سيف الجلاء العظيم
عمر هيواني عمر هيواني

سيف الجلاء العظيم

ثمة من يصيبهم الصداع بعد 99 عاماً من شموخ مأثرة ميسلون وسيف يوسف العظمة قائد أركان الجيش السوري ووزير الحربية، وصرنا نشاهد هؤلاء بنسخ تالفة تاريخياً، ومقيتة وطنياً، ينثرون الغبار على رموز الجلاء والنضال ضد الاستعمار الفرنسي بمناسبة ودون مناسبة.

النسخة الأولى: هي تغييب هذه القامة الوطنية عن المشهد السوري، أو الاقتصار على تقديم يوسف العظمة بشكل انتهازي خجول وممل على وسائل الإعلام وكأنه وزير حربية بنغلاديش!
أما النسخة الثانية: فهي أكثر مقتاً بالمعنى التاريخي والوطني، إذ تستيقظ كل التوصيفات الفوالقية، لتوجيه البوصلة نحو تصوير يوسف العظمة كخائن ينتمي للعشيرة الفلانية أو الجماعة الفلانية!
بينما وصل الأمر عند النسخة الثالثة إلى محاولة تمييع هذا الرمز وبيعه في السوق بجانب بضاعتهم الفاسدة أصلاً، وصرنا نشاهد بوستر الشركة الفلانية لبيع بضاعتها مع يوسف العظمة، أو مؤسسة ليبرالية أخرى خنقها الكساد، تستجدي حذاء «العظمة» للإنقاذ بملصق آخر وهكذا.
وفي النسخة الرابعة من هؤلاء، حيث رفعت التبعية الغربية كبرنامج سياسي والليبرالية الجديدة كبرنامج اقتصادي، ارتفعت أصوات التغريب إلى حد الاحتفاء بالاستعمار الفرنسي وبغال عربة غورو بدءاً من محاربة يوسف العظمة علناً، وانتهاءً بالخيانة الوطنية في المواقف السياسية الراهنة.
النسخ الأربع التي تحدثنا عنها ليست منفصلة، بل هي نسخة ليبرالية مقيتة واحدة، ونضيف إلى ذلك التعاطي الرسمي القاصر مع رموز الجلاء، أو محاولة المؤرخين إخراج الأمور عن سياقها.
يوسف العظمة: هو قائد الجيش السوري الذي أبى أن تستعمر سورية دون مقاومة على الرغم من معرفته بأن المعركة خاسرة عسكرياً لا محالة، ولكنه أدرك أن معركة كهذه ستكون وتداً صلباً يحمل الدولة السورية الناشئة ويساهم في تشكيل الهوية الوطنية للسوريين.
ونحن نقف اليوم على أعتاب الولادة الثالثة للجلاء المجيد، وعلى أبواب مئوية ميسلون العظمى، يشمخ سيف الجلاء في الشرق العظيم، لتشتيت الغبار الخارجي والداخلي العالق بالوطن، يشمخ ذلك السيف كما حمله يوسف العظمة بالضبط، وليس كما تُصوره النسخ الليبرالية المختلفة اليوم. ومثل ذلك السيف الشامخ، سيردد السوريون نشيد ميسلون في المستقبل القادم.

معلومات إضافية

العدد رقم:
910