رشيد كرد ...  أديب سجن المزة
لؤي محمد لؤي محمد

رشيد كرد ... أديب سجن المزة

بتاريخ 20/1/1968 رحل «رشيد كرد» أحد أبرز الوجوه الأدبية والسياسية في الجزيرة، وودعت المحافظة ابنها البار في أكبر جنازة عرفتها عامودا في تاريخها.

من هو رشيد كرد؟
اسمه رشيد محمد رشو في السجلات التركية، ورشيد محمد علي في السجلات السورية. مواليد روشات في ماردين 1903. انتسب إلى دار المعلمين، ووقف ضد سياسات التمييز المطبقة بحق الشعب الكردي، فتعرض للاعتقال وحكم عليه بالإعدام، لكنه تمكن من الهرب إلى سورية. اتخذ قراراً بالعودة إلى مسقط رأسه حيث زوجته خاتون وكتابه عن قواعد اللغة الكردية، وتمكن من تهريبهم إلى سورية، مستقراً في مدينة عامودا.
انتسب إلى الحزب الشيوعي عام 1948، وعرفته جماهير الجزيرة باسم «رشيد كرد» وكان أول سجين شيوعي في مدينة عامودا إبان ديكتاتورية حسني الزعيم 1949.
احتفت به جريدة السلام التي أصدرتها حركة أنصار السلام كبطل من أبطالها بعد جمعه 11 ألف توقيع على نداء ستوكهولم 1951. عرفته سجون القامشلي ودير الزور وتدمر ودمشق خلال الديكتاتوريات المتعاقبة وما تلاها 1949-1965. وكان واحداً من أبطال سجن المزة العسكري الـ 83 الذين صمدوا حتى نهاية حكم الوحدة.
اعتقل للمرة الأخيرة عندما بدأت حملة لملاحقة الشيوعيين في بداية حكم حزب البعث، ونشرت الصحافة الشيوعية برقية بعث بها السجين الشيوعي رشيد كرد إلى رئيس المجلس الوطني الثوري أمين الحافظ بعنوان «صوت من سجن القامشلي» احتجاجاً على الاعتقالات التعسفية ضد الشيوعيين في منطقة الجزيرة.
بعد عدوان حزيران 1967، بدأ الاجتماع الأوّل لمتطوعي الجيش الشعبي في أرتال حاشدة، وشكّل كلّ ثلاثة شيوعيّين دوريّة، وقاد رشيد كرد جميع دوريات الجيش الشعبي، كما قاد المعارك الطبقية ضد الاقطاع، وأشرف على منظمة عامودا لسنوات طويلة. توفي رشيد كرد بتأثير التعذيب الذي تعرض له في السجون. أرسله الحزب إلى الاتحاد السوفييتي للمعالجة، ولكن آثار الاعتقال كانت أقوى. توفي في مدينة عامودا واعتبر شهيداً للسجون والمعتقلات.
الصحفي واللغوي
بدأ بنشر أولى قصصه وقصائده ومقالاته باللغة الكردية في دمشق وبيروت في مجلات هاوار «الصرخة» وروجا نو «الشمس الجديدة»، كما كان ضمن هيئة تحرير جريدة صوت الفلاح « Dengê cotkar» التي صدرت كجريدة ناطقة باسم المؤتمر الأول لفلاحي الجزيرة 1951.
ترك رشيد كرد تراثاً من القصص والقصائد والمقالات التي نشرها في الصحف السورية، وفي جريدة ريا تازه «الطريق الجديد» في أرمينيا السوفييتية. بالإضافة إلى كتابه «قواعد اللغة الكردية، اللهجة الكرمانجية» المنشور في دمشق 1956.
من أدب السجون
ترك رشيد كرد ديوناً شعرياً باللغة الكردية بعنوان القافلة «Kerwan» صدر لأول مرة في السويد سنة 1991، سافر إلى أرمينيا السوفييتية للاطلاع على الأدب الكردي والإنجازات السوفييتية في هذا المجال، وتعرف على نخبة الكتاب الكرد هناك ونشر قصائده في جريدة ريا تازه السوفييتية.
اخترنا من ديوان القافلة قصيدة كتبها في سجن المزة العسكري في أيلول سنة 1959 بعنوان «السجن، Zindan» التي تعد واحدة من قصائد أدب السجون في سورية:
كالحصن المنيع هذه الزنزانة، المغلقة من أربع جهات، حصنها عدو الشعب، لاستعباد أبناء الشعب، وطني زنزانة كبيرة، لا قانون يحكمه ولا نظام، حولوه إلى جحيم، يهاجم الجلادون بصمت، كما تهاجم الكلاب الشرسة، حطموا جميع المنافذ والأبواب بشراستهم، ساقوا المواطنين الشرفاء كالقطعان، وملأوا كل بقعة استعباداً وظلماً، جعلوا من الخونة مواطنين شرفاء، ومن الأحرار خونة، وها هم يرقصون ويفرحون لفسادهم، حقق الجلاد مبتغاه ومآربه، ها قد توحد الشعب وتكاتف أبناؤه، لم تعد السياط ترهبه ولا صرخات الجلادين.
المراجع:
جريدة في سبيل الأرض والعمل، جريدة منظمة الجزيرة، العدد الثالث، شباط 1968.
جريدة السلام، العدد 20 تاريخ 24 تشرين الثاني 1951.
جريدة نضال الشعب، العدد 15 أوائل شباط 1962، والعدد 52 سنة 1965.
ن.ك.نيفيودوفا، على المبدأ، نضال الحزب الشيوعي السوري من أجل الجبهة الوطنية الموحدة 1936 – 1966، رسالة دكتوراه في التاريخ جامعة الصداقة في موسكو 1970، ترجمة زياد الملا، دار الطليعة الجديدة، دمشق 1992، ص 270.
ريوي، «تاريخ الأدب الكردي»، الجزء الأول، بيروت 1994، ص 87-92.
رشيد الكرد، ديوان القافلة، ستوكهولم، السويد 1991، ص 69 – 70.
رشيد كرد، كتاب قواعد اللغة الكردية، الطبعة الأولى، دمشق 1956.
مجلة مواسم، العدد المزدوج 18-19 سنة 1999، الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس الحزب، ص 166، والعدد المزدوج 7-8 سنة 1995، ذكريات عن رشيد كرد، ص 43-44
مجلة الطليعة، العدد الثاني سنة 1994، نحو الذكرى السبعين لتأسيس الحزب الشيوعي السوري، ص 56-64