مشفى صلخد... نقطة عبور!

مشفى صلخد... نقطة عبور!

بني مشفى صلخد بتاريخ 21/8/2005، وفق أفضل المخططات، وزودت بأحدث التجهيزات، حيث تتسع لـ 208 أسرّة، والمساحة المبنيّة للمشروع 18 ألف متر مربع والمساحة الطابقية 500 متر مربع ومساحة العقار 30 ألف متر مربع، وتضم أيضاً أقساماً متطورة للعمليات والعناية المشددة والكلية الصناعية، والجراحة بمختلف اختصاصاتها، وأجهزة اختبار الجهد ووسائل استقصاء شعاعي متقدمة، وتصوير طبقي محوري بالإضافة إلى قسم الإسعاف، حيث بلغت القيمة الإجمالية لإنشائها مليار ليرة سورية.

 

فندق أم مشفى
بعد سنوات عدة من افتتاحها، أصبح هذا المشفى بكل ما تمتلكه من مقومات أقرب ما يكون إلى فندق، حسب ما أفاد به أهالي مدينة صلخد لـ قاسيون، حيث أكدوا تدني وتراجع أداء المشفى من حيث الأرقام وطاقم العمل والخدمات الطبية المقدمة، مقارنة بالسنوات المنصرمة، وقد علمت قاسيون من مصادرها: أن المشفى في السابق وكمعدل شهري، كان يستقبل في غرف العمليات أكثر من 400 مريض شهرياً، وبقسم الإسعاف 3000 حالة،أما العيادات الخارجية نحو 1700 حالة، والمقبولون شهرياً 650 مريض بأقسام المشفى كافة، وكان معدل الولادات 100 حالة شهرياً، وأجريت أكثر من 100 عملية جراحية نوعية على مستوى سورية، مما جعل للمشفى اسماً مرموقاً نظراً لجودة العمل والتنظيم.
بالإضافة إلى تواجد معظم الأخصائيين بالاختصاصات كافة ليلاً نهاراً، مما كان يوفر الخدمات الطبية لأغلبية الحالات معظم الوقت، وكان بالنتيجة عدد الحالات المحولة إلى مشفى السويداء ضئيل جداً.
أما إحصائيات اليوم، فهي لا تتجاوز ربع طاقة عمل المشفى سابقاً إن لم تكن أقل. فالعمليات لا تتجاوز 90 حالة، والولادات لا تتجاوز العشرة ومعظمها يحول إلى مشفى السويداء، أو المشافي الخاصة، والحالات المسجلة شهرياً نحو 200 مريض، على الرغم من ارتفاع عدد المرضى ومستوى خدمتهم في العيادات الخارجية، التي تقدم الخدمات السنية والعينية والمخبر والأشعة والتصوير الطبقي المحوري.
أحد الأطباء المقيمين تحدث لقاسيون قائلاً:
إن عدد الأطباء المتواجدين اليوم على أرض الواقع، وليس على الورق والجداول، يكاد يكون معدوماً لبعض الاختصاصات، وشحيحاً جداً لاختصاصات أخرى، والموجود اليوم من الكادر، العظمية: طبيبان فقط بمواعيد غير ثابتة. النسائية: طبيب واحد. أطفال: طبيب واحد. كلية: لا يوجد، وسابقاً كان يتواجد 3 أطباء رغم توفر كامل مستلزمات ومعدات القسم من أجهزة وسواها، وكادر تمريضي متخصص. جراحة عصبية: طبيب واحد. داخلية عصبية: لا يوجد، وسابقاً كان هناك طبيبان. بولية: طبيبان. أذنيه: ثلاثة أطباء. عينية: ثلاثة أطباء. تخدير: ثلاثة أطباء. قلبية: طبيب واحد. داخلية: طبيبان. جراحة عامة: ستة أطباء. عناية إسعافيه: لا يوجد وسابقاً كان هناك طبيبان.
إن قلة الأطباء أدت إلى تحويل معظم الحالات المرضية إلى مشفى السويداء الوطني، والمشافي الخاصة الأخرى، وذلك لأسباب التالية:
عدم وجود أخصائيين. عدم وجود طبيب مقيم يستطيع التعامل مع الحالات. وعدم وجود جناح عسكري. وعدم التزام الأخصائيين المناوبين. رغبة بعض الأطباء بتحويل مرضاهم إلى مشافي خاصة، لتتم معالجتهم من قبل الطبيب نفسه، مما سبب ضغطاً كبيراً على مشافي السويداء وعلى سيارات الإسعاف والسائقين. وقد أكد أحد الممرضين في المشفى وجود بعض الأطباء الذين يحملون على عاتقهم أعباء المشفى والكادر التمريضي والطبي الجبار الذي يعمل بكامل طاقاته من أجل إنجاح عمل المشفى.
إن انخفاض أداء خدمات المشفى الأساسية إلى الربع، يجعل البعض يعتقد أن الأسباب هي ضعف الميزانية العامة، لكن العمال في المشفى يؤكدون أن ميزانيته كبيرة وضخمة.
أحد فنيي صيانة الأجهزة الطبية تحدث لقاسيون:
إن عدد من الأجهزة الطبية في الهيئة العامة لمشفى صلخد لا يعمل لعدم وجود كادر مختص ضمن المشفى، لاستثمار تلك التجهيزات الطبية الهامة، ووجود أعطال في بعض تلك الاجهزة، مما يبقي عمل المشفى مقتصراً في حالات كثيرة على استقبال الحالات الأسعافية، وتحويل المرضى إلى المشفى الوطني في السويداء، ما جعل من مشفى صلخد نقطة عبور للمرضى، وخاصة مع ما يعانيه من نقص الأطباء وقلّة في الكادر الفني ليبقى جوهر الإشكالية، في عدم وجود آلية عمل صحيحة لاستثمار تجهيزات المشفى.
مطالب عمالية ملحة
تحدث العمال عن مجموعة من القضايا المطلبية الهامة لهم، والتي يتم تدويرها من مؤتمر نقابي لآخر وتتلخص فيما يلي:
1_ تشميل العاملين في مشفى صلخد والتعاقد معهم من قبل شركات التأمين الصحي كمقدم خدمة أسوة بالمشافي الخاصة.
2_ إعادة النظر بتوزيع الحوافز في مشفى الباسل بحيث تصبح أكثر عدالة ومتناسبة بين جميع العاملين في المشفى.
3_ تأمين النقل الجماعي للعاملين للتخفيف عن أجورهم الهزيلة.
4_ رفع القيمة المالية للكساء العمالي في ميزانية المشفى.
5_ زيادة عدد الصرافات الآلية في المحافظة وتحديثها.
6_ توحيد قيمة التعويض العائلي لجميع أفراد الأسرة، ورفع قيمته بما يتناسب مع تكاليف المعيشة.
7_ تقديم الوجبة الغذائية لعمال الأشعة والمناوبين في المراكز الإسعافية في الريف.
8_ زيادة عدد الأطباء المقيمين في الهيئة العامة لمشفى صلخد وتكليف الأطباء الأخصائيين بالدوام في المشفى.
أقسام وغرف فارغة أين المرضى؟!
أثناء تواجد قاسيون في المشفى لاحظت وجود 10 إلى 15 سريراً تم إشغالها من المرضى، ولدى السؤال عن عدد الآسرة تبين أن المشفى يحتوي على 136 سريراً إضافة إلى وجود 268 ممرضاً وممرضة إضافة إلى حوالي 29 طبيباً ولكن يبقى السؤال: أين المرضى؟
إن موازنة استثمار المشفى تتجاوز سنوياً مئات الملايين لشراء التجهيزات والمعدات وصيانة المباني، ويبقى السؤال المطروح من أهالي المنطقة عبر قاسيون: لمن يتم شراء تلك المعدات والتجهيزات؟ ما جدوى تسمية مشفى صلخد بالهيئة العامة، وهو لا يقدم الخدمات الطبية المطلوبة ضمنه، والتي كانت سبباً في إحداثه؟
ولماذا لا يتم إعادة النظر في تسمية مشفى صلخد بالهيئة العامة وفصلها عن مديرية الصحة؟ لأن زوال صفة الهيئة بمرسوم كما جرى تسميتها بمرسوم يضمن الاستثمار الأمثل لتجهيزات ومعدات المشفى الطبية التي تساوي مئات الملايين، والتي يفتقد المشفى الوطني لها رغم الضغط الكبير الذي يشهده المشفى، والذي تتجاوز فيه نسبة الإشغال في كثير من الأشهر 140% إضافة إلى أن رفع صفة الهيئة يضمن تدخل مديرية الصحة برفد المشفى بأطباء من جميع الاختصاصات عن طريق العقود.
لا بديل عن عودة المشفى، وتفعيله بالشكل المطلوب، لتقديم الخدمات الطبية، لأنه الملجأ الوحيد لمرضى المنطقة، وخاصة الذين لا يستطيعون تحمل أعباء مصاريف المشافي الخاصة. فمن المجيب ومن المسؤول؟