التأمين الصحي هل مازال موجوداً ؟
ميلاد شوقي ميلاد شوقي

التأمين الصحي هل مازال موجوداً ؟

يعد التأمين الصحي، من أهم الخدمات الاجتماعية، التي تقدمها الدولة لذوي الدخل المحدود، والتي من المفترض أن تؤمن لهم علاجاً مجانياً لهم ولأسرهم وتحمل عن كاهلهم عبء العلاج وتكاليفه وخصوصاً في هذه الظروف حيث ارتفعت تكاليف الطبابة والدواء والعمليات الجراحية، إلى مستويات خيالية وباتت أغلب شرائح المجتمع غير قادرة على تحملها .

 

بالإضافة إلى العديد من التعقيدات والعقبات الموجودة والتي تؤدي في النهاية إلى عدم استفادة العامل من التأمين الصحي وذلك لعدة لأسباب منها: ما يتعلق بشركات التأمين وسوء عملها ومنها ما يتعلق بالمؤسسات الصحية مثل :( الصيدليات والمخابر والمشافي و العيادات الخاصة) التي تتهرب من التعامل مع مؤسسات التأمين، ولم يتم إيجاد طريقة مناسبة لإلزامها أو محاسبتها خلال الفترة الماضية، وكل طرف يرمي بالمسؤولية عن فشل نظام التأمين الصحي على الطرف الآخر، حتى بات العامل يدور في حلقة مفرغة وضاع حقه في الحصول على علاج مجاني.

مشكلة التهرب 

الأزمة وتداعياتها أيضاً، كان لها الدور الكبير في تهرب الكثير من المؤسسات الصحية، من التعامل مع شركات التأمين، نتيجة لعدة عوامل، منها فمن جهة  ارتفاع تكاليف الاستشفاء بمراحله كافة (الطبيب، المشافي، الأدوية، التحاليل، التصوير بكافة أنواعه) ومن جهة أخرى ما يتعلق منها ببطء صرف الشيكات والانتظار لأشهر عدة  حتى يتم صرف الشيكات المحولة لشركات التأمين  . هذا ما أدى إلى انسحاب  العديد من الصيدليات ورفضها قبول التعامل مع شركات التأمين حيث باتت عبارة لا (نتعامل مع مؤسسات التأمين موجودة على أبواب أغلب الصيدليات) وخصوصاً بعد تخفيض قيمة الوصفة الطبية   ( حيث حدد سقف كل وصفة طبية حدد ب  3000 ليرة سورية فقط ) رغم كل ما طرأ من ارتفاع على أسعار الأدوية خلال الأزمة .

 عدا عن أن بعض الصيادلة، باتوا يشعروا بالغبن، حسب وصفهم لأن شركات التأمين أو الشركات الوسيطة تحسم مبلغ 3-5 % من مجمل قيمة وصفة الدواء عندما تكون النسبة الصافية لربح الصيدلي لا تتجاوز 13 - 14 % من قيمة الوصفة ؟ ومن غير المعقول  أن تقبض الصيدليات ثمن وصفات التأمين المصروفة للمستفيدين بعد 3 - 6 أشهر من صرفها .... مما يؤدي لتجميد مئات الألوف وحتى ملايين من رأس مال كل صيدلية لأشهر عديدة في جيوب شركات التأمين.

الأطباء المتعاقدون مع شركات  التأمين، أغلبهم لا يقومون بتقديم الخدمات المطلوبة منهم وفق عقد التأمين، ولا يقومون بفحص المريض بما يميله عليهم واجبهم الطبي والإنساني، بحجة أن مبلغ الوصفة لا يغطي ثمن المعاينة أو يقوم بأخذ باقي ثمن المعاينة نقداً من العامل، وهكذا يكون العامل قد دفع من راتبه الضئيل أصلاً كلفة علاجه، بدلا من أن يتحملها رب العمل ويضيع حقه في الحصول على التأمين الصحي مجاني.

المخابر الطبية  من جهتها، باتت اليوم جميعها ترفض التعامل مع مؤسسات التأمين بسبب ارتفاع أسعار المواد الكيماوية وعدم تغطية الوصفات الطبية لربع تكاليفها إضافة لمعاناتها أيضاً في التأخر في الصرف مستحقاتها . 

دور شركات التأمين 

الخاسر الأكبر في هذه الدوامة الطويلة من التعقيدات والتفاصيل، هو العامل الذي ضاع حقه في الحصول على  ضمان صحي مجاني والرابح الأكبر على ما يبدو هي شركات التأمين، التي يعود إليها السبب الرئيسي في تعقيد هذا النظام، وإفشاله من حيث تأخرها في صرف المستحقات، وطلبها للعديد من الوثائق والطلبات التعجيزية لكي يثبت العامل أنه مريض وبحاجة إلى علاج،واقتصار وصفاتها على الأدوية المحلية فقط رغم فقدان أغلبها في الأسواق، نتيجة للحرب، بحجة أنها غير معنية بتغطية قيمة  الدواء الأجنبي وامتناعها أيضاً عن تغطية بعض أنواع من الأدوية، تحت حجج عديدة !

إدخال المشافي الحكومية 

أهم الحلول المطلوبة اليوم هي: التعامل بحزم مع  شركات التأمين وإلزامها بصرف مستحقاتها بالوقت المحدد ثانياً: رفع قيمة وصفات التأمين ليغطي تكاليف العلاج ونفقاته بشكل كامل، وبما يتناسب مع ارتفاع تكاليف العلاج .

وإدخال المشافي العامة في التأمين الصحي، عبر تخصيص أجنحة خاصة لمرضى التأمين الصحي وإنشاء صيدليات عمالية، بما يخفف على العامل عبء البحث عن صيدلية، ويضمن حصوله على التأمين المرجو بالطريقة الأمثل .

المتقاعدون أيضاً ؟

ومن المهم أيضاً، لحظ شريحة كبيرة من المجتمع -ألا وهم المتقاعدون- تحت مظلة التأمين الصحي، فمع تقدم الإنسان بالعمر تزداد الحالات المرضية عنده، ولا يجد التأمين الصحي، مع العلم أن راتبه التقاعدي قد انخفض والكثير لا يستطيع المعالجة في المستشفيات والعيادات الخاصة .                                                                                           

معلومات إضافية

العدد رقم:
789