الموز واغتراب الفن والإنسان

الموز واغتراب الفن والإنسان

نقلت وسائل الإعلام العالمية واحداً من الأخبار الغريبة: ليست مزحة، موزة تباع بـ 120 ألف دولار! ونشر الظرفاء على وسائل التواصل الاجتماعي بوستات ساخرة وهم يحاولون بيع التفاح الذي بحوزتهم، فلم يشتري أحد، ولا مستهلكين سوى الجمهور المجاني لوسائل التواصل الاجتماعي.

نسختان من عمل «فني» عبارة عن قطعة موز مثبتة على الحائط بلاصق عادي بيعت بمبلغ 120 ألف دولار، وذلك أثناء عرضهما في معرض آرت بازل في مدينة ميامي الأمريكية! وقع هذا العمل الفني الذي حمل اسم Comedian النحات الإيطالي، مارويتسيو كاتيلان، هو نفسه الذي صمم المرحاض الذهبي الذي سرق من قصر في بريطانيا خلال وقت سابق من هذا العام.
اشترى ذلك الفنان الموزة من متجر في ميامي وألصقها على الحائط ثم باعها على أنها عمل فني. كما عُرض وبيع نموذج آخر لها في معرض Perrotin للأعمال الفنية المعاصرة، في العاصمة الفرنسية باريس. وبحسب ما نشره موقع بيزنس إنسايدر الأميركي، فقد بيعت القطعة الأولى بمبلغ 120 ألف دولار، وتم بيع النموذج الثاني بنفس السعر؛ فيما قرر الفنان ومالك المعرض بيع النموذج الثالث بـ 150 ألف دولار.
إذا كان التعبير الاقتصادي للنيوليبرالية هو عدم المساواة الأشد قسوة، والتعبير السياسي لها هو رفع القيود التنظيمية والخصخصة، فإن التعبير الثقافي لها هو النزعة الفنية الاستهلاكية الجامحة بلا شك.
تحولت النزعة الاستهلاكية عند الاتجاهات الفنية السائدة منذ عقود إلى سمة ثقافية في زمن سيادة الاستهلاك النيوليبرالي، وازداد الاهتمام بالبيع أو بمجرد عرض الصور والأصوات التافهة بطريقة الهيمنة على حساب تراجع الاهتمام بالأشياء الضرورية. وكانت محِّركات هذه الاتجاهات تُموَّل ببذخ غريب وواسع الانتشار، بطريقة يؤكِّد أصحابها في رسائلهم الضمنية دائماً: هذه هي السلع الثقافية التي عليكم استهلاكها يومياً، مثل الموزة التي بيعت بآلاف الدولارات! ويقف في مقابلهم ملايين المنهوبين الذين لا يستطيعون تأمين ضروريات الحياة، ولا إنتاج فنِّهم الذي يعبِّر عنهم أو على الأقل فن من هم تحت، مُغيّب عن وسائل الإعلام.

معلومات إضافية

العدد رقم:
945