الصناعة السورية والعمال في مركب واحد
عادل ياسين عادل ياسين

الصناعة السورية والعمال في مركب واحد

جميع الدراسات الاقتصادية تُجمع على أن الوضع المعيشي لعموم الشعب السوري تسير بمنحدر شديد الخطورة، قياساً بارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة التي أصبحت وفقاً للواقع المعاش والدراسات التي تصدر بأرقامها الصادمة لكل الفقراء، مقارنةً مع ما يحصلون عليه من أجور وموارد لا تكفي كفاف اليوم أو عدة أيام متوالية.

وحسب جريدة قاسيون، وكذلك الأرقام الحكومية المقاربة لها: أن تكاليف المعيشة لأسرة مكونة من خمسة أشخاص هي 325 ألف ليرة، وهذا المبلغ يؤمن تغطية خَمسَ حاجات أساسية هي: الغذاء، والسكن، والملبس، والصحة، والتعليم، بينما وسطي الأجور لا يتعدى ال35000 ليرة سورية، فكيف ستستقيم الأمور المعيشية في الفرق الهائل بين الرقمين، الأجور وتكاليف المعيشة، الذي أشرنا إليه، سؤال يطرحه الفقراء السوريون على أصحاب العقد والربط في الحكومة، التي تمطرنا عبر الإعلام والإعلام فقط، بسيل هائل من الوعود الخلبية التي تتبخر مع الانتهاء من التصريح، وهذه التصاريح الرنانة، ليست فقط بالجانب المتعلق بالوضع المعيشي فقط، بل تمتد إلى مجمل المطارح الاقتصادية «صناعة– زراعة» التي تئن من وطأت التدابير الحكومية وعجزها عن تأمين مستلزماتها من مشتقات نفطية، ومستلزمات إنتاج، وأطلقت العنان لتأمين تلك المستلزمات لغيرها بما يرفع التكاليف على الصناعيين بسبب أسعارها المرتفعة والمتعددة مما سيعني ذلك أيضاً ارتفاع أسعار مبيعاتها أو تصديرها، وهذا الأمر يجعل العجز عن تصريف البضائع المنتجة هو سيد الموقف والمصير المحتوم لتلك الصناعات، وهو التوقف عن الإنتاج، وهو ما يتم الآن للكثير من الصناعات التي تشغل ألاف العمال المهددين بخسارة عملهم، إن لم يجرِ تداركٌ للوضع وإعادة تأمين ما تحتاجه الصناعة.
إن السياسات الليبرالية المحابية باتجاهها الرئيس للاستثمار بالجانب الريعي، الذي يحقق أرباحاً هائلة لأصحابها، ولا تفيد في حل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية من فقر وبطالة وتهميش، ولا تؤدي لتشغيل المعامل التي تضع الحكومة العصي في عجلات دورانها، وتتحمل المسؤولية الأساسية فيما وصلت إليه أوضاع الناس والصناعة، التي هي شبه متوقفة.
هذا الواقع هو غيض من فيض، ولا ندري كم ستكون منعكسات هذا الواقع على الصناعة والزراعة، وعلى الاقتصاد الوطني، والمدد الزمنية التي سيستغرقها هذا الوضع، مما يعني إهداراً للطاقات والقدرات والإمكانات الكبيرة التي بنيت خلال عقود على مذبح الاستثمار الجائر في الاقتصاد الريعي المصرفي والسياحي والبناء وغيره، وعلى حساب الاقتصاد الحقيقي الذي به وبه فقط سينهض الاقتصاد الوطني، الذي هو خشبة الخلاص لكل الأزمات التي يعاني منها شعبنا بأغلبيته الفقيرة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
908