن هناك مناشدات كثيرة من المنظمات العربية في مقدمتها الاتحاد الدولي للعمَّال العرب بأنَّ هذا الفعل يتعارض مع الاتفاقيات الدولية والعربية التي تنصُّ على حرية العمل النقابي وعدم التدخل في شؤون عمل النقابات، ونحن نعتقد بل نجزم، أن إجبار النِّظام السوداني على العودة عن فعلته القمعية بحقِّ الحركة النقابية السودانية لن تكون إلا بفعل الطبقة العاملة السودانية التي ستدافع عن حقوقهاـ بأن تكون لها النقابات التي تعبِّر عن مصالحها وتدافع عن مطالبها، ولا تعني عملية الحل أن النضال من أجل نقابات حقيقية ستتوقف، بل ستمضي قدماً، والطبقة العاملة والقوى السياسية الجذرية ستتمكن من انتزاع الحركة النقابية من هيمنة وتسلط القوى المعادية لها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
945