في «شهر الخير»... لسنا بخير! (1)
إلياس زيتون إلياس زيتون

في «شهر الخير»... لسنا بخير! (1)

رمضان آخر يأتي على الطبقة العاملة في ظروف لا يعلمها إلا من يرزح تحت أثقالها، أزمات خدمية بالجملة، وأجورٌ لا تكفي كفافَ عيشٍ، معامل وورشات توقفت كلياً أو جزئياً عن العمل، بسبب الكهرباء المقننة والمحروقات الشحيحة، أسعارٌ جنونية وبطاقات ذكية، والقائمة تطول، كل هذه الظروف تضغط بشدة على العمال فتزيد ظروف عملهم قسوة، يغيبون عن بيوتهم وموائد إفطارهم، يجرون وراء أرزاقهم ليحفظوا كراماتهم ويطعموا أولادهم، لا وقت لديهم حتى لالتقاط أنفاسهم، توجهنا لشرائح مهنية مختلفة من العمال والعاملات ليحكوا عن ظروف عملهم ومعيشتهم خلال رمضان، وسننشر هذه اللقاءات على صفحات قاسيون من خلال هذا العدد والأعداد اللاحقة.

 

عمال الخياطة
عدنان، عامل درزة في أحد معامل الخياطة النسائية في منطقة الحريقة، صاحب ال43 عاماً أخبرنا قائلاً: جرت العادة بمصلحتنا هذه أن ترتفع وتيرة العمل وساعاته خلال شهر رمضان خصوصاً بالعشرة الأخيرة منه، وهذا أمر طبيعي، لأننا نُحضر لموسم عيد الفطر، وترتفع أكثر في حال كان رمضان يصادف بداية موسم الصيف أو الشتاء أو المدارس، ولكن في التسعينات مثلاً: كنا نعتبر ذلك جيداً لنا، لأننا كنا نكسب أضعاف أجورنا، صحيح أننا كنا نتعب ونصل الليل بالنهار، ونعمل أحياناً لأكثر من 16 ساعة، إلا أننا كنا ( نشيل قرشين نضاف) نحصل على فائض مقبول ندّخره موسماً وراء موسم وسنة بعد سنة، بيتي في زملكا الذي لم يبقَ منه سوى الأنقاض، اشتريته في نهاية التسعينات بهذه الطريقة ب220 ألف ليرة، أما بالسنوات العشر الأخيرة، فالأمر اختلف تماماً، وهذا العام أسوأهم على الإطلاق، فالمعمل يعاني من مشكلة تقنين الكهرباء، والمازوت الحر للمولدة يصل سعره إلى 600 ليرة لليتر الواحد، وساعات التوقف طويلة، وعلى حسابنا طبعاً، كونناً نعمل على القطعة، نحن فعلياً نعمل 12 ساعة، لكننا نبقى في المعمل لأكثر من 16 ساعة، أغلبها ونحن صائمون، نفطر في بيوتنا يوماً وفي المعمل يوماً، كل ما أجنيه من ساعات العمل الطويلة هذه لا يتجاوز 150 ألفا بالشهر، أجرة بيتي في دويلعة 45 ألف بالشهر، أنا مضطر للقبول بهذا الواقع (فالعمال على قفا مين يشيل) لا يمكن البقاء بلا عمل، عندي أربعة أولاد كبيرهم في لبنان يعمل بأكله وشربه ومنامته، والأولاد الباقون في المدرسة، واحد منهم ينزل للعمل معي في الصيف، لم تعد الأمور تطاق، أصبحت قلقاً على صحتي جراء نمط الحياة التي أعيشها، ومن ظروف العمل والضغط الاجتماعي والنفسي الشديدين، لا شيء يتغير، بل ما زالت الأمور تزداد سوءاً. لا أعلم إلى متى سأبقى قادراً على الصمود.
عمال المقاهي
عبير، عاملة في إحدى المقاهي القريبة من ساحة المحافظة، حدثتنا عن ظروف عملها في شهر رمضان، حيث يبدأ دوامها بعد الفطور، وحتى موعد السحور، تقول عبير: إن العمل خلال هذه الساعات ليس سهلاً بسبب ضغط الزبائن وخاصة في موعد المباريات، ولكن الدخل تراجع كثيراً خلال الفترة الماضية، بسبب تراجع قيمة الإكراميات عن السابق، حتى من زبائن المقهى الدائمين (صايرين بُخلا) الجميع يشتكي من المعيشة وارتفاع الأسعار، ونحن عمال المقاهي نعتمد على الإكراميات أكثر من اعتمادنا على الأجر القليل، وتضيف: أجري المقطوع أيضاً ينخفض خلال شهر الصيام، بسبب انخفاض ساعات العمل من 13 ساعة إلى 9 ساعات رغم ارتفاع المصاريف المعيشية، فأنا أعيل عائلتي بالكامل، بعد أن فقد والدي بأول 2015 والتحاق أخي بالخدمة العسكرية الإلزامية منذ عام ونصف، استأجرنا بيتاً صغيراً في قدسيا بعد تهجيرنا من مخيم اليرموك، وصلت أجرته 30 ألف شهرياً، والمواصلات إلى قدسيا تستنزف نسبة كبيرة من أجري، فدوام عملي ينتهي بعد منتصف الليل، ولا يوجد ميكرو باص واضطر لأخذ تكسي سرفيس وأدفع 400 ليرة، أحاول تعويض انخفاض الراتب بلجوئي للعمل خلال النهار في خدمة المنازل لبعض العائلات في مشروع دمر، ولولا ذلك لبقينا بلا أكل وشرب، الوضع سيء للغاية، وفوق هذا أعاني بشكل دائم من أمراض الصدر والتنفس ويكلفني الدواء جزءاً من راتبي، من جراء أدخنة الآراكيل ودخان الزبائن، ليس لدي بديل عن هذا العمل هنا، الأجور أفضل من مهنة أخرى، نحن محرومون من كل شيء (حالتنا بالويل ومالها مستورة والله العظيم مو مستورة) وهذا حال كل الناس في البلد وسعرنا بسعرهم والله يفرج

معلومات إضافية

العدد رقم:
913
آخر تعديل على الإثنين, 13 أيار 2019 07:09