الإعلام الرسمي وحق الإضراب
إيفان علي إيفان علي

الإعلام الرسمي وحق الإضراب

يلعب الإعلام دوراً مهماً في تكوين الرأي العام حول أية قضية يريد تسليط الضوء عليها، وبالتالي التأثير على الموقف من هذه القضية أو تلك، وخاصة إذا كان الموضوع يتعلق بمصالح فئة أو طبقة تتعرض مصالحها للاستغلال فالإعلام يلعب ذاك الدور في التلاعب بالوعي العام لصالح أو ضد القضية المطروحة، وخاصة إذا كان الإعلام يعبر عن مصالح تلك الطبقة التي تستغل وتستثمر في مصالح الطبقات الفقيرة كالفلاحين والعمال ومعظم العاملين بأجر... «قاسيون» ترصد كيف تعاملت الصحافة الرسمية وشبه الرسمية إعلامياً مع بعض الإضرابات العمالية، أو حالات التوقف عن العمل، أو الاحتجاج على ضعف الأجور والقضايا الحقوقية الأخرى.

كيف تعاملت وسائل الإعلام الرسمي مع حق الطبقة العاملة السورية في الإضراب عن العمل سابقاً؟ وكيف تعاملت معه الآن؟ مثالان يستطيعان اختصار ذلك، وفي زمنين مختلفين.
جريدة الوحدة عام 1988
توقف أكثر من 2000 عامل وعاملة عن العمل في معمل التبغ الورقي في اللاذقية لمدة يومين بتاريخ 10-11 كانون الثاني 1988، وذلك احتجاجاً على سوء توزيع المكافأة التشجيعية السنوية عليهم.
كان مبلغ المكافأة حوالي 700 ألف ليرة سورية، وزع منها 42 ألف ليرة سورية فقط على العمال، واستأثر بالباقي: المدير وبعض المسؤولين في الإدارة. طالب العمال بتوزيع عادل للمكافآت، إضافة لتأمين المواصلات المجانية، أسوة ببقية العمال في المنشآت الأخرى وتوزيع ألبسة العمل، إضافة إلى توزيع مواد المؤسسة الاستهلاكية على العمال جميعهم بشكل متساوٍ وليس على الإدارة فقط. تدخل المسؤولون في اللاذقية ودمشق ووعدوا العمال بتلبية مطالبهم.
نشرت جريدة الوحدة التي تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة والتوزيع والنشر في اللاذقية، في أحد الأعداد منتصف كانون الثاني 1988 مقالاً افتتاحياً عن إضراب العمال في معمل التبغ، وأعلنت تضامنها مع العمال وأيدت مطالبهم، وطالبت بمحاسبة المسؤولين عن ذلك. «نقلاً عن جريدة نضال الشعب العدد 414 أواخر شباط 1988».
الصحف المحلية 2015 -2016
نشرت بعض الصحف المحلية في الإعلام الرسمي وشبه الرسمي، مواداً عن عدد من الإضرابات التي حدثت خلال الأزمة في سنوات 2015 – 2016.
نشرت جريدة الفداء التي تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة والتوزيع والنشر في محافظة حماة، في العدد 15060 تاريخ 30 حزيران 2015 مقالاً عن أزمة النقل بين مدينتي حماة والسلمية، وكتبت: إن سبب الأزمة هو: إضراب سائقي سرافيس النقل الذين توقفوا عن العمل لأن تسعيرة الراكب الواحد لم تعجبهم وبسبب أزمة ارتفاع أسعار مادة المازوت. أضافت الصحيفة أزمة المواصلات على خط السلمية – حماة أزمة استعصت على الحل، ويتجرع المواطنون والطلاب مرارتها!  
بينما كتبت جريدة الوطن مقالاً عن فرع المؤسسة الاستهلاكية في محافظة السويداء في شهر حزيران 2016، جاء في المقال: إن صالات المؤسسة الاستهلاكية فارغة في السويداء، بسبب إضراب العمال عن العمل احتجاجاً على تدني أجورهم، ووضعت سبب ذلك توقف العمل على العمال.
مقارنة
جريدة الوحدة في مقالٍ افتتاحي سلطت الضوء على إضراب عمال التبغ في اللاذقية والنار على الفساد الذي أكل وقضم حقوق أكثر من 2000 عامل وعاملة في المعمل، وتضامنت الجريدة الرسمية مع العمال وطالبت بمحاسبة الفاسدين.
بينما قفزت جريدتا الفداء الرسمية، والوطن الخاصة شبه الرسمية، عن الأسباب التي أدت إلى الإضراب وحاولت الأولى وضع الحق على السائقين في أزمة المواصلات على خط حماة_ السلمية، بينما ألصقت الثانية سبب توقف العمل في استهلاكية السويداء على عمال العتالة أصحاب الأجور المنخفضة. ولم تقترب الصحيفتان حتى من الفساد الذي تسبب بمأساة العمال ومعاناة السائقين. 

معلومات إضافية

العدد رقم:
835