كيف نلزم أرباب العمل بتأمين حقيقي؟

كيف نلزم أرباب العمل بتأمين حقيقي؟

لماذا يتهرب أرباب العمل من تسجيل العاملين لديهم في مؤسسة التأمينات الاجتماعية؟

للإجابة عن هذا السؤال، لابدَّ من معرفة ماذا يترتب على صاحب العمل والعامل الواجب تأديته لمؤسسة التأمينات:
أ- اشتراك العامل بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة بنسبة 7% من أجره الشهري.
ب- اشتراك صاحب العمل بنسبة 14% من أجور العاملين لديه بتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة.
ج- اشتراك صاحب العمل بتأمين إصابات العمل بنسبة 3% من أجور العمال.
د- دفع الرسم الشهري والبالغ واحداً بالألف.
بالتالي، أرباب العمل لا يسجلون عمالهم في التأمينات لعدة أسباب، بحيث يترتب على صاحب العمل دفع نحو 17% من راتب الموظف دون الاقتطاع من راتب الموظف الشهري، ولتوضيح الفكرة السابقة نأخذ مثالاً:
بفرض أن راتب الموظف لدى شركة ما نحو 50 ألف ليرة فيتوجب على رب العمل دفع مبلغ 8500 ليرة سورية شهرياً.
ودفع سنوياً نحو 100000 ل س ولو كان لدى الشركة نحو 10 موظفين فرب العمل مجبر بدفع مليون ليرة شهرياً إن كان راتبهم الشهري جميعاً 50 ألفاً.
كما يجب على صاحب العمل تسجيل نفسه أيضاً بالتأمينات، ولو فرضنا أن إحدى الجولات التفتيشية التي يقوم بها مراقبو التأمينات الاجتماعية، قد اكتشفت أنّ هناك عمالاً غير مسجلين في موقع عمل ما فيتم تسجيل هؤلاء العمالة بعد سؤالهم عن فترة بدء العمل، وتقوم اللجنة بتحميل الأثر الرجعي على صاحب العمل مع الغرامات، إضافة إلى إجبار صاحب العمل على توقيع عقود مع جميع الموظفين تضمن لهم حقوقهم لعدم طردهم من العمل تعسفياً، وضمان حصولهم على تعويضاتهم.
فهل يتم تطبيق الإجراءات القانونية السابقة بحذافيرها من جهة، وهل يلتزم بعض أرباب العمل بهذه الإجراءات دون تحايل ما؟.
من الملاحظ وجود الكثير من أرباب عمل يتلاعبون على هذه الإجراءات من باب التحايل على حساب العمال، من الوقائع التي رصدتها قاسيون الآتي: معظم شركات القطاع الخاص تسجل موظفيها في التأمينات بأدنى راتب في سلم الرواتب الوظيفية المسموح بها، إذ تجد مديراً تنفيذياً بشركة كبيرة راتبه على الورقة 50 ألف ليرة سورية ومدير قسم 20 ألف ليرة، وجميع العاملين لدى الشركة مهما اختلفت وظائفهم وأعمالهم مؤمنون على الحد الأدنى للأجور رغم أنهم يقبضون رواتب عالية لا تقل كحد أدنى عن 40 ألف ليرة سورية. ويلجأ رب العمل لهذا التحايل ليخفض من الرسوم الشهرية المفروضة عليه، وكما يضاف إلى ما سبق: أن أرباب العمل لا يقومون بإعلام الوزارة أو المؤسسة بالزيادة الدورية للعاملين، وهي من المفترض أن تكون على الأقل 9% كل سنتين، وفقاً للقوانين المعمول بها، وأُعطي للعامل حق اللجوء للقضاء في حال لم تطبق هذه المادة من القانون وبأثر رجعي.
وبالتالي، التهرب التأميني نوعان يمتد إلى القطاع العام والخاص. فمثلاً: تسجل جميع الوزارات والدوائر الحكومية موظفيها في التأمينات الاجتماعية وتقوم باقتطاع- من رواتبهم الشهرية- نسبة التأمين، لكن لصالح الوزارة ذاتها ولا ترسل المبالغ إلى مؤسسة التأمينات الاجتماعية، ويتم إنفاقها على أمور غير معروفة، أي: أنها تسرق بشكل أو بآخر. وهذا ما يفسر تراكم الديون على جهات القطاع بمليارات الليرات وبقاءها دون تسديد في ظل البحث الحكومي عن ضالتها الموارد.
أما القطاع الخاص، فيسدد ما عليه مباشرة، ولكن يتهرب بالأساس من التأمين على العمال برواتبهم الحقيقية ويسجل أرقاماً وهميةً هزيلةً لرواتب هؤلاء العمال وهناك وجهات نظر مختلفة لدى أرباب العمل تتعلق بطبيعة الأعمال والواقع التجاري الحالي.
قاسيون حاولت تقصِّي تفاصيل هذه الظاهرة المتمثلة بتهرب أرباب العمل من تسجيل العاملين لديهم في مؤسسة التأمينات الاجتماعية وكانت لها اللقاءات التالية :
هذا وقد اختلفت زاوية الرؤية والمصالح بين أرباب العمل والعمال.
عمال معمل وفرن للحلويات البالغ عددهم حوالي أربعين عاملاً حاولوا إقناع رب العمل بتشميلهم بالتأمينات، وبتعويض إصابة العمل، وما كان من ربّ العمل إلا القيام بفصل عدد من العمال المحرضين لزملائهم وتحدّث إلينا أحدهم قائلاً: قمت برفع دعوى قضائية على صاحب المعمل أطالبه بكامل تعويضاتي من بداية العمل لديه، أي: من عشر سنوات ولا زالت القضية منظورة في أروقة القضاء.
مدير شركة مبيع كافة الأجهزة الخليوية واكسسواراتها في السويداء، قال: إن «شركتي تضم نحو 15 موظفاً، يعملون على مبدأ العمولات وبعضهم يعمل عن بعد (أون لاين) وفي هذه الحالة لا يمكنني القيام بتسجيل الجميع في التأمينات».
وتابع: إن «تسجيل جميع الموظفين مكلف والواردات لدينا ضعيفة وإن بعض العاملين يعملون في منازلهم، أو في المكتب مطالبين بمهام معينة وليس بدوام ثابت، وهذه الآلية قد لا يتفهمها موظف التفتيش» على حدّ تعبيره.
أبو طلال مدير شركة توزبع ومبيع المواد الغذائية قال: «لو فرضنا أن تسجيل الموظفين بالتأمينات ملزم، فيجب أن يكون هناك ما يحمي صاحب العمل، فأغلب الأحيان يأتينا موظف ولا يستمر بعمله لأكثر من شهرين فقط وبحسب التأمينات الاجتماعية يجب تسجيل العامل بعد 15 يوماً وهذا غير منطقي كون جميع الشركات اليوم تضع فترة تجريبية من شهر حتى 3 أشهر لا يثبّت خلالها الموظف، ويكون تحت التجريب باتفاق شفهي بين الطرفين».
وأضاف: إن «انسحاب أحد الموظفين فجأة يضر بالعمل ويضرني كصاحب عمل وبالتالي نريد شيئاً يحمينا أيضاً»... إن «تسجيل أكثر من 15 عاملاً في التأمينات يجعلنا تحت بندٍ قانوني يجبرنا بوضع نظام داخلي وسياسة عمل مكتوبة ترسل للمؤسسة والوزارة للرقابة على أساسها».
أبو جواد صاحب مركز بيع وصيانة هواتف ذكية، طرد أحد عماله في قسم الصيانة لعدة أسباب، منها: سرقة الزبائن إلى خارج المحل وهي تعتبر بالنسبة إليه كرب عمل «عدم أمانة وقلة انتماء» بعد نحو 3 سنوات من عمله لدي بات يتغيب كثيراً عن العمل، وزبائني قلَّت، حتى وصلتني أنباء أنّه قام بسحب أغلب زبائن محلي إلى المحل الذي افتتحهُ.
هذا وقد علمت قاسيون من مؤسسة التأمينات الاجتماعية: أن قيمة الديون المستحقة والمتراكمة لصالح المؤسسة على جهات القطاع العام تبلغ أكثر من 220 مليار ليرة سورية.
إن المؤسسة حصَّلت نحو 86 مليار ليرة كاشتراكات من الوزارات والجهات التابعة لها خلال العام 2017.
إنّ ديون المؤسسة على القطاع الخاص تبلغ أكثر من 15 مليار ليرة في حين تم تحصيل 13 مليار ليرة قيمة ديون واشتراكات العام الماضي.
وبحسب إحصائيات المؤسسة لعام 2017 بلغ عدد العاملين الذين تم الاشتراك عنهم بالقطاع العام 55231 عاملاً، وفي الخاص 42482 عاملاً، فيما وصل عدد العمال المؤمن عليهم لدى المؤسسة إلى مليون و254384 عاملاً.
ونحو نصف مليون صاحب معاش مستحق، وعدد العمال المشتركين عن أنفسهم 2669، وعدد العاملين في القطاع الخاص المسجلين 187276 وعدد المستفيدين من أحكام المرسوم 346 لعام 2006 الخاص بالأعمال والمهن الشاقة والخطيرة بلغ 2054 عاملاً، بحسب إحصاءات مؤسسة التأمينات.

معلومات إضافية

العدد رقم:
915
آخر تعديل على الإثنين, 27 أيار 2019 22:22