الموظف يتجمد في مكتبه

الموظف يتجمد في مكتبه

تصادف على لوحة الإعلانات في الدوائر والمؤسسات الحكومية وجود إعلان بعدم السماح باستخدام السخانات والمدافئ الكهربائية تحت طائلة حجزها، نتيجة ما تسببه من ضغط هائل على الشبكة الكهربائية، حسب ما تذيل به هذه الإعلانات عادة، ولكن ليس بيد الموظف من حيلة أخرى سوى اللجوء إلى هذه السخانات للوقاية من التجمد أثناء عمله.

من هذا الإعلان نلاحظ مدى معاناة الموظفين من البرد، حيث يتجمد الموظفون أثناء عملهم، وخاصة بعد قرار الحكومة الصادر في منتصف عام 2017 والذي ينص على وقف استخدام التدفئة المركزية في المؤسسات وتخفيض استخدام المحروقات (بنزين ومازوت) إلى النصف، بحجة سياسة تخفيض وترشيد النفقات التي تتبعها الحكومة، وكل هذا على حساب الموظف البسيط، في حين تبقى أجنحة الوزراء وغرف المدراء دافئة طوال أوقات الدوام، حيث يسمح لهم باستخدام ما يحلو لهم للتدفئة لدرجة أنك تتصبب عرقاً من الجو الحار في مكاتبهم، عكس ما يطبق على الموظفين والعمال، حيث تكون غرفهم أشبه ببرادات أو ثلاجات، ومن الطبيعي أن يتسبب هذا الوضع في إصابة العمال بأمراض عديدة بسبب البرد، وهم ملزمون بالدوام 8 ساعات في جو بارد، وفوق ذلك ممنوعون من استخدام أية وسائل أخرى لتدفئة أنفسهم.
ألا يعتبر توفير جو مناسب ولائق للعمل حقّ للموظف على الحكومة ومن أهم معايير منظمة العمل الدولية وليس مِنّة من أحد أو أشياء كمالية كما تفهمها الحكومة؟ ألا يكفي هذا الموظف عدم قدرته على تأمين وسائل التدفئة في منزله فوق ذلك يحرم من التدفئة في مكان عمله وطوال 8 ساعات يومياً؟
لائحة طويلة من الواجبات والمحظورات على الموظف في قانون العاملين الأساسي في مقابل عدم وجود مادتين أو ثلاث تنص على حقوق الموظف في القانون وشروط وظروف عمله الذي على الحكومة الالتزام به، ولا تسامح البتة مع تحصيل الحكومة لحقوقها من موظفيها، بل يتم التشديد عليهم وعدم مراعاة أية ظروف مروا فيها خلال الأزمة، أما الموظف فعليه أن يعمل بوطنيته ويغفر لحكومته ويقدم ما يطلب منه دون شكوى أو تذمر، ولو على حساب صحته فكل ذلك في سبيل الوطن؟