رياض اخضير رياض اخضير

أبطال الإنتاج.. بين البيروقراطية والنيوليبرالية

الحماسة الثورية التي سادت في الاتحاد السوفييتي بعد ثورة أكتوبر والانتصار على التدخل الامبريالي وهزيمة الحرس الأبيض في الحرب الأهلية ساهمت في تطوير القوى المنتجة بسرعة مذهلة، إن روسيا التي كانت في بداية القرن العشرين من أواخر البلدان الأوربية صناعياً، أصبحت في الثلاثينيات من القرن الماضي من أوائل الدول المتقدمة في العالم، حققت الاشتراكية خلال خمسة عشر عاماً ما احتاجت الرأسمالية إلى مئة عام لتحقيقه.

ابتدع الشغيلة أشكالاً جديدة لتشجيع المنتجين الذين يتفانون في سبيل زيادة الإنتاج، لم تعرفها الرأسمالية أبداً، من ضمنها بطل العمل الاشتراكي وبطل الإنتاج.. هذه الأساليب في تقدير الإنسان المنتج عززت الروح الثورية لدى الطبقة العاملة وزادت من وتيرة الإنتاج، الأمر الذي وطد دور النظام الاشتراكي على الصعيد العالمي.

سفّهت البيروقراطية كل القيم الروحية للمجتمع الاشتراكي بما فيها أساليب تشجيع الكادحين، فأصبحت المحسوبيات والواسطات ومدى الخضوع للإدارات هي المعيار الأساسي للحصول على لقب بطل العمل الاشتراكي، الأمر الذي أدى إلى لامبالاة العمال تجاه هذه الألقاب وتجاه الإنتاج، وأدى كل ذلك في النهاية إلى غربة الشغيلة عن العمل كما هي الحال في المجتمع الرأسمالي. في بلدان حركة التحرر الوطني تكررت المأساة، حيث فساد البيروقراطية كان علنياً بصفاقة ودون خجل .

تحت تأثير التوجهات التقدمية في السبعينيات تطورت الصناعة والزراعة في سورية بصورة واضحة، وساهمت أساليب تشجيع الكادحين أعلاه في جذب العمال والفلاحين للتفاني في سبيل زيادة الإنتاج لحماية البلد من المشاريع الإمبريالية والصهيونية، لكن سيطرة البيروقراطية على أجهزة الدولة فرّغت لقب بطل الإنتاج من محتواه وحولته إلى فلكلور، ولم ينج هذا اللقب السامي من التندر، فقد سخرت قوى الفساد السافلة هذه الألقاب لإخضاع المنتجين وتشكيل الولاءات و(الأزلام).

الانتقادات المستمرة لأسلوب اختيار أبطال الإنتاج في الاجتماعات الحزبية والنقابية، أدت إلى نتيجة أخيراً، حيث نال بعض المجدين في مستودع إصلاح القاطرات في جبرين حقهم ونالوا لقب بطل الإنتاج، من ضمنهم عبد الناصر شامية، عبدو شرفو، محمود حاج علي، أحمد حاج أحمد، محمد بيجو، محمود نجار، وهم أبطال حقيقيون غير أبطال المحسوبيات والواسطات، فهل هناك توجهات جديدة لاختيار أبطال الإنتاج أم أنها ذر الرماد في العيون؟

إن الطبقة العاملة تطالب بتقييم العمال حسب كفاءتهم وإخلاصهم في العمل لإعادة الاحترام لهذا اللقب السامي، كما أنها تطالب بزيادة قيمة المكافأة المالية، لكي لا يبقى العمال يعيشون على الروحانيات، وتعيش البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية في بذخ سلاطين ألف ليلة وليلة على حساب جهود الكادحين ونهبها للاقتصاد الوطني؟.

آخر تعديل على الأربعاء, 14 كانون1/ديسمبر 2016 15:33