الدعم ممنوع... والعتب مرفوع

هبت أعاصير الأسعار عاصفة بالقلوب، مفرغة ما بقي في الجيوب الفارغة، ضاربة بعرض الحائط واقع الشعب السوري السيئ، لتصدمه الحكومة بجلساتها الكهربائية وجولات جنونها الهستيرية مثقلة كاهله بأعباء تنوء من حملها الجبال.

دون انتظار وبعد الارتفاع المدوي للأسعار الذي فاقت قدرته التدميرية الأسلحة النووية، تهاوت ملاجئ الفقراء والكادحين والمستضعفين من أبناء الوطن، وأطل رئيس الوزراء بتفاؤله المرعب وتحليلاته الأفلاطونية فقال: (الدعم مازال 50 % على المازوت مقارنة بكلفة الإنتاج)، ولم يحدد لنا الإنتاج في أي بلد يعني؟ فحتى إذا كان قصده الولايات المتحدة الأمريكية مرشده الاقتصادي، فتصديقه شبه مستحيل، فكيف إذا أخذنا إحصاءه على الإنتاج السوري، هنا سنكتفي بالقول: إن هذه مبالغة كبيرة ولن نضيف المزيد، وفهمكم كفاية! فإنتاج برميل النفط الواحد في الوطن العربي بمجمله يعد الأقل تكلفة بين دول العالم، وذلك لسببين أولهما: وجود النفط قرب سطح الأرض، وثانيهما: رخص الأيدي العاملة.

فالعراق مثلا: تعادل تكلفة إنتاج برميل النفط فيه دولاراً أو دولارين فقط، فمن أين جاء بهذه النسبة الوهمية؟.

ثم تابع: (إن الحد الأدنى لدخل الفرد ارتفع من 100 دولار إلى 125 دولاراً)، متناسياً ومتجاهلاً عن قصد أنه أعدم الشعب بزيادة أسعار المحروقات 250 %، فالمطلوب منطقياً سلة متكاملة من الحلول الاقتصادية، بمعنى أن يتساوى على الأقل ارتفاع الدخل مع ارتفاع الأسعار، وهذا ما تفتقده الحياة الاقتصادية السورية.

ونسأله وطاقمه: لماذا يتعاملون معنا -نحن شعبهم - بأسلوب الكيل بمكيالين اقتصادياً - اجتماعياً، ويستغربون من أمريكا والدول الأجنبية العدوة أن تتعامل معهم بموجبه سياسياً؟

وقال أيضاً: (إن15 % من المازوت المدعوم هُرّب إلى لبنان عام 2007 م) . فالحكومة وعلى الملأ تجاهر دون خجل بقولها هذا، وكأن إيقاف التهريب ليس من مهامها أو من صلب عملها، واضعة الكرة بملعب الناس، فتحملهم تقصيرها وتخاذلها عن أداء واجبها، فدورها اقتصر على عد العصي وإيجاد نسب لها دون حلول.

والأيام القليلة الماضية أثبتت لنا بوضوح تام أن الأزمة الأخيرة كانت مفتعلة، فبعد رفع الأسعار مباشرة، خلت الكازيات من أصحاب السرافيس والسيارات التي كانت تصطف طوابير وقوافل تستجدي بضع لترات من المازوت.

وصرح وزير النفط الجزائري أن الجزائر لن توافق على طلب منظمة التجارة العالمية برفع أسعار الغاز المحلي بمستوى الأسعار العالمية، وهذا إن دل على شيء فإنه يظهر بوضوح أن طلب المنظمات الدولية كان شاملاً لدول كثيرة، فلماذا رضخت حكومتنا الميمونة المدعية الصمود لتلك المنظمات، أسوة بشقيقتها المصرية المتأمركة التي رفعت أسعار محروقاتها أيضا بنسبة 100 %؟.

وهل نفذ صبر القوى الخارجية من حكومتنا لتجبرها على رفع أسعارها في غياهب الليل، وكلنا يعرف أن الليل أسرار؟.

ونقول لمن يدعون التحول لاقتصاد السوق الاجتماعي: إن تكلفة الدعم للبقرة اليابانية الواحدة تقدر بـ 12 دولاراً يومياً، فلم لاتتعامل حكومتنا مع مواطنيها (إذا اعتبرونا هيك) بمستوى تعامل الحكومة اليابانية مع أبقارها؟؟