عادل ياسين عادل ياسين

بصراحة الفقر.. هل هو قدر العمال المحتوم؟!

في معظم المؤتمرات العمالية، والاجتماعات الموسعة التي كانت تعقد مع الكوادر العمالية تكون الإجابات على تساؤلات هذه القيادات فيما يتعلق بغلاء الأسعار،

وضعف الأجور وعدم تناسبها مع الأسعار، إن الأجور قد ازدادت منذ عام 2000 وحتى الان 110% أي هناك تحسن واضح على الأجور قد تم كما تقول تلك الإجابات، وحسب هذا القول يجب أن يظهر هذا التحسن في الأجور على مستوى معيشة العمال، وقدرة تلك الأجور على مجاراة الغلاء الحاصل ولكن واقع الحال يقول عكس ذلك فالزيادة التي جاءت على الأجور زيادة اسمية، ومتآكلة باستمرار لأن الأجور لاتستطيع تأمين الحد الأدنى لمتطلبات العمال المعيشية بسبب الغلاء المستمر والمتصاعد والذي يقضي على أي تحسن قد يطرأ على الأجور، على الرغم من تأكيد الحكومة الدائم  وخاصة خبراءها الاقتصاديين على سلامة الاقتصاد الوطني وعافيته، وتطور نسب النمو والقابل للزيادة، اعتماداًعلى خطط الحكومة الخارقة في دفع عجلة الاقتصاد الوطني إلى الأمام من خلال قدوم الاستثمارات الواقفة على الدور على أبواب سورية منتظرة دورها في الدخول إلى دهاليز الاستثمار السورية بكل قوة، ولكن بماذا تستثمر؟ وبأي اتجاه؟ لايهم!!

إن الحكومة تسير مسرعة بتحقيق برنامجها الاقتصادي مؤمّنة كل مايلزم لقوى السوق الكبرى، وحلفائهم الخارجيين الممثلين للرأسمال المعولم، من أجل الدخول إلى الاقتصاد السوري من أبوابه الواسعة والاستثمار فيه دون النظر إلى النتائج السياسية والاجتماعية والاقتصادية المترتبة على عمليات الاستثمار المنتقاة هذه، والمتركزة بمعظمها في الجانب السياحي والعقاري، والتي تكون عائداتها سريعة ودورة الرأسمال فيها سريعة وقصيرة أيضاً.
وبالمقابل فإن الحكومة لاتحرك ساكناً تجاه فقراء شعبنا، وخاصة الطبقة العاملة السورية، فهم يرزحون تحت نير الفقر الذي لايرحم، وعوزهم الدائم الذي يفتح عليهم أبواب جهنم لما تحتاجه الحياة اليومية من متطلبات وخاصة في محال الصحة والغذاء والكساء والتعليم، دون أن يجد هؤلاء العمال والفقراء لصوتهم صدى يدوي في أرجاء الغرف والصالونات الحكومية، وكأن الحكومة قد سدت أذنيها، وأغلقت عينيها عما يحدث في الواقع من المخاطر الاجتماعية والسياسية التي سيولدها استمرار التغاضي والتطنيش عن هذه الأوضاع، خاصة أن وطننا يمر عبر مجاهل مرحلة خطرة يتهدده العدوان فيها بأية لحظة، وكاد الوطن أن يدخل الحرب من بابها الواسع لولا فشل الخطة الأمريكية الإسرائيلية في ساحات المعارك في جنوب لبنان، وقدرة المقاومة على الصمود الأسطوري المستند إلى التفاف شعبي كبير حول المقاومة والتي شكلت عنصراً مباشراً من عناصر تأجيل العدوان والذي قد يحصل في أية لحظة لأن العدو الصهيوني الأمريكي في مأزق حاد في العراق وأفغانستان والآن في لبنان، ويحتاج إلى مخرج ليعيد الاعتبار لآلته العسكرية، ومخرجه الوحيد يكمن في توسيع رقعة الحرب. ومن هنا ننطلق في طرحنا لمسألة الأجور والمستوى المعيشي لشعبنا والطبقة العاملة.
إن العمل على خلق مقومات الصمود المختلفة ومنها المستوى المعيشي للفقراء سيجعل هزيمة العدو ممكنة لأن هذا الشعب سيقاوم ويقاوم كما هي تجارب كل الشعوب في مقاومة العدوان والاستعمار، لأن تحقيق عوامل الصمود الرئيسية تلك والتعبئة العامة والتنظيم الدائم هي من عوامل النصر الحقيقية في المعركة القادمة.
إن قضية الأجور والنضال لزيادتها زيادة حقيقية ومن مصادرها الحقيقية قضية وطنية من الدرجة الأولى ينبغي السعي الحثيث من أجل تحقيقها وهذا يقع على عاتق كل القوى الوطنية والتي خطها الأساسي مواجهة العدوان الخارجي، ومواجهة قوى السوق الكبرى ومواجهة الفساد وخاصة الكبير منه، والتي تشكل الحركة النقابية جزءاً هاماً من تلك، القوى الوطنية المواجهة.
إن التطورات الجارية السياسية منها والاقتصادية تقتضي من النقابات رؤية جديدة وخطة عمل جديدة تمكنها من الدفاع عن مصالح العمال وحقوقهم في وجه الهجوم الشرس على حقوق العمال وعلى ممثليهم أيضاً، وإن الاستمرار في ترداد أن وضع الأجور قد تحسن وفقط لايخدم على الإطلاق قضية الطبقة العاملة ومصالحها، وإلا ماذا يعني قيام العمال بإضراباتهم من أجل تحصيل أجورهم وحقوقهم المستحقة؟ وأيضا ًماذا يعني أن يقول بعض الكوادر النقابية: إن عمال الشركات المتوقفة أو التي في طريقها إلى التوقف سوف يسيرون على خطى عمال البناء الذين يضربون من أجل أجورهم.
إن الطبقة العاملة السورية لن ترضى بالبقاء طويلاً على ماهي عليه من سوء، بل ستشق طريقها باتجاه دفاعها عن كرامتها وكرامة الوطن.

معلومات إضافية

العدد رقم:
283