النقابات بين النظرية والواقع /1/

النقابات بين النظرية والواقع /1/

العمال لا يملكون إلا بيع قوة عملهم مقابل الأجر، وهم يسعون دائماً أن تكون الأجور كافية لمعيشتهم هم وأسرهم، ويتصارعون دائماً مع أرباب العمل إن كان ذلك في قطاع دولة أم قطاعٍ خاصٍ على حد سواء لزيادة هذه الأجور لتحسين معيشتهم.

وقد عرف العمال في هذا الصراع وسائل عديدة للمطالبة، والمقاومة، والاحتجاج، والكفاح لتحسين شروط وظروف عملهم، وتحسين مستوى معيشتهم. وتوصلوا خلالها إلى التنظيم في النقابات.
النقابات: هي تلك المنظمة الجماهيرية الطبقية التي تجمع العمال باختلاف انتماءاتهم وأجناسهم وعقائدهم ومهنهم دون تمييز، ومن أهدافها: الدفاع عن مصالح العمال وتحقيق مطالبهم وحماية مكاسبهم، والتعبير عن إرادتهم وتحسين شروط وظروف العمل.
ويعلمنا تاريخ الطبقة العاملة السورية: أن نقابات العمال الحقيقية والقوية قد أنتجتها الإضرابات العمالية، وأن انتصار النقابات كان مرهوناً دائماً بقدرتها على استخدام أدوات الكفاح الأساسية في اللحظة المناسبة التي تسمح بتحقيق المطالب (الاجتماع، والتظاهر، والاعتصام والإضراب).
كما يعلمنا التاريخ: أن نقابات العمال لم تنفصل عن قضايا وطنها، فكان العمال ونقاباتهم دائماً في مقدمة الصفوف في مقاومة الاستعمار والصهيونية والاستغلال الرأسمالي في المجتمع، وعرفت خلال ذلك ترابط المصالح المشتركة بين الاستعمار والرأسمالية العالمية وعملائهم المحليّين، ومدى عداء كل هؤلاء للعمال.
وكما عرف العمال النقابات كأداة لتمثيلهم والدفاع عن مصالحهم، فقد قام أصحاب العمل مستفيدين من الحريات المتاحة لهم في مواجهة العمال، فشكلوا منظماتهم ليحموا مصالحهم. لذلك لابدّ للنقابات الحقيقية من توفر ثلاثة مقومات هي: «الاستقلالية، والديمقراطية، والجماهيرية».
الاستقلالية: استقلالية النقابات عن أجهزة الدولة والأحزاب السياسية وأرباب العمل، هي الشرط الأساسي لوجودها، ولحمايتها من التدخل أو التأثير عليها، وهى أهم ضمانة لتطوّر وفاعلية النقابات. وبمعنى أخر تعني: أنها تعبيراً عن إرادة أعضائها ومصالحهم المشتركة، وتعني تحريرها من أي نفوذ معادٍ للطبقة العاملة. ويتجلى ذلك من خلال -حق النقابات في وضع قانونها ونظمها الأساسية الداخلية بنفسها ومن خلال التصديق عليها من قبل الجمعية العمومية التي تملك وحدها حق تعديلها. - حق العمال في انتخاب ممثليهم وقياداتهم بدون وصاية أو شروط من أحد.
الديمقراطية في نقابات العمال، تعني: أن القواعد العمالية هي صاحبة السلطة من خلال مؤتمر الجمعية العمومية التي هي السلطة الأولى والأعلى في كل منظمة نقابية، وتملك وحدها حق تقرير شؤون النقابة وتوجيه أعمالها ومراقبة أدائها ومحاسبتها، بل ولها وحدها إعداد نظمها الأساسية وقواعد أعمالها الإدارية والمالية. ويتجلى ذلك من خلال: - احترام حق الاجتماع لأعضاء النقابات والمؤتمرات التي هي السلطة الأعلى التي تضع نظم وشروط العمل لكل الترشح المستويات النقابية.
- حق أعضاء النقابات في الترشيح لأي موقع قيادي وفى جميع المستويات بلا تمييز أو شروط معلنة أو ضمنية، فشروط العضوية كافية لحق الترشح.
- حق النقابات في تمثيل أعضائها والتعبير عنهم بشخصيتها الاعتبارية، وحق المفاوضة الجماعية وعقد الاتفاقيات الجماعية نيابة عن أعضائها.
أما جماهيرية النقابات العمالية، تعني: شمولها لجماهير العمال في عضويتها ولا لأجزاء منهم، وألا تستبعد من عضويتها أياً من العمال وأن تقوم العضوية فيها على الاختيار والانضمام الطوعي الحرّ دون إجبار أو إكراه. وتتجلى جماهيرية النقابة من خلال: - الجمعية العمومية التي يبدأ فيها كل نشاط في النقابة وهي مصدر المشروعية والقوة والفاعلية لكل التنظيم النقابي من أدناه إلى أعلاه. – اللجنة النقابية في المنشأة وهي أهم مستويات التنظيم النقابي. بمعنى آخر: إن العضوية النقابية تبدأ وتنتهي في مكان العمل حيث توجد جماهير العمال، حيث يلتَفّون حول مصالحهم ويتوحدون، ويجب أن تملك اللجنة النقابية في المنشأة كل الصلاحيات والسلطات وكامل الشخصية الاعتبارية. – وهي التي تعمل على جذب العضوية الجديدة، وجمع الاشتراكات من العمال مباشرة وإلغاء الخصم الإجباري للاشتراكات من الأجور.

معلومات إضافية

العدد رقم:
918
آخر تعديل على الجمعة, 16 نيسان/أبريل 2021 15:43